يتخوّف الشعب اللبناني من عودة الحرب نتيجة قرار “حزب اللّه” بالمواجهة والتلكّؤ في معالجة ملف السلاح غير الشرعي وعدم ردّه على التحذيرات وآخرها تحذير رئيس الجمهورية جوزاف عون بالأمس. وتعود ذاكرة اللبنانيين إلى مرحلة حرب “الإسناد” في الخريف الماضي حيث هُجّر أكثر من مليون لبناني ودُمّرت مناطق واسعة في الجنوب والبقاع والضاحية.
ولا يوجد أيّ استعدادات لوجستية لمرحلة الحرب، فالبلاد تفتقد إلى أبسط مقوّمات الصمود، لا ملاجئ ولا تجهيزات، حتى “حزب اللّه” لم يعد يملك القدرة المالية على مواجهة الحرب الشرسة وبالكاد يؤمّن المصاريف العادية الضرورية، وكلّ حديثه هو عن تأمين مساكن في حال اندلاع الحرب، لا تكفي لمئات الأشخاص.
ما ميّز الحرب الأخيرة من سابقاتها تحذير تل أبيب المدنيين قبل قصف أي منطقة، واستخدمت هذا الأسلوب طوال الحرب إلّا عندما كانت تريد اغتيال شخصية قيادية من “حزب اللّه”، عندها كانت تقصف من دون إنذار. وما حصل أيضًا في الحرب الأخيرة أن إسرائيل، وبطلب وبضمانة أميركيين، حيّدت مؤسسات الدولة وبناها التحتية عن القصف وذلك عكس حرب “تموز” 2006. وبقي مطار بيروت الدولي والمرافئ تعمل بعدما وضعت الدولة يدها عليهم ومنعت “حزب اللّه” من استخدامها، وكذلك سلمت الطرق الرئيسية والجسور من القصف والتدمير ولم تتعطّل المواصلات داخل الدولة.
ويطرح اليوم السؤال نفسه في حال تجدّدت الحرب كما هو متوقّع، هل ستبقى الدولة محيّدة وهل ستنجح واشنطن في منع تل أبيب من استهداف البنى التحتية وتدمير المؤسسات؟
في أروقة الدولة اللبنانية عمل دؤوب لمنع تكرار الحرب، وحتى لو كانت الإجابة الأميركية عن ورقة الملاحظات اللبنانية غير مطمئنة. وتصاريح رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نواف سلام وحتى رئيس مجلس النواب نبيه برّي تؤكّد عدم الرغبة في الحرب وعدم قدرة لبنان على تحمّل حرب جديدة، خصوصًا أنّ قرى الشريط الحدودي جُرفت، ولم تحصل إعادة إعمار في أي منطقة وهناك آلاف العائلات بلا مساكن.
ومن جهة ثانية، وفي حال وقعت الحرب المشؤومة، هناك تأكيدات للدولة اللبنانية وخصوصًا من سفراء غربيين أنّ مؤسسات الدولة والمدنيين سيبقون محيّدين إذا لم تدخل الدولة وتساند “حزب اللّه” في المغامرة الجديدة. وما حصل في الحرب الماضية وخصوصًا لجهة الضمانات الأميركية بعدم استهداف مرافق الدولة لا يزال ساري المفعول، ولم تتبلّغ الدولة اللبنانية عكس ذلك ولم يحصل أي تغيير.
الآن سركيس – “نداء الوطن”




