ذكر موقع “Foundation for Defense of Democracies” الأميركيّ أنّه “قد لا يكون حزب الله قادرًا على العمل بكامل طاقته في سوريا بعد سقوط نظام بشّار الأسد، لكنّه لا يزال يسعى إلى الاستفادة من حالة عدم الاستقرار في البلاد، إلى جانب جماعاتٍ مسلّحةٍ أخرى”. وأشار إلى أنّ الحزب “لا يزال يستخدم سوريا ممرّاً لتسليح عناصره في لبنان”، لافتًا إلى أنّ “مسؤولًا سوريًّا أكّد بقاء بقايا من حزب الله تعمل في القنيطرة، بالقرب من الحدود الإسرائيليّة”.
ووفق الموقع، “في 29 أيلول، زعمت وزارة الداخليّة السوريّة أنّ السلطات ضبطت 200 صاروخ غراد في مستودعٍ بمدينة القصير، في ريف حمص الغربي”. وذكّر بأنّ القصير “كانت تعدّ قاعدةً استراتيجيّةً للحزب خلال الحرب الأهليّة السوريّة لقربها من الحدود اللبنانيّة، واستخدامها في تهريب الأسلحة”. وأضاف أنّه “على الرغم من مغادرة الحزب المنطقة بعد سقوط نظام الأسد، فإنّ إيران ووكلاءها يواصلون استغلال الحدود السوريّة لإعادة بناء ترسانة الحزب بهدوء، بعد الخسائر الفادحة التي تكبّدها في حربه مع إسرائيل”.
وتابع أنّ “السلطات السوريّة أحبطت عشرات محاولات تهريب أسلحةٍ متنوّعةٍ إلى حزب الله عبر طرقٍ تقليديّة، إلّا أنّها تفتقر إلى القدرة على منع كلّ المحاولات، في ظلّ إنهاك الأجهزة الأمنيّة، ومحاولة دمشق الحفاظ على النظام في مناطق سيطرتها”. وعلى “الجانب الآخر من الحدود”، قال الموقع إنّ “القوّات المسلّحة اللبنانيّة أبدت تردّدًا في اتخاذ أيّ إجراء، ولا دليل يذكر على مصادرة أسلحةٍ عند عبورها إلى الأراضي اللبنانيّة”.
وأردف أنّه “منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأوّل 2024، غرق جنوب سوريا، بما في ذلك القنيطرة، في فوضى، بالرغم من – أو بسبب – جهود دمشق لفرض سيطرتها الكاملة”. ووفق الرواية نفسها، “سمح عدم الاستقرار بظهور فصائل مسلّحةٍ مستقلّة، أبرزها المقاومة الإسلاميّة في سوريا، المرتبطة بما يسمّى “محور المقاومة”، والمتحالفة مع فلول أجهزة الأسد الأمنيّة”. وأشار إلى حوادث اعتقالٍ إسرائيليةٍ وسوريّةٍ لعناصر من فرقٍ محسوبةٍ على إيران وحزب الله خلال أيلول.
كما ذكر الموقع أنّ “الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا”، وأنّ “دمشق وتلّ أبيب تتفاوضان على اتّفاقيّةٍ أمنيّةٍ بوساطةٍ أميركيّة تتمحور حول العودة إلى خطّة فكّ الاشتباك للعام 1974″، داعيًا واشنطن إلى “الضغط لتوقيع الاتّفاق”، وحضّ “الرئيس أحمد الشرع” على “التعاون الكامل مع إسرائيل لتحييد التهديدات جنوبًا”، مع التشديد أيضًا على “تشديد شروط المساعدات للبنان إذا استمرّ التردّد في وقف نقل الأسلحة”.
قراءةٌ أخرى من “يو بي آي”: أزمةٌ وجوديّةٌ وتوازناتٌ متحوّلة
إلى ذلك، ذكر موقع “United Press International (UPI)” الأميركيّ أنّ “حزب الله، الذي خرج ضعيفًا إلى حدٍّ كبيرٍ من حربٍ مدمّرةٍ مع إسرائيل، يواجه الآن أزمةً وجوديّةً وسط تغيّراتٍ جذريّةٍ تهزّ الشرق الأوسط، وحليفه الرئيس إيران”. وأوضح أنّه “بعد عامٍ على الحملة العسكريّة الإسرائيليّة التي جمعت بين ضرباتٍ جوّيةٍ كثيفةٍ واغتيالاتٍ وتوغّلٍ برّيٍّ محدود، أعاد الحزب تأكيد موقفه المتحدّي، معلنًا استعادة عافيته وإعادة هيكلة قدراته وقيادته، ومصرًّا على أنّه لن يتخلّى عن سلاحه”.
ويضيف التقرير أنّ “إسرائيل تدّعي تدمير 70% إلى 80% من قدرات الحزب الصاروخيّة”، في حين يرى خبراءٌ عسكريّون أنّ “فتح جبهة الدعم لغزّة في 8 تشرين الأوّل 2023، كان خطًا استراتيجيًّا أفقد الحزب جزءًا من قوّته الرادعة”، محذّرين من “مخاطر اندلاع حربٍ أخرى إذا رفض نزع السلاح بالكامل”. ونقل الموقع عن هلال خشّان، أستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت، قوله إنّ “الحزب لم يتعلّم الدروس كما ينبغي”، معتبرًا أنّه “يراهن على تحوّلٍ ميدانيٍّ يرجّح الكفّة لمصلحته”.
ولفت التقرير إلى “دعمٍ إيرانيٍّ متجدّد”، شمل زيارة علي لاريجاني إلى بيروت للمشاركة في مراسم إحياء ذكرى اغتيال الأمين العامّ السابق للحزب حسن نصر الله وخليفته المعيّن هاشم صفيّ الدين. وبرأي خشّان، “زاد ذلك شعور الحزب بأنّه غير وحيد”. وأشار التقرير إلى أنّ “إيران بدورها تعيد بناء مواقع لإنتاج الصواريخ بعد ضربات حزيران”، لكنّه تساءل عن “قدرة الحزب الفعليّة على الإطلاق في ظلّ الاختراق الاستخباراتيّ”.
وأضاف الموقع أنّ “إسرائيل قد تحوّل كامل اهتمامها إلى لبنان مع اقتراب نهاية حرب غزّة، وفق خطّة سلامٍ أعلنها الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب”، وأنّها “لم توقف هجماتها كليًّا منذ وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024″، مع الإشارة إلى “سقوط نحو 300 قتيل، بينهم عناصرٌ من الحزب ومدنيّون”. كما تحدّث عن “رفض إسرائيل الانسحاب من خمسة مواقع استراتيجيّةٍ في الجنوب، وعدم الإفراج عن أسرى”، وهذا ما يُبقي، وفق السرديّة المطروحة، “أسباب تمسّك الحزب بسلاحه”.
ونقل التقرير عن ديفيد وود، المحلّل في “مجموعة الأزمات الدوليّة”، أنّه “من غير المرجّح أن تقيّد واشنطن عمليّات إسرائيل العسكريّة إذا قرّرت توسيعها ضدّ الحزب”، مرجّحًا صعوبة “إعادة بناء القدرات بعد قطع خطّ الإمداد عبر سوريا في أعقاب الإطاحة بالأسد”، ومشيرًا إلى “قرارٍ واضحٍ للحكومة اللبنانيّة باحتكار السلاح”. وخلص إلى أنّ “المشهد الذي ازدهر فيه الحزب سابقًا تغيّر جذريًّا، وهو ما يفرض عليه مواجهة ضغوطٍ داخليّةٍ وإقليميّةٍ تعيد تشكيل مساره”، في الوقت الذي تعاني فيه إيران “اختبارًا قاسيًا لاستراتيجيّتها الدفاعيّة ومحورها”.






