سوريا: مؤشرات على إعادة انتشار خلايا “داعش” في الجنوب

0
55

يحفز الفراغ الأمني في الجنوب السوري رغبة تنظيم الدولة “داعش” على العودة مجدداً إلى معاقله السابقة، خصوصاً في وادي اليرموك، بحسب مصادر متابعة، ويظهر أن اختيار التنظيم محافظة درعا يحمل رمزية كبيرة بسبب جغرافية المحافظة الحدودية مع الجولان السوري، وهي فرصة للتنظيم ليعاود العمل على تهديد الأمن الإقليمي.

وسبق أن أعلن التنظيم عن عدد من عملياته ضد القوى السورية الجديدة في ما يسميه “ولاية الشام – حوران”، أبرزها استهداف سبعة من عناصر الجيش السوري بتفجير في بادية السويداء، وتفجير آلية تابعة لجيش سوريا الحرة المندمج ضمن الجيش السوري بمنطقة تلول الصفا. 

انفلات أمني كبير

ومنذ تسوية عام 2018 مع النظام السابق في درعا، كانت خلايا “داعش” هي المسبِّب الأكبر للاغتيالات التي لا تزال مستمرة حتى الآن، في ظل عودة بعض خلايا التنظيم إلى النشاط مجدداً، بحسب حديث الناطق باسم تجمع أحرار حوران عامر الحوراني لـ”المدن”.

وفي ظل الملاحقات والعمليات الكبيرة التي قامت بها وزارة الداخلية في الجنوب ضد بقايا التنظيم، تفككت مجموعات عديدة وتم إلقاء القبض على عناصر وفاعلين ضمن التنظيم ما سهّل من عمليات لاحقة استهدفت الخلايا الداعشية وصولاً إلى تفكيكها أيضاً، وفقاً للحوراني.

ويكشف الحوراني أن عودة نشاط عمليات الاغتيال وتصاعدها تدريجياً تشير إلى عودة مماثلة لخلايا الاغتيالات التي قد يتبع قسم كبير منها لـ”داعش” ولفلول النظام البائد ذات الصلة الوثيقة بالتنظيم، ويبدو أن هذه الخلايا تعمل بسرية كبيرة دون وجود أي مقار معلنة لها خلافاً لما كان الوضع عليه في السابق، ويشير إلى أن التوجه العام لأهالي المحافظة يحمّل قيادة الأمن العام بدرعا مسؤولية الانفلات الأمني ويطالبون بضبط أكبر للمنطقة.

جهود حكومية كبيرة

ومنذ معركة حلب التي شنتها الفصائل ضمن عملية “ردع العدوان” عاود التنظيم اهتمامه بالشأن السوري، ودأبت صحيفة “النبأ” الأسبوعية التابعة للتنظيم على نشر افتتاحيات تهاجم الدولة السورية الجديدة ورئيسها أحمد الشرع، واصفةً ما يحدث بتدجين جهاديين سابقين نعتتهم بـ”الصحوات” و”المرتدين” لتخديم مصالح واشنطن في المنطقة، ما يشكل مؤشراً خطيراً على أن التنظيم يتجه نحو تكثيف عمليات أمنية خاطفة تستهدف عناصر وقيادات الدولة الجديدة.

إلى ذلك، تتعامل الجهات الأمنية والاستخباراتية السورية في مكافحة تمدد خلايا التنظيم سواء في الجنوب أو الريف الدمشقي، وفق تكتيكات جديدة مَكّنتها من تحييد مجموعات عديدة، وتقوم هذه التكتيكات بحسب مصدر استخباراتي عامل بريف دمشق لـ”المدن” على عدم إعلان العمليات ضد التنظيم ريثما يتم الاستفادة من العناصر الداعشية المحتجزة وجمع أكبر قدر من المعلومات الممكنة.

وأشار المصدر إلى خطورة هذا الملف على الدولة السورية بشكل عام، كون التنظيم يلجأ إلى إحداث تبدلات على نطاق الاستراتيجية، فهو يعمل بشكل غير معلن وتتنقل عناصره في المناطق ذات الفجوات الأمنية وهو ما تم في أحداث الساحل والسويداء فيما بعد، حيث استغل التنظيم حالة الفوضى للوصول إلى المحافظة وإعلان بعض العمليات الإرهابية ضد عناصر الأمن التابعين لوزارة الداخلية.

توجه استراتيجي جديد

وينطلق تمدد خلايا تنظيم الدولة في الجنوب السوري من تفاعل معقّد بين الجغرافيا التاريخية لوادي اليرموك، الذي شكل سابقاً أحد معاقل التنظيم الرئيسية، وبين حالة إعادة البناء الأمنية والسياسية التي تشهدها المنطقة بعد سقوط النظام. 

ويلاحظ الباحث عرابي عرابي خلال حديث لـ”المدن” أن التنظيم لا يسعى للسيطرة على الأرض كما في السابق، بل تحوّل إلى بنية شبكية مرنة تعتمد على الخلايا الصغيرة وحرب الاغتيالات والكمائن.

ومع أن عرابي لا يقرأ مؤشرات حقيقية على إعادة الانتشار جنوباً بشكل فعلي إلا أنه يُحذّر من أن إعادة الانتشار لو حدثت فستعكس توجهاً استراتيجياً في مناطق يمكن التحرك فيها بمرونة عالية بهدف تأكيد الوجود واستعادة الزخم الإعلامي، نظراً لأن المنطقة الجنوبية تمنح التنظيم هامش حركة وبيئة اجتماعية سبق أن تفاعل معها، ما يسهل إعادة بناء شبكات الدعم أو التمويه.

ويلفت إلى أن أولويات التنظيم تغيرت منذ سقوط النظام إلى “إدارة الهجمات” واستغلالها إعلامياً، فبات يركّز على الضربات النوعية في الشرق والابتزاز المحلي، ويتبنّى خطاباً دعائياً أكثر عنفاً تجاه الحكومة الجديدة، مما يوحي بإمكانية استهدافها مستقبلاً. 

ومع أن نشاط التنظيم يتركز حالياً في مناطق “قسد” شرقي الفرات، فإن التمدد نحو الجنوب يشير إلى رغبة في استعادة التوازن العملياتي وفرض الحضور في مشهد سوري متغير، حيث قد يتحوّل الجنوب مرة أخرى إلى بؤرة توتر أمني متقدم، وفقاً لحديث عرابي.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا