*البطريرك الراعي في عظة الأحد: كما دخل يسوع التاريخ، لبنان مدعوّ إلى زمن خلاص جديد*

0
9

احتفل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بقداس الاحد في بكركي. أبرز ما جاء في عظته: ” تحتفل الكنيسة في هذا الأحد بنسب يسوع إلى العائلة البشرية، مواطنًا في هذا العالم، خاضعًا للشريعة، لكنه مخلّص العالم. فهو مشتهى الأمم الذي انتظرته الشعوب وتاقت إليه.

إنجيل نسب يسوع يمكن أن يُقرأ اليوم كبيان تاريخي ووطني بامتياز. كما أن يسوع دخل التاريخ عبر نسب واضح ومعروف، لبنان أيضًا له نسبه، له ذاكرته، له هويته الروحية والثقافية والإنسانية. إنكارُ النسب يؤدّي إلى فقدان الاتجاه، وتشويهُ الهوية يؤدّي إلى ضياع الوطن.

إنجيل النسب يحمل رسالة سياسية أخلاقية عميقة: لا خلاص بدون شرعية، ولا شرعية بدون احترام للقانون، ولا قانون حيّ بدون عدالة ورحمة. وطن بدون مؤسسات فاعلة، وبدون أمانة للدستور، وبدون حماية لكرامة الإنسان، هو وطن مهدَّد في جوهره.

نسب يسوع لم يكن مثاليًا، لكنه كان حقيقيًا. كذلك تاريخ لبنان: فيه نور وظلال، مجد وانكسار، نجاحات وإخفاقات. الدعوة اليوم ليست إلى الهروب من التاريخ أو إنكاره، بل إلى شفائه وقراءته بصدق ومسؤولية. يُطلب اليوم تسجيل الوطن في مسار خلاص جديد: إصلاح المؤسسات، استعادة الثقة بين الدولة والمواطن، احترام الدستور، حماية الإنسان، وصون العيش المشترك. هذه ليست شعارات، بل مسؤوليات تاريخية.

كما دخل يسوع التاريخ عبر نسبه، يمكن لبنان أن يدخل زمنًا جديدًا عبر التمسّك بهويته، وبقيمه الوطنية والإنسانية، وبرسالته كمساحة لقاء لا صراع. السلام ليس حلمًا شعريًا، بل ثمرة قرارات شجاعة تُتَّخذ اليوم، في ضوء الذاكرة والهوية والمسؤولية.

نصلّي من أجل وطننا لبنان، ليجد طريقه إلى سلام عادل وشامل ودائم، ومن أجل قادته، ليكونوا أمناء لمسؤوليتهم وخدّامًا للخير العام. نصلّي من أجل عائلاتنا، ومن أجل كل متألّم أو حزين، ليجد فيك يا رب التعزية والرجاء، وليختبر حضورك الذي يحيي ويثبّت. فنرفع لك المجد والشكر، الآن وإلى الأبد، آمين”.