أطل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل في مؤتمر صحافي عقده في مركز الحزب ببيت الكتائب في الصيفي، موضحًا موقفه المفصّل من قانون انتخاب المغتربين والقرار المتعلق بتخصيص ستة مقاعد لهم، ومؤكِّدًا أن الكتلة التي يمثّلها ستواصل «المعركة» بمختلف الساحات — مجلسي الوزراء والنواب وربما الشارع — حتى تحقيق هدفها.
افتتح الجميّل عرضه بالقول إنّ «خلاصة الموضوع أن كل الكتل استفاقت الآن على هذا الملف فيما نحن نصرخ منذ سبع سنوات»، مذكّرًا بأنّ الكتائب قدّمت «عريضة مشتركة وقعها 67 نائبًا لإدراج القانون في الجلسة التي انعقدت في المرة الماضية، وللأسف لم يوضع على جدول الأعمال، مما أدى إلى خروجنا من الجلسة اعتراضًا على الموضوع». وكرر أن إرادة النواب الـ67 واضحة وأن «إرادة الشعب تتجسد بـ67 نائبًا يقولون بوضوح أنهم يريدون إلغاء الـ6 نواب وتبني الـ128».
الجميّل شرح موقفه من تخصيص ستة مقاعد للمغتربين بأنه شكل من أشكال «العزل» و«الفصل» بين المغترب وبلده: «اعترضنا من اللحظة الأولى لأنّه عزل للاغتراب وفصل المغترب عن لبنان وأرضه وبيته، بدلًا من ربطه بأرضه وقريته. نحن نفصله وندعوه لينتخب 6 نواب في الخارج مع العلم أنهم لن يشاركوا في التشريع والعمل السياسي في لبنان». وأضاف أن هذا التخصيص «يحدّ من تأثير الاغتراب»، مؤكّدًا أن هدف الكتائب أن «يؤثر الاغتراب في الـ128 مقعدًا، لأن عندما نخصص 6 نواب نكون حصرنا الاغتراب».
وتطرّق إلى تجارب سابقة لاقتراع المغتربين قائلاً إنّ «في أول انتخابات شارك عدد قليل — 30 ألفًا، وفي الانتخابات الثانية باتوا 130 ألفًا لأن اللبنانيين بدأوا يثقون، وهذه المرة سيكون العدد أكبر. نحن نتكلم عن ملايين اللبنانيين ليصوتوا في الانتخابات المقبلة». واعتبر أن الاغتراب ليس مطلوبًا «ليرسل المال بل ليقرر مصير البلد»، لأن «المغترب ضحية الكوارث والسياسيين، ولم نعرف أن ندير بلدنا بشكل صحيح، وهم لا يتأثرون بالترهيب والترغيب، وصوت هؤلاء صوت حر هدفه شيء واحد مصلحة لبنان».
في ما يخص المسار التشريعي، قال الجميّل إنّهم «في 18 تشرين الثاني 2018 قدموا اقتراح قانون لإلغاء المقاعد الستة والسماح للمغتربين بانتخاب الـ128 نائبًا، ومنذ ست سنوات القانون في الجَرّور ولا أحد يطالب بإقراره وكنا الصوت الصارخ في البرية». وعزا تعثّر المساعي الحكومية إلى عدم تحرّك مجلس الوزراء بالرغم من وجود مبادرة: «بمناسبة أخرى طرح الموضوع في مجلس الوزراء وطالب وزير العدل بصدور مشروع قانون يؤكد على إلغاء الـ6 نواب وتبني 128، لكن للأسف لم يمشِ مجلس الوزراء بالموضوع، مما أدى إلى اشتباك وانسحاب الوزير عادل نصار من الجلسة لأن الوزير والكتائب مقتنعون بتحويل مشروع قانون من الحكومة، وهذا كان يجب أن يحصل منذ شهرين».
وأضاف أن إشكال التطبيق القانوني للمقترح قائم: «اليوم لا أحد قادر أن يقول على أي أساس سيحصل التصويت. فإن طُبّق الـ6 نواب الحكومة تقول لا تعرف كيفية تطبيقه لأنه بحاجة لتشريع للبت بتفصيله، ولا يمكن الانتخاب لل128 لأنه يحتاج لتعديل القانون. ولمن يعتقد أنهم يريدون الاتيان بالمغتربين لينتخبوا هنا فهذا ضد القانون». ورغم ذلك شدد على أن «في مجلس الوزراء أكثرية في هذا الاتجاه وكذلك في مجلس النواب»، وأنهم يتابعون «عملهم ومطالباتهم واجتمعوا مع فخامة الرئيس ودولة الرئيس سلام ويتواصلون مع كل القوى والكتل النيابية للدفع بإقرار مشروع قانون في الحكومة وإرساله إلى مجلس النواب».
وحذّر الجميّل من أن «المهل قد تخسرنا القدرة على التصويت»، لذا توصل إلى «قناعة أنّ من الضروري أن يتسجل كل المغتربين على اللوائح الاغترابية بأي شكل». ووجّه نداءً مباشراً للمغتربين: «أعطوني ضمانة بعدم المس بحق المغتربين ولا شيء نخسره بالتسجيل، من هنا أدعوهم للتسجيل عبر الموقع أو الذهاب إلى القنصليات أو السفارات. وفي هذا الوقت سنواصل معركتنا إلى النهاية. إنما الأسوأ أن نربح المعركة ولم يتسجل أحد اليوم. نريد أن يرتفع الرقم ونصل إلى أرقام أعلى، وهم يريدون ترك الغموض بعملية تصويت المغتربين لكي لا يتحمسوا ونحن نريد القيام بردة فعل عكسية».
وأضاف أنه «ندعو كل الأقسام الكتائبية في الاغتراب إلى أن تتنشّط لتشجيع كل الكتائبيين والمغتربين للتسجيل على لوائح الشطب لنخوض المعركة ونغيّر وجه لبنان». وأكّد ثقته بوزارة الخارجية لقيامها بعملٍ أفضل من المرة الماضية في اختيار مراكز الاقتراع، معربًا عن «ثقة بأن الوزير سيقوم بعمله بشكل صحيح».
الجميّل عاد ليؤكد البعد الأخلاقي والسياسي لقضيّة التسجيل والتمثيل: «الموضوع ليس مسايرة بتعيين موظف، بل متعلق بمصير مئات آلاف الناس. ولولاهم لما وقف لبنان على رجليه. فهم ثروتنا ولا نلعب بهذه الأمور». ودعا فخامة الرئيس ورئيس الحكومة إلى عدم المسايرة: «نراعي بعضنا لكن هذا إقصاء بحق مئات الآلاف من اللبنانيين بالمشاركة في تقرير مصير بلدهم، وهذا تعدٍ على حقوق الآخرين. الحرية تقف عندما تبدأ حرية الآخر. حريتك تقف عندما تبدأ بالمس بحرية الآخرين، وأنتم تمسون بحرية الآخرين وتتعدون على حقوقهم. لذلك أتمنى على الرئيسين بعدم المسايرة بموضوع له علاقة بمئات آلاف الناس. هذا ليس تفصيلًا في الحياة السياسية».
وبخُتامه، كرّر أن «لا يمكن لأقلية أن تتحكم بالأكثرية. الأقلية تطلب إقصاء مئات الآلاف من اللبنانيين الذي من حقهم تقرير مصير بلدهم، والأكثرية تقول من حقهم أن يقرروا مصير بلدهم وهم لا دخل لهم بأنكم دمرتم البلد. بأي حق نسحب حق أناس لأنهم ضد رأيك السياسي؟ وهل تلغي حقهم بالمشاركة السياسية بالبلد؟» ووجّه تحذيرًا ضمّنَه تَحقيق الاستراتيجية: «يمكن أن تحصل حرب أو يتغير القانون أو تتأجل الانتخابات وربما لا يحصل شيء، لكن ما لا يمكن تغييره هو استراتيجيتنا. نحن بحاجة ليشارك الاغتراب في معركتنا والمهم أن نقوم بعملنا ونتسجل كي لا نريح أخصامنا إذ إن عدم التسجيل يريحهم من ثقل انتخابي. بدأنا المعركة منذ سبع سنوات وسنكمل بها بأقصى قوتنا ونمد يدنا لشركائنا لنخوضها معًا وهي تعني كل لبنان. ومن يريد مصلحة البلد لا بد أن يضع يده بيدنا ومن يعرقل سيقول له الرئيسان: توقف».
المؤتمر الصحافي ختم بدعوة واضحة للانخراط الفعلي: «نحن بأمس الحاجة لهذه الأصوات… نريد هؤلاء أن يكونوا الأكثرية الكاسحة في مجلس النواب، وأنتم القوة الضاربة التي تقلب المعادلات. تسجلوا وكونوا شركاء لإنقاذ لبنان من الكبوة التي أوقعوه فيها على مدى عشرات السنين».






