كتب عوني الكعكي:
لا يزال الموضوع الذي يشغل بال جميع الناس هو موضوع الودائع في البنوك اللبنانية…
وللعلم، فإنّ البنوك، وحسب تقرير رسمي، أودعت في مصرف لبنان 85 مليار دولار أميركي.
ويبقى السؤال: لماذا لا يُقْدم مصرف لبنان على تسديد هذه الودائع وإعادتها الى البنوك، خصوصاً أنّ المواطنين يطالبون البنوك بأن يعيدوا لهم ودائعهم…
بالفعل، عجيب غريب أمر الدولة اللبنانية التي تستدين من البنوك، وتطلب منها تناسي الأموال التي استدانتها.. والأنكى من ذلك أيضاً، أنّ هناك مطالبة من الدولة للبنوك بأنّ عليها تسديد أموال المودعين.
بالله عليكم… بأي منطق، وبأي قانون هذا الذي يحمّل «البنوك» مسؤولية ضياع ودائع المواطنين…ويجعل الدولة غير مسؤولة عن هذه الودائع، ودائع المصارف في البنك المركزي.
والسؤال الكبير: طالما أنّ الدولة حريصة على أموال المودعين، في حين تتّهم «البنوك» بأنها مسؤولة عن إرجاعها… فلماذا تتجاهل الدولة حقوق «البنوك» في الأموال التي أودعتها في البنك المركزي.. أليْس هذا من مسؤولية الدولة؟؟
وكما يبدو، فإنّ الدولة لا علاقة لها بالبنك المركزي، خاصة عندما تطلب من وزير المال أن يستدين من «البنوك» أموالاً بلغت 100 مليار دولار، ويبدو أنّ الجميع لا يريدون أن يعترفوا بها، ويقولون أشياء عجيبة غريبة.
فساعة يقولون: لماذا أعطت البنوك البنك المركزي أموالاً من خلال شراء سندات خزينة؟
إنّ هذه القضية يجب أن نشرحها للمواطن، وهي تجري على الشكل التالي:
يجتمع مجلس الوزراء ويوجّه كتاباً الى وزير المالية يطلب منه استدانة 100 مليون دولار.. طبعاً يقوم وزير المال بتوجيه كتاب الى حاكم مصرف لبنان كي يؤمّن له الـ100 مليون دولار، فيقوم الحاكم بإصدار سندات خزينة بقيمة 100 مليون دولار، مع الأخذ بالاعتبار أنّ الحاكم وكي يستطيع أن يحصل على مبلغ المائة مليون دولار عليه أن يصدر السندات… ولكن بفائدة أعلى من السوق، كي يشجّع «البنوك» على الإكتتاب بالسندات…
وهناك الكثير من الأسئلة لا بدّ من توجيهها الى الدولة أيضاً:
أولاً: كما ذكرنا فإنّ الدولة اللبنانية، ومنذ عام 1974 يوم كان الرئيس كميل شمعون وزيراً للمالية، بدأت الدولة بالإستدانة من البنك المركزي عن طريق سندات خزينة كي تسد العجز في الموازنة. وهنا لا بدّ من السؤال: كم بلغت ديون الدولة منذ عام 1974 الى يومنا هذا؟ الأرقام الدقيقة غير متوفرة، لكنها تتراوح بين الـ70 والـ100 مليار دولار.. هذه الدولة اليوم، لا تريد أن تعترف بها ولا تريد أن تسدّدها، فهل هذا معقول؟ وبأي منطق؟
ثانياً: عجز الكهرباء وحسب الدراسات بلغ 45 مليار دولار.. والمسؤول الأوّل عن هذا الدين هو صهر فخامته، الذي لم يُحاسب ولا أحد يسأله عن الثروات التي جمعها والعقارات التي حصل عليها.. وجميعها مسجّلة بأسماء وهمية.
فهل هناك نيّة عند الدولة في المحاسبة؟!!
ثالثاً: عندما أراد الرئيس الحريري أن يرفع سعر صفيحة البنزين قامت الدنيا ولم تقعد… وهناك معلومات تقول إنّ شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري كان ينوي أن يسدّد كل الأموال التي استدانها من أجل مشاريع إعادة إعمار ما تهدّم في الحرب: من المدينة الرياضية الى قصر بعبدا الى سرايا رئاسة الحكومة الى المطار الى إنشاء معمل بقوة 500 ميغاوات في الزهراني، ومعمل ثانٍ في دير عمار بقوة 500 ميغاوات، الى 100 ميغاوات في صور، الى 100 أخرى في بعلبك.. باختصار، بلغت كلفة كل هذه المشاريع 5 مليارات دولار… وكان الحريري ينوي أن يعطي رخصة ثالثة للخليوي تبلغ قيمتها 5 مليارات، ليسدّد كل ديون الدولة اللبنانية.. ولكن ملك المايوهات الفوسفورية، رفض وبدأ تراكم الديون يزداد الى أن جاء أسوأ عهد، بل هو أسوأ من عهد المايوهات الفوسفورية.. عهد الصهر الذي كسر «الظهر» وأبدع بأعمال الكهرباء!!! وأصبح الجميع يعرفها.
رابعاً: قامت الدنيا ولم تقعد على شهيد لبنان بسبب رغبته في رفع سعر صفيحة البنزين.
أما إعطاء الأمر لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بصرف 30 مليار دولار من أجل دعم الكهرباء والبنزين والمازوت والفيول والأدوية.. فعملية فيها نظر.
عجيب غريب أمر بعض المسؤولين، فلا أحد يحاسب لأنهم مسؤولون أيضاً.





