اتفاق مالي جديد بين لبنان والبنك الدولي وقّعه وزير المال ياسين جابر مع المدير الإقليمي للبنك يشمل قرضاً بقيمة 250 مليون دولار مخصصا لإعادة إعمار البنى التحتية في المناطق التي تضررت جراء الاعتداءات الإسرائيلية. ياسين أوضح أنّ هذا القرض يعتبر الأول من نوعه على طريق إعادة الإعمار، مشيراً إلى أنّه يأمل أن تكون المساعدات المقبلة على شكل منح وهبات لا قروض، لكنّ ما جرى يُعتبر خطوة تأسيسية أولى عبر إنشاء صندوق لإعادة الإعمار، على أمل أن يصل حجمه إلى نحو مليار دولار. ومن هنا يُطرح السؤال: هل تنطلق فعليًّا عملية إعادة إعمار المناطق المدمرة؟
في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي محمود جباعي: “هذا الاتفاق ذا أهمية للدولة اللبنانية ولأهل الجنوب والمتضررين من الحرب”.
ويُضيف في حديثٍ لجريدة “الأنباء” الإلكترونية: “هذه الخطوة الأولى نحو إعادة الإعمار. فالحكومة في بيانها الوزاري أقرّت إنشاء صندوق لإعادة الإعمار. وهذا المبلغ بعد توقيع وزير المال للقرض مع البنك الدولي هو الأوّل الذي يدخل إلى الصندوق عبارة عن 250 مليون دولار إلى جانب نحو 20 مليون سيقدمها العراق لترميم الضاحية الجنوبية بالإضافة إلى نحو 85 مليون من فرنسا”، شارحاً: “إذا جمعنا هذه الأرقام فإنّ المبلغ في صندوق إعادة الإعمار قد يصل إلى نحو 355 مليون دولار في المرحلة المقبلة وذلك يعتبر بداية جيدة في ظلّ ما يمرّ به البلد وفي ظلّ تأخّر إعادة الإعمار”.
وإذ يلفت إلى أنّ الدولة اليوم باتت قادرة على البدء في إعادة الترميم وإعمار ما يمكن إعماره في المرحلة الأولى وبدء دفع التعويضات للناس خصوصاً في الضاحية وقرى الجنوب البعيدة عن الحافة الأمامية، يقول: “بالطبع هذا المبلغ غير كاف لأنّ التقديرات تشير إلى أنّنا نحتاج إلى نحو 7 مليارات دولار لإعادة الإعمار ولكنها خطوة إيجابية”.
هي خطوة إيجابية إذاً ولها أهمية كبرى بالنسبة للدولة اللبنانية، فإلام يؤشّر ذلك؟
يُجيب جباعي: “هي بداية للانطلاق في مسار إعادة الإعمار وفاتحة خير لأنها تؤشر إلى أنّ المجتمع الدولي بدأ ينفتح على لبنان”، متابعاً: “هذا المبلغ بداية جيدة ونحن قادرون على الاستفادة منه بانتظار باقي المساعدات والمنح. فلبنان موعود بنحو مليار دولار في المرحلة المقبلة إذا سارت الأمور السياسية في البلاد بالشكل المطلوب والتي ستكون على شكل منح ودعم وليس على شكل قروض، وهي تساعد الدولة على أن تزيد قدرتها في ما يخصّ إعادة الإعمار”.
أمّا في ما يتعلّق بانعكاس بدء إعادة الإعمار على الوضع في البلاد وتحديداً على الصعيد الاقتصادي، فيلفت جباعي إلى أنّ إعادة الإعمار هي محرّك للاستثمار والاقتصاد لأنّها تحرك العجلة الاقتصادية في عدّة قطاعات تدخل في صلب هذا الأمر. ويُشير إلى أنّ الأموال التي ستضخ في المرحلة المقبلة تؤثر بشكل مباشر وإيجابي على الناتج المحلي، قائلاً: “نعوّض بعض خسائر الحرب وبالتالي فإنّ هذه الأموال تعوّض بعضاً من الفجوة في الناتج المحلي. ولذلك فإنّها تعتبر بمثابة إنجاز للدولة ووزارة المال على أن تستكمل بوفاق سياسي وتنفيذ كل الإصلاحات المطلوبة ما سنعكس أيضاً على الناس في هذه المناطق والعجلة الاقتصادية فيها وعلى لبنان ككل”.
إذا كان القرض يشكّل الخطوة الأولى فإنّ الأنظار تتجه إلى كيفية إدارة هذا الصندوق واستكماله العمل. والرهان الأكبر يبقى على حسن استثمار هذه الموارد في إعادة الإعمار وتحسين أوضاع المناطق المنكوبة ما يمنح الاقتصاد فرصة للتنفس من جديد.






