من دمّر سوريا… إسرائيل أم إيران؟؟!!

0
18

كتب عوني الكعكي:

أكّد علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، أنّ المرشد الأعلى الإيراني غاضب جداً من «إهمال» الحكومة السورية الجديدة، لملفّ الأموال التي دفعتها طهران الى سوريا خلال السنوات الماضية.
وقال «ولايتي»: «إنّ إيران، في ظلّ الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها حالياً، لا يمكنها تجاهل هذا الملف. مشدداً على ضرورة الجلوس الى طاولة حوار جاد ومسؤول مع دمشق».
أضاف: «إنّ على الحكومة السورية الجديدة، ترتيب لقاء رسمي قبل نهاية العام الجاري، لبحث آلية واضحة لسداد هذه الأموال».
وهنا، لا بدّ لي من التساؤل: هل يحاول المرشد ومستشاره استغباء الناس؟
وأسأل: مَن دمّر سوريا… هل إسرائيل هي التي دمّرتها أم إيران؟ كما أسأل أيضاً: مَن طلب من إيران بالقدوم الى سوريا؟ أليْست هي التي اختارت التدخل لنجدة حليفها الرئس الهارب بشار الأسد، ولبسط سيطرتها على سوريا، وتعميم نفوذها لنشر التشييع ومحاربة أهل السنّة؟
يا سبحان الله!!!
لقد تناسى «ولايتي» أنه ومنذ انطلاق الثورة الإسلامية في طهران، زادت إيران جهودها لتوسيع نفوذها الإقليمي، كجزءٍ من أيديولوجية تصدير الثورة ونشر التشيّع. وقد أتاحت أحداث العقد الماضي (الربيع العربي) وتقويض أطر الدولة واستمرار إضعاف النظام العربي لسوريا، فرصة فريدة لتقوية نفوذها في المنطقة، في سياق محاولاتها إنشاء منطقة قاريّة تخضع لنفوذها، وتمتد من إيران الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط. وكانت تركّز على تشديد قبضتها على سوريا، إضافة الى الإدعاء المتمثّل بأنّ إيران، على الرغم من استثماراتها الواسعة، تمكنت من تحقيق «بعض النجاح» على الصعيد المدني، وذلك من خلال ترسيخ وجودها داخل أجهزة الدولة السورية، بشكل يجعل اقتلاعها من المنطقة صعباً في المستقبل. ولا ننسى أنّ إيران ساعدت سوريا لأنّ النظام علوي، ولو كان النظام سنّياً فلن يسمح لإيران بالتدخل. ثم أتساءل: ما جدوى إنشاء «فيلق القدس» وهو لم يطلق طلقة واحدة لتحرير بيت المقدس؟
لقد اتخذت إيران في السنوات 2011 و2012 قراراً استراتيجياً بشأن التدخل في الحرب الأهلية في سوريا، وذلك بهدف الحفاظ على التحالف الاستراتيجي بين إيران وسوريا الذي يعود تاريخه الى أوائل الثمانينات، لكون سوريا دائرة نفوذ إيرانية لا سيما في ما يتعلق بدعمها لحزب الله في لبنان. وهاكم ما فعلته إيران منذ بداية الثورة السورية:
أولاً: اتخذت إيران سلسلة من الإجراءات العسكرية والاقتصادية والثقافية والدينية من أجل تعزيز سيطرتها على البلاد، وإنقاذ نظام «الرئيس الهارب بشار الأسد» في الوقت نفسه.
ثانياً: استغلت إيران تموضعها في سوريا لإنشاء ميليشيات تعمل كأجنحة تابعة لها ولنفوذها.
وفي العامين الأولين من الثورة السورية السلمية، كان النشاط العسكري الايراني ضئيلاً نسبياً، إذ تركّز على إرسال مستشارين من مقاتلي حزب الله الى البلاد. لكن الإيرانيين عززوا قواتهم في صيف عام 2014، نتيجة التهديد المتزايد لنظام بشار الأسد، فأرسلت إيران كتائب من عناصر الحرس الثوري، إضافة الى مقاتلي حزب الله الذين بلغ عددهم حوالى 5000 مقاتل. وأنشأت وسلّحت ميليشيات شيعية من متطوّعين أجانب مثل «الفاطميون والزينبيون من باكستان وأفغانستان، واستقدمت ميليشيات شيعية من العراق كانت قد دعمتها ورعتها على مدار سنوات وتحديداً: كتائب حزب الله، والنجباء، وعصائب أهل الحق والحشد الشعبي».
لكن هذه الخطوات لم ترجّح كفّة الميزان لصالح الأسد، إذ وصل النظام خلال صيف 2015 الى أدنى درجات الضعف، وحينذاك اتخذت إيران قراراً استراتيجياً لإنقاذ النظام السوري وزادت من قواتها البرية، إذ وصل عدد أفراد الحرس الثوري الإيراني الى ذروته، إذ وصل العدد الى 2500 عنصر.
وقد برزت خلال العامين الأخيرين قبل سقوط نظام بشار محاولة إيرانية لتقوية الميليشيات الموالية لإيران. وعمل الإيرانيون في هذا الإطار على بناء ميليشيات في البلاد، كما فعلوا في لبنان والعراق، وصرفوا عليها أموالاً طائلة استحضرها قاسم سليماني من عائدات النفط العراقي، وعملوا على نهب الخيرات العراقية والسورية، وراحوا يصرفون الأموال المنهوبة لتوحيد الميليشيات التي نشأت في جميع أنحاء سوريا في إطار منظمة شاملة تدعى «قوات الدفاع الوطني». كما أنشأوا قوات الإمام الرضا.
ومع تقدّم الأحداث، عمل ضباط الحرس الثوري الإيراني، منذ بداية القتال وفقدان النظام سيطرته على أجزاء كبيرة من البلاد، زادت التبعية العسكرية. وفي نهاية عام 2014 كان في سوريا حوالى 125 ألف مقاتل يعملون من الميليشيات الأجنبية المحلية على حدّ سواء.
هنا، لا بدّ لي من التطرّق الى «المحطات» التالية:
أوّلاً: ما كان يفاخر به المرشد الأعلى الإيراني وقادة الحرس الثوري من انه يسيطر على أربع عواصم عربية هي: دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء.
ثانياً: لقد صُرفت أموال طائلة على مخطط تشييع السنّة وتحويلهم الى شيعة، حتى أنّ أموالاً طائلة كانت تُدفع لكل متشيّع.
ثالثاً: أسأل قادة إيران… عن المفاعل النووي في دير الزور- شرقي سوريا الذي دمّرته إسرائيل بغارة جوّية عام 2007. هذا المفاعل الذي أرادت إيران إنشاءه في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد فرفضه لسبب أنه لا يستطيع حمايته، لكن غباء بشار أوقعه في «الشرك» فوافق وبنى المفاعل حتى دمّرته إسرائيل.
رابعاً: يكفي أنّ سوريا بعد نجاح الثورة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.. هذا النجاح السريع الذي أطاح نظام بشار بسرعة هائلة، يكفي أنها لم تقبض ثمن مرور الأسلحة الى الحزب والميليشيات الموالية لإيران، حتى ولا تقاضت سوريا رسوماً عليها. إنّ كل الدلائل تشير الى أن ما فعلته إسرائيل بمحور المقاومة: في سوريا ولبنان والعراق واليمن لم يكن إلاّ جزءاً بسيطاً مما فعلته إيران.
ولا بدّ لي في النهاية من التساؤل: ماذا لو طالب الرئيس أحمد الشرع إيران بتعويض عن الخسائر البشرية والمؤسّسات التي دمّرت، وهي تقدّر بـ500 مليار دولار كي تعود كما كانت؟
كما أتساءل أيضاً وأيضاً: هل يريد المرشد الإيراني بسط سيطرته على أربع عواصم «ببلاش» ومن دون أن يدفع؟ حتى أنّ الأموال التي كان يدفعها جاءت «خوّة» فرضها قاسم سليماني قائد لواء «فيلق القدس» قبل مقتله من أموال الشعب العراقي.
وهل يريد المرشد الإيراني تقاضي ثمن صواريخ وجهتها إيران الى إسرائيل أيام الحرب معها، ولم تحدث أي ضرر بإسرائيل لأنها كانت من صنع «قيصر عامر»؟
إنّ العدل يقضي أن تدفع إيران أثمان ما ارتكبه نظام الملالي من دمار وخراب في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن، بسبب تدخلاته الرعناء بغية تحقيق «التشييع» الذي خرّب البلاد وقتل العباد وجلب الويلات على المنطقة كلها.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا