جلسة حكومية تخطّت الألغام في ملفي حصر السلاح وقانون الانتخاب

0
31

ما لبث حزب الله أن أعلن في كتابه المفتوح إلى رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة عن رفضه للتفاوض السياسي مع إسرائيل، حتى جاءه الرَّد الاسرائيلي بالنار، بسلسلة غارات شنت على قرى جنوب نهر الليطاني. 

مشهد العدوان الإسرائيلي الواسع أعاد إلى الأذهان صورة الحرب قبل عام، عندما كانت إنذارات المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي تسبق أي هجوم بذريعة وجود “سكان المباني المحدّدة بالأحمر قرب مبنىً يستخدمه حزب الله”. لكن المفارقة اليوم أن اسرائيل كانت تشنّ عدواناً هو الأوسع منذ أشهر تزامناً مع استماع مجلس الوزراء إلى عرض قائد الجيش رودولف هيكل لتقرير الجيش الشهري الثاني حول خطة حصر السلاح. 

ووفق معلومات “المدن”، فإن الجيش رفع عديده في منطقة جنوب الليطاني من حوالى ستة آلاف عنصر قبيل الحرب إلى حوالى تسعة آلاف عنصر اليوم، وذلك إنفاذاً لمهام تعزيز الانتشار على الحدود والمراكز والثكنات بعناصر إضافيين للقيام بمهام التفتيش وتسيير دوريات وتنفيذ عمليات تفكيك مخازن الأسلحة. 

التقرير الشهري: تقدّم رغم التحديات

بالخرائط والصور عرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل التقرير الشهري الثاني لخطة الجيش حول حصر السلاح في مرحلتها الأولى جنوبي الليطاني. وحصيلة الخطة منذ بدئها حتى اليوم فنّدها على النحو الآتي: 

  • عدد الحواجز الثابتة للجيش اللبناني في المنطقة الواقعة جنوب الليطاني، بلغ ثلاثين، فضلاً عن الحواجز الظرفية المتنقلة يومياً. 
  • منذ بدء الخطة، بلغ عدد العمليات التي نفذها الجيش بالتنسيق مع اليونيفل، 1648، أما العمليات المنفردة فقد بلغ عددها حوالى الـ 4260. وحتى اليوم، وضع الجيش اللبناني يده على 53 منصة صواريخ وعلى حوالى 8000 قطعة ذخيرة غير متفجّرة. أما بالنسبة إلى الأنفاق التي فُكّكت، فقد ارتفع عددها خلال شهر من 7 تقريباً الى 25 نفقاً، والجيش يمتلك معلومات وإحداثيات عن 27 نفقاً آخرَ سيجري تفكيكها في المرحلة المقبلة. 

قائد الجيش خلال عرضه نفى المزاعم الإسرائيلية عن إعادة بناء حزب الله لقدراته، مؤكداً أن كل المنشآت التي كانت تابعة للحزب باتت إما تحت سيطرة الجيش، وإما بات الوصول إليها مستحيلاً بفعل تنفيذ الخطة، آملاً في الانتهاء من المرحلة الأولى لخطة حصرية السلاح مع نهاية العام كما كان مقرراً.

وفي هذا السياق، لم تخل الجلسة من النقاشات في أكثر من نقطة  من دون أن تصل إلى حد التشنّج بما خص مسألة السلاح. فعلى سبيل المثال، اقترح العماد هيكل تجميد خطة حصر السلاح من باب الضغط على اسرائيل التي تواصل عدوانها، وهو الأمر الذي أثار امتعاض عدد من الوزراء من دون أن يأخذ حيزاً من النقاش. وفي جانب آخر من النقاش، طالب وزراء القوات اللبنانية الحكومة باتخاذ موقف صارم من كتاب حزب الله الموجّه إلى الرؤساء الثلاثة لناحية المفردات المستخدمة مثل “القرار المتسرع للحكومة حول حصرية السلاح…الخطيئة الحكومية…. التورط والانزلاق نحو فخاخ تفاوضية…لكن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حسمها آخذاً الرد على عاتقه بصفته ممثلاً للحكومة.

قانون الانتخاب: كرة النار إلى المجلس

على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء أدرجت ثلاثة اقتراحات قوانين متعلقة بالانتخابات النيابية، ولا سيما اقتراع المنتشرين. الأول ينص على منح اللبنانيين المقيمين خارج لبنان حق الاقتراع في الخارج للمرشحين وذلك في دوائر قيدهم في لبنان. والثاني نص على اعتماد القانون الساري المفعول، ووضع مشروع قانون يعالج الثغرات والشوائب في القانون الحالي. وأما الثالث فقد نص على اقتراح مشروع قانون بصرف النظر عن الاقتراع في الخارج، فيمكن عندها لغير المقيمين الاقتراع في دوائر قيدهم في لبنان، وذلك بالتوافق السياسي حول هذا الأمر.

النقاش ووفق مصادر وزارية كان حادّاً من دون أن يصل إلى حد الإنسحاب أو الكباش، لكن كلّ فريق ظلّ متمسكاً بموقفه. فوزراء الثنائي وفق وزير العمل محمد حيدر لـ”المدن” يعتبرون أن إجراء الانتخابات في مواعيدها هو أمر مقدّس، وكذلك هو حق المغترب في إيصال صوته. ويضيف حيدر أنهم كفريق سياسي مصرّون على إجراء الانتخابات، لكن المشكلة هي في عدم المساواة بين المرشحين والناخبين من كلّ الأطراف، وعدم تكافؤ الفرص في ما بينهم. 

خلال النقاشات، جدّد وزراء الثنائي موقفهم المعلن بالتأكيد أنَّ العقوبات المفروضة على حزب الله، والتضييق الحاصل على مؤيديه، لن يسمحوا للنواب والناشطين بالقيام بحملات في الخارج. كما أن ناخبي الثنائي سيتعرضون للمضايقات، وبالتالي فلا بد من تطبيق القانون النافذ؛ أي باعتماد الدائرة 16. لكن وجهة النظر هذه قابلتها أخرى متمسكة بإعطاء المغتربين الحق بالتصويت للـ 128، مع إصرار عدد من الوزراء ولا سيما القوات على إلغاء الستة مقاعد للاغتراب على قاعدة أن التعليق في كل مرّة سيدخل اللبنانيين في الدوامة نفسها. وفي حل وسطي طرح رئيس الحكومة تعليق المادة 112 من قانون الانتخاب، والتي خصّصت ستة مقاعد للمغتربين، فعرض الموضوع على التصويت، واعتُمدت صيغة تعليق المادة 112؛ أي اعتماد الصيغة التي عمل بها في دورتي الـ 2018 والـ 2022 بـِ 22 صوتاً (في غياب الوزيرين ريما كرامي وغسان سلامة بداعي السفر( مقابل 5 ضد (وزراء أمل-حزب الله وفادي مكة). 

وفي الوقت الذي طالب فيه وزراء بتمديد مهلة التسجيل حتى نهاية كانون الثاني، اتُّفق على تمديدها حتى نهاية كانون الأول حتى تتمكن وزارة الداخلية من إجراء الانتخابات في موعدها، هذا فضلاً عن الموافقة على اعتماد الميغاسنتر عبر التسجيل المسبق. 

في حال ارتضت الحكومة لنفسها التشريع لتأمين الحد الأدنى من الديمقراطية، وفق مصادر وزارية، فإنها تكون بذلك قد برأت ذمتها حيال المنتشرين، لكن ما هو واضح أن كرة النار هذه لن تنطفئ بنتيجة القرار الحكومي. فاليوم تعليق المادة 112 لن يكون له مفاعيل إذا لم يُقرّ في المجلس النيابي. فهل سيدعو الرئيس بري إلى جلسة تشريعية بهذا الخصوص؟ وإذا لم يدعُ على الرغم من وجود صيغة واحدة متّفق عليها بأكثرية حكومية، فماذا سيكون موقف الذين قاطعوا بالأمس جلسات التشريع بسبب غياب قانون الانتخاب عن جدول أعمالها؟

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا