كيف قرأت الصحافة الإسرائيلية اجتماع الناقورة؟

0
16

عكست التغطية الإسرائيلية الواسعة للاجتماع غير المسبوق في الناقورة بين ممثلين مدنيين من إسرائيل ولبنان، تحت رعاية أميركية مباشرة، مزيجاً من الحذر والرهان على مسار سياسي–اقتصادي ناشئ، في مقابل تأكيد مستمر على ضرورة نزع سلاح حزب الله كشرط لأي تقدم. 

وقرأ الإعلام الإسرائيلي اللقاء في سياق الضغوط الأميركية لمنع انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في الشمال، بالتوازي مع تحركات ميدانية إسرائيلية تُظهر استعداداً لتوسيع العمليات العسكرية إذا اقتضى الأمر، وسط ضغوط أميركية واضحة منع التصعيد.

وركز بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على الطابع “الإيجابي” للاجتماع، مشيراً إلى أنه بتوجيه من بنيامين نتنياهو، اجتمع نائب رئيس قسم السياسات الخارجية في مجلس الأمن القومي في الناقورة مع المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس وشخصيات لبنانية مدنية.  ووفق البيان، اتفق الطرفان على صياغة أفكار حول “إمكانية التعاون الاقتصادي”، فيما شددت إسرائيل على أن نزع سلاح حزب الله “مطلوب بغض النظر عن أي تقدم اقتصادي”.

تناقض بين الخطاب الدبلوماسي والفعل العسكري

أما صحيفة “يسرائيل هيوم”، فقد غطّت الحدث من زاوية التناقض بين الخطاب الدبلوماسي والفعل العسكري. فبالتزامن مع وصف الاجتماع بأنه “تاريخي” وتأكيد المتحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء أن “إسرائيل تسعى إلى السلام مع جيرانها”، نفّذ جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات على جنوب لبنان بعد ساعات من انتهاء الاجتماع. 

وفي مقالة نشرها على موقع “القناة 12” الإسرائيلية، طرح مدير الاستخبارات العسكرية السابق تمير هيمان سؤالًا يعتبره جوهريًا: كيف تعود إسرائيل للحديث عن حرب محتملة في لبنان، رغم ما تحقق من ضربات لحزب الله، وسقوط نظام الأسد الذي قطع خط الإمداد البري بين إيران والحزب؟

ويُرجع هيمان ذلك إلى أربعة عوامل، أولها، بحسب ما يزعم، أن الحكومة اللبنانية رفضت خطة الجيش اللبناني لنزع سلاح حزب الله خشية اندلاع حرب أهلية. وثانيها تغلغل الحزب داخل الجيش اللبناني، مع وجود مؤشرات على تنسيق بين الطرفين، وفق ادعائه. أما العامل الثالث فهو نجاح إيران في إيجاد قنوات تمويل بديلة عبر تركيا والإمارات، مما أعاد للحزب قدرته على دفع الرواتب ودعم بيئته المجتمعية. والعامل الرابع هو تكيّف حزب الله مع نمط الضربات الإسرائيلية المتوقعة.

ويقترح هيمان استراتيجية من أربعة محاور للخروج من هذا المأزق: فرض خطة إصلاح على لبنان بالتنسيق مع إدارة ترامب تُحوّله إلى “سويسرا الشرق الأوسط”، وتجفيف مصادر التمويل الإيراني للحزب، وتطوير آليات إنفاذ جديدة تشمل مشاركة أميركية وقوة أممية، وأخيرًا تقديم حوافز للحكومة اللبنانية تشمل إطارًا للانسحاب الإسرائيلي مقابل نزع سلاح الحزب وتعاونًا اقتصاديًا في قطاعات التكنولوجيا وريادة الأعمال.

البعد السياسي التاريخي لاجتماع الناقورة

بينما ركّز المحلل في صحيفة “يسرائيل هيوم” داني زاكين على البُعد السياسي التاريخي للاجتماع، معتبرًا المشاركة المدنية من الجانبين “إنجازًا” بحد ذاته. وأشار إلى أن لبنان رفض في السابق إرسال ممثلين مدنيين خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، بينما يُمهّد الوضع الحالي لمفاوضات أوسع قد تشمل ترسيم الحدود البرية والتوصل إلى “تسوية شاملة”. وخلص زاكين إلى أن الكلمة المفتاحية هنا هي “التطبيع”، رغم تحفظه بأن بقاء حزب الله فاعلًا سيُصعّب أي تقدم جوهري.

وتناول المحلل العسكري أمير بار شالوم في صحيفة “زمان يسرائيل” الوضع الميداني لحزب الله، مؤكدًا أن التنظيم انتقل من “منظمة متمردة واثقة” إلى “منظمة مضطهدة ودفاعية”. ورصد أن تركيز الحزب حاليًا ينصبّ على التعافي وإعادة بناء التسلسل القيادي، لا على تعزيز القوة، نظرًا لإغلاق طرق التهريب البرية والجوية من إيران وسوريا.

وأشار بار شالوم إلى أن الحكومة اللبنانية “تخشى بشدة” من تحرك إسرائيلي مفاجئ، ولذلك نظّمت جولات إعلامية في أنفاق حزب الله لإثبات جديتها في مواجهته. لكنه خلص إلى أن المسؤولين الإسرائيليين لا يأملون في تغيير حقيقي، وأن “الجولة في لبنان ليست مسألة إذا، بل متى”.

من جهته، سلّط المحلل السياسي بصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية إيتمار إيشنر الضوء على الدور الأميركي المحوري، موضحًا أن الاجتماع جاء “تحت ضغط ووساطة من واشنطن”. ونقل عن مصدر إسرائيلي قوله إنه “لا يوجد قرار بالتصعيد بشكل قاطع”، وأن “العامل الأميركي أساسي في عملية صنع القرار”.

وأوضح إيشنر أن التصعيد الاستباقي يبقى “خيارًا مطروحًا”، لكن تنفيذ أي عملية أوسع يعتمد على الضوء الأخضر الأميركي. كما نقل أن الأميركيين حرصوا على إظهار الاجتماع بوصفه “محادثات بين حكومات” لا مجرد تنسيق عسكري.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا