أقيم في كنيسة سيدة الحصن – إهدن بمناسبة عيد مولد السيدة العذراء، قداس احتفالي ترأسه خادم رعية إهدن – زغرتا المونسنيور إسطفان فرنجية، وعاونه الكهنة انطونيو دويهي ، وليم المكاري والشماس ادوار فرنجية ، بمشاركة أخوية العذراء، وطلائع الفرسان وحشد من المؤمنين.
بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، كانت عظة للمونسنيور إسطفان فرنجية قال فيها: “اليوم، الكنيسة تحتفل بعيد ميلاد العذراء مريم. مَن هي مريم بالنسبة إلينا؟ إنها أم الله، وأيضًا أم الكنيسة، أي أم جماعة المؤمنين.”
تابع :”فالكنيسة هي أمّنا، والعذراء بالتالي هي أمّنا جميعًا. والأم لا تفرح بشيء أكثر من رؤية أولادها مجتمعين ومتّحدين. فما الفائدة إن قدّمنا لها الزهور بيدٍ، بينما نحن متخاصمون مع إخوتنا وأقربائنا ؟ ما النفع إذا كنا مختلفين على عقار أو موقف سيارة أو على مصالح زائلة؟ كل ذلك بلا معنى. فالإنسان حين يجرح قلب أمّه يحزنها، وكذلك عندما ينقسم المؤمنون يحزنون قلب أمّهم مريم.”
اضاف:”العذراء مريم هي أم الجماعة، هي أم الرعية، وهي أم العائلات. والعائلة هي الكنيسة البيتية، ومنها تتقدّس الكنيسة . فالأب والأم يقدّسان أولادهما بتربيتهما الصالحة. لكننا اليوم نشهد عائلات تتفكّك وبيوتًا تُدمَّر. خراب البيوت والعائلات هو عمل الشرير. المسيح ينبّهنا قائلاً: إن صراعنا ليس مع لحم ودم، بل مع الشيطان الذي يريد أن يهدم العائلة والجماعة والكنيسة.”
واكد انه “علينا أن ننتبه ونصغي إلى كلمة الله، ذلك السراج الذي ينير حياتنا. هذا السراج الذي يتحدث عنه الانجيل هو يسوع. هو الذي يقول ليس خفي الا وسيظهر هو وحده يكشف لنا خطايانا، لأن الإنسان لا يرى خطيئته وضعفه ان لم يكن السراج في حياته. بعض الناس يقولون: لا خطيئة عندي. لكنّ هذا عَمى روحي. فكلنا خطأة، سواء بإهمال أولادنا، أو تقصيرنا في حضور القداس وخدمة الكنيسة، أو في تضييع وقتنا واهمالنا لحياتنا . لذلك لا بدّ من التوبة والرجوع إلى سرّ الاعتراف، حتى نبني جماعتنا بناءً صحيحًا.”
تابع: “يسوع لم يأتِ ليؤسس مؤسسات أو يبني هياكل بشرية، بل دخل إلى البيوت ليُلقي فيها كلمة الله. هذه الكلمة هي الوحي، تكشف لنا حقيقة الله وحقيقة الإنسان. هو قال لنا امشوا في النور ما دام لكم النور لكننا مع الأسف نميل إلى جعل أنفسنا مرجعية، ونعطي النصائح من دون مسؤولية، فتتفتّت العائلات. كثيرون يلجأون اليوم إلى ما يُسمّى (Life Coach)، بينما مرشدنا الوحيد هو المسيح الذي صُلب لأجلنا. ان المشورة او النصيحة التي يعطيها الانسان عليه تحمل مسؤوليتها لأنها قد تدمر أولادا او عائلة او بيت” .
وقال: “نحن لا نسمع لروح العالم وانما لروح المسيح . مرشدنا هو يسوع والمسيح هو الذي يكلّل آلامنا بالرجاء، وهو الذي يعطينا القوة لنحافظ على بيوتنا وعائلاتنا “.
اردف:”مريم التي كانت تعيش في الظل نرى اليوم اليوم اننا نعيش في زمن انكشفت فيه كل خصوصياتنا. الناس شباب وصبايا رجال ونساء تنشر حياتها الخاصة على وسائل التواصل، حتى لم يعد هناك ما هو سري وغابت الخصوصية . كل هذا غرور باطل، لأننا نحن تراب . قال يوسف بك كرم انا تراب. فلنفكّر بخلاص نفوسنا، لا بمظاهر زائلة.”
وقال :”علينا أن نربّي أولادنا تربية صحيحة. التربية اليوم صعبة، لكن لا بدّ منها. فالجيل الناشئ يعيش تحت ضغط التكنولوجيا، ولا يفكّر إلا بما يراه من حوله. لذلك نطلب من مريم أن تساندنا، ومن يسوع أن يكون حاضرًا في حياتنا، لأنه كما يقول القديس بولس: (أنا قوي بالذي يقوّيني). لا نستطيع أن نسير في هذا العالم وحدنا ونكون بالفعل مسيحيين بل نحتاج أن تكون يد يسوع ومريم والقديسين معنا.”
ختم المونسنيور فرنجية:”اليوم نرفع هذه الذبيحة الإلهية كما كل سنة عن راحة نفس الشيخ فايز معوّض، الذي ساهم مع عائلته ومؤسسته في بناء هذه الكنيسة الجميلة التي تجمعنا حول كلمة الله والقربان المقدس. الكنيسة اليوم تذكّرنا أيضًا بقديسين شابين: كارلو أكوتيس، وبيتر وفيتّوريو (فينتورا)، لتقول لنا إن القداسة ممكنة، وهي بمتناول الجميع وهي دعوة موجهة إلى جميع الشباب والشابات والصغار. فلنصلِّ جميعًا كي نكون عائلة يسوع ومريم، عائلة متصالحة وموحّدة، تنبذ الكبرياء، وتختار المصالحة والمحبة. ونصلي ونذكر كل من له تعب علينا آباؤنا وأمهاتنا خاصة اذا كنا مسببين لهم الزعل بسبب خلافاتنا كأخوة، التواضع جميل والمصالحة واجب ولا علاقة لها بالكرامة مع اخوتك. يقول مار بولس لا تبادلوا الشر بالشر. اذكر كل عائلاتنا وأخص بالشكر الشيخ روبير معوض وعائلته الذين يهتمون بمتابعة اعمال المرحوم الشيخ فايز معوض الذي بنى هذه الكنيسة . هذه العائلة المباركة التي كرّمت مريم ولا تزال. وكل عام وأنتم بخير، وعائلاتنا بخير، وزغرتا بخير.”
وسبق القداس مسيرة صلاة انطلقت من ساحة مار بطرس وتمثال العذراء مريم محمولاً على الأكف وصولًا إلى الكنيسة، تخللتها محطات صلاة وتأمل.






