المصدر: المدن
يتّجه الكونغرس الأميركي إلى مناقشة مشروع تعديل على “قانون تفويض الدفاع الوطني” (NDAA)، يُلغي بالكامل عقوبات “قانون قيصر” المفروضة على سوريا، ويُعيد رسم شروط المساعدات العسكريّة للبنان، ويُشدِّد المتابعة الاستخباريّة لتدخّل القوى الخارجيّة في النزاع السوداني. ويُتوقَّع أن يُطرَح التعديل على التصويت خلال هذا الأسبوع.
إلغاء “قانون قيصر” مقابل شروط على دمشق
وتنصّ المادة “8369” من التعديل على إلغاء “قانون قيصر لحماية المدنيّين في سوريا لعام 2019” إلغاءً كاملًا.
وفي المقابل، يُلزِم التعديلُ رئيسَ الولايات المتحدة، في غضون 90 يومًا كحدٍّ أقصى من تاريخ صدور القانون، ثم كل 180 يومًا ولمدّة أربع سنوات، بتقديم تقرير غير سرّي، مع ملحق سرّي عند الضرورة، إلى لجان رئيسيّة في مجلسَي النواب والشيوخ، يشهد فيه عمّا إذا كانت الحكومة السوريّة تقوم بسلسلة خطوات محدَّدة، أبرزها:
- اتخاذ إجراءات ملموسة وملحوظة للقضاء على التهديد الذي يمثّله تنظيم “داعش” وسائر الجماعات الإرهابيّة، بما فيها تنظيم “القاعدة” وفروعه، بالتعاون مع الولايات المتحدة، ومنع عودة ظهور “داعش”،
- إزالة، أو اتخاذ خطوات لإزالة، المقاتلين الأجانب من المناصب العليا في الحكومة ومؤسّسات الدولة والأمن،
- احترام حقوق الأقليّات الدينيّة والإثنيّة، بما يشمل حريّة العبادة والعقيدة، وتأمين تمثيل عادل ومنصف في الحكومة بما في ذلك الوزارات والبرلمان،
- الامتناع عن القيام بإجراءات عسكرية أحادية وغير مُستفَزّة ضد الجيران، بما في ذلك دولة إسرائيل، مع مواصلة السعي إلى اتفاقات أمنيّة دوليّة عند الاقتضاء،
- اتخاذ خطوات ملموسة وذات مصداقيّة لتنفيذ “اتفاق 10 آذار/مارس 2025” الذي تمّ التفاوض عليه بين حكومة سوريا و”قوّات سوريا الديمقراطيّة”، بما في ذلك دمج قوّات الأمن وتكريس التمثيل السياسي،
- تعزيز مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، بما يتماشى مع المعايير الدوليّة، وعدم تمويل أو مساعدة أو إيواء أفراد أو جماعات خاضعة للعقوبات، بما في ذلك المنظّمات الإرهابيّة، على نحو يضرّ بالأمن القومي للولايات المتحدة أو حلفائها وشركائها في المنطقة،
- ملاحقة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليًّا منذ 8 كانون الأوّل/ديسمبر 2024، بما يشمل المسؤولين عن المجازر بحق الأقليّات الدينيّة،
- اتخاذ خطوات يمكن التحقّق منها لمكافحة الإنتاج غير المشروع والانتشار الدولي غير المشروع للمخدّرات، وعلى رأسها “الكبتاغون”.
ويُلزِم التعديلُ الرئيسَ الأميركي بإبلاغ الحكومة السوريّة بنتائج هذا التقرير.
وفي حال تعذّر عليه تقديم “شهادة إيجابيّة” حول التزام دمشق بهذه المعايير في فترتَي تقريرٍ متتاليتين، “يجوز له” أن ينظر في فرض عقوبات موجّهة على أفراد، استنادًا إلى الصلاحيّات القائمة، إلى أن يتمكّن من تقديم شهادة إيجابيّة لاحقًا.
مساعدات لبنان: ربط بالدور ضد “حزب الله” واحتمال تعليق الدعم
في ما يتعلّق بلبنان، يُعدِّل التعديلُ البند المتعلّق بالدعم الأميركي للقوّات المسلّحة اللبنانيّة، بحيث يُضاف إليه نصٌّ واضح بأنّه “لا يجوز استخدام هذا الدعم إلّا لتعزيز قدرة القوّات المسلّحة اللبنانيّة على مواجهة التهديد الذي يمثّله حزب الله اللبناني وأي منظّمة إرهابيّة أخرى تُهدِّد أمن لبنان وجيرانه”.
كما يُمدَّد العمل بالبرنامج الحالي، عبر استبدال تاريخ “31 كانون الأوّل/ديسمبر 2025” بتاريخ جديد هو “31 كانون الأوّل/ديسمبر 2026”.
وتحت عنوان “تعزيز الشراكة الأمنيّة مع الأردن ولبنان”، يكلِّف التعديلُ وزيرَ الدفاع الأميركي السعي، استنادًا إلى الصلاحيّات القائمة، إلى تقديم مساعدات تشمل التدريب، والمعدّات، والدعم اللوجستي، والإمدادات، والخدمات، لكلٍّ من حكومتَي الأردن ولبنان، وذلك من أجل:
- دعم وتعزيز جهود القوّات العسكريّة الأردنيّة،
- وزيادة قدرات القوّات المسلّحة اللبنانيّة بهدف نزع سلاح “الجماعة الإرهابيّة المدعومة من إيران، أي حزب الله”.
ويُلزَم وزيرُ الدفاع، بالتنسيق مع القيادة المركزيّة الأميركيّة ووزارة الخارجيّة، بأن يقدّم في موعد أقصاه 30 حزيران/يونيو 2026 تقريرًا إلى لجان الدفاع في الكونغرس، يشرح فيه خطّة وزارة الدفاع لتقديم هذه المساعدة. ويتضمّن التقرير، في الحدّ الأدنى:
- وصفًا للصلاحيّات المعمول بها لتقديم المساعدة لكلٍّ من الأردن ولبنان،
- توضيح الأهداف الاستراتيجيّة للمساعدة، والفجوات في القدرات التي تسعى إلى معالجتها، والوحدات المستفيدة في القوّات المسلّحة في البلدين،
- تحديد فرص نقل معدّات عسكريّة، بما في ذلك الطائرات والأنظمة غير المأهولة، من مخزون وزارة الدفاع لتعزيز قدرات القوّات الأردنيّة،
- وضع إطار أو معايير لقياس تقدّم القوّات المسلّحة اللبنانيّة في “نزع سلاح حزب الله”، مع عرض خيارات لتعليق المساعدة إذا تبيّن أنّ هذه القوّات “غير مستعدّة للتحرّك” في هذا الاتجاه.
بهذا، يربط التعديلُ استمرارَ المساعدات العسكريّة للبنان بمدى استعداد الجيش اللبناني للدخول في مواجهة مع “حزب الله” على مستوى سلاحه، ما يفتح الباب أمام إمكانية تعليق الدعم إذا اعتبر البنتاغون أنّ شروط التحرّك غير متوافرة.
السودان: تعزيز تقاسم المعلومات حول التدخّل الأجنبي في الحرب
وفي ما يخصّ السودان، تنصّ المادة “6714” من التعديل على إلزام مدير “وكالة الاستخبارات المركزيّة” (CIA)، في غضون 90 يومًا من صدور القانون، وبالتشاور مع رؤساء عناصر أخرى في مجتمع الاستخبارات الأميركي، بوضع خطّة تهدف إلى:
- مشاركة المعلومات الاستخبارية ذات الصلة، إن وُجدت، حول الجهود الأجنبيّة الرامية إلى استمرار أو توسيع النزاع في السودان، مع حلفاء الولايات المتحدة وشركائها الإقليميّين، بما في ذلك خفض درجة سريّة تلك المعلومات أو رفع صفة السريّة عنها عند الحاجة،
- تعزيز جمع وتحليل المعلومات الاستخباريّة بما يُمكِّن الحكومة الأميركيّة من مواجهة هذه الجهود الأجنبيّة، حمايةً للأمن الوطني الأميركي وللاستقرار الإقليمي.
وبينما ينتظر أن يُحسَم مصير التعديل في جلسات التصويت المقبلة، يَظهر أنّه يفتح مسارًا جديدًا في مقاربة واشنطن للملفّات السوريّة واللبنانيّة والسودانيّة، من بوّابة قانون الدفاع والاشتراطات المتزايدة على الشركاء في المنطقة.






