قال البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد من بكركي: “يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا، وأوجّه تحيّة خاصة إلى وفد أوكرانيا وعلى رأسه السفير وعقيلته الحاضرين معنا اليوم، ونصلّي معًا من أجل السلام في أوكرانيا، أرضٍ عانت الحرب والدمار، وتهجير الأبرياء، وسقوط الضحايا، لكي يُشرق عليهم فجر الرجاء من جديد، ويُرفع عنهم سلاح الظلم، وليُبدّد الربّ ظلمة الكراهية بنوره، والعداوة بالمصالحة. أوكرانيا التي تدفع اليوم ثمن الحرب، تُذكّرنا بواجب الكنيسة الدائم في الدعوة إلى السلام والعدالة، وتذكّر كلّ الشعوب أن لا مستقبل لأيّ أمة تُبنى على الكراهية والعنف، وأنّ كل انتصارٍ لا يصونه الحقّ، سرعان ما يتحوّل إلى هزيمةٍ في الضمير. وأوجّه أيضًا تحيّة خاصّة لعائلة المرحوم عواد أبي عاد، الذي ودّعناه منذ ثلاثة أيّام مع زوجته وأبنائه وابنته وعائلاتهم. نذكره في هذه الذبيحة الإلهيّة، مصلّين لراحة نفسه وعزاء أسرته”.
واضاف الراعي “يعيش لبنان اليوم جدالًا عميقًا حول هويته وقيمه واتجاهه ومصيره. فيما تتنازع المصالح، وتُغلق الأبواب أمام الحوار، يقف المسيح في قلب وطننا، كما وقف في رواق الهيكل، ينادي الضمائر لتسمع صوته وتتبعه. لبنان اليوم بأمسّ الحاجة إلى من يسمع صوت الحقّ والحقيقة، وإلى من يضع المصلحة العامة فوق مصالحه الخاصة. إنّ ما يعانيه شعبنا من أزمة اقتصادية خانقة، ومن تفكّكٍ في المؤسسات، ومن فوضى في المسؤوليات، ليست قدرًا بل هو نتيجة خيارات بشريّة غابت عنها الأمانة الوطنيّة”.
وتابع: “من يحبّ لبنان حقًا، تشهد له أعماله. ومن يؤمن بالديمقراطية، لا يكتفي بالكلام عنها، بل يفتح الأبواب أمام كل لبناني للمشاركة الكاملة. ومن يدّعي خدمة الشعب، لا يقصي عنها كل اللبنانيين أو بعضهم عن المشاركة الكاملة فيها. لا خلاص للوطن بالخطابات، بل بأعمال الإيمان والمواطنة الصادقة. وكل مسؤولٍ عندنا مدعوّ لأن يسأل نفسه: هل تشهد أعمالي لي أمام الله وأمام الناس؟ هل أنا أمين على الأمانة التي أُعطيت لي؟ هل أبني الوطن أم أزيد انقسامه؟”.
واشار الراعي الى “أنّ أحد تجديد البيعة هو أيضًا أحد تجديد الضمير الوطني، هو دعوة لكل مسؤول، ولكل مواطن، إلى تجديد انتمائه للبنان، إلى تجديد التزامه بالحقّ، إلى إعادة بناء ثقته بنفسه وبوطنه. وما من طريقٍ لبناء الدولة إلا طريق الصدق والعدالة. فمن يضع الإيمان موضع المصلحة، يبني وطنًا ثابتًا، ومن يستعمل الدين أو السياسة لأغراضه الخاصة، يهدم الهيكل الذي يعيش فيه. تجديد البيعة هو تنقية قلب الإنسان ليكون سكنى الله، وتنقية الضمائر من أجل سماع الحقيقة من كلام الله. ما يعاني منه الشعب عندنا هو ضياع الحقيقة أو تشويهها أو تحريفها أو إخفاؤها، الأمر الذي يضيّع الرأي العام. فلا بدّ من تنقية الضمائر لكي يسمع الإنسان والجماعة صوت الله، صوت الحقيقة”.
ولفت الى أنّ “ما شاع في هذه الأيام عن بيع شهادات مزوّرة في الجامعة اللبنانية، هو في الحقيقة، كما أوضح لنا رئيسها، أنّ في أحد الفروع تم دفع مبالغ مالية لموظفين للتلاعب بالامتحانات عبر استبدالها وتزوير خط الأساتذة ووضع علامات نجاح غير مستحقّة، فتدخّل رئيس الجامعة وأعفى بعضًا وفصل بعضًا من الإداريين والموظفين. إن الجامعة اللبنانية التي تضم ستين ألف طالبًا ترتقي بمستواها التعليمي وفق مؤشرات التصنيف العالمية. وشهاداتها تمكّن أصحابها من احتلال مواقع قيادية في الداخل والخارج”.






