احتجاجات طهران: الريال الإيراني على أرض مهتزة

0
7

مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الريال الإيراني خلال الشهر الماضي، من 116 ألف تومان إلى 144 ألف تومان؛ أي بنسبة 24 في المئة، شهدت مناطق مختلفة من مدينة طهران، خصوصاً السوق التقليدية، يومي الأحد والاثنين الماضيين، احتجاجات للتجار، رفع خلالها المحتجون شعارات ضد المسؤولين، على وجه التحديد رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان، مطالبين باستقالته.

ما الذي يحتج عليه الناس؟

أسباب الاحتجاجات اقتصادية، أطلقها ناشطون اقتصاديون غالبيتهم من أصحاب المحال التجارية، والسبب الرئيسي هو التضخم الناجم عن انهيار قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، مما يؤثر على أسعار جميع السلع تقريباً، وخاصة السلع المعمرة.

ولا يملك الفاعلون في السوق، في ظل الارتفاع اليومي لسعر صرف الدولار، أي حافز لمواصلة معاملاتهم، لأنه في مثل هذه الظروف، يكون من الأجدى إغلاق المحال التجارية والتوقف عن العمل، فهم إن باعوا بضاعة اليوم، فإنهم غير متأكدين من قدرتهم على شراء نفس البضاعة غداً. المنتجون المحليون ومستوردو البضائع الأجنبية أيضاً لا يملكون حافزاً لبيع بضائعهم في الوضع النقدي الحالي غير المستقر، ومن الطبيعي أن يمتنعوا عن البيع وينتظروا حتى يستقر سعر صرف العملة.

أين جذور المشكلة النقدية؟

منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض قبل عام، ضاقت دائرة الحصار الاقتصادي على إيران، وبعد عودة العقوبات نتيجة تفعيل آلية الزناد من قبل الترويكا الأوروبية، واجهت صادرات النفط الإيراني، مثلها مثل النفط الروسي، صعوبات أكبر من السابق. أغلقت الولايات المتحدة، قدر المستطاع، الطرق الرسمية لتصدير النفط الإيراني، ولم يبق أمام إيران، لمواصلة تصدير نفطها إلى الصين، التي تشتري أكثر من 80 في المئة من النفط الإيراني المصدر، أي طريق آخر غير التهريب، والمهربون أيضاً ليس لديهم حسابات شفافة، واتصالات إيران المصرفية مع العالم الخارجي باتت شبه مقطوعة. إيران لا تستطيع حتى الوصول إلى مليارات الدولارات من قيمة الكهرباء التي تصدرها إلى العراق بإذن من الحكومة الأميركية، فكيف بالنفط الذي تبيعه للصين في ظل الحظر الأميركي؟ إن آلية البيع ومبلغ الخصم الذي تمنحه إيران لمصافي التكرير الصينية وحصة المهربين ليست شفافة.

ويقول مهدي أفشارنك، الخبير في مجال الطاقة، لـِ “المدن”: “حكومة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، أقرت بأن لا تكون صناديق ائتمان شركات النفط والبتروكيماويات هي التي تنقل الأموال، وتم تعيين صناديق ائتمان البنوك، التي تكون حساباتها واضحة. في البداية، كان هذا القرار ناجحاً، ولكن بعد فترة، تعلمت صناديق ائتمان البنوك أيضاً طريقة سهلة للتهرب من الوفاء بالتزاماتها. الآن، لا أحد يعرف حقاً حجم الدولارات النفطية التي لا تصل إلى إيران. شركة النفط الإيرانية على معرفة بجزء من المال، تحديداً المبالغ التي تشتري بها سلعاً أساسية أو تقوم بتبادلها ولكنها لا تعرف الباقي. البنك المركزي أيضاً لا يعرف بدقة. كان من المفترض أن يتولى مركز رصد في مجلس الأمن القومي الأعلى هذه المهمة، ولكن يبدو أنه لم يجد مكاناً في التشكيل الجديد للمجلس، أو أنه لا يملك تلك الصلاحية. على أي حال، مسألة بيع النفط قصة، ومسألة تحويل أموال النفط إلى الداخل قصة أخرى، وهذا الجزء الثاني في أيدي صناديق ائتمان البنوك”.

احتجاجات سياسية

وعلى الرغم من أن السبب الرئيسي لتلك الاحتجاجات الاقتصادية الشعبية يجب البحث عنه في السياسة الخارجية الإيرانية، واعتبار سياسة “الصراع مع الاستكبار العالمي”، الولايات المتحدة بشكل خاص، عاملاً للحصار الاقتصادي على إيران، إلا أنه من الطبيعي أن تكون الاحتجاجات الاقتصادية أيضاً شكلاً من أشكال الاحتجاج السياسي، كما يمكن أن تؤدي إلى احتجاجات سياسية. إن فقدان الثقة العامة بالحكومة سيكون له عواقب خطيرة على نظام الجمهورية الإسلامية.

وعلى الرغم من أن عامة الشعب الإيراني وقفوا إلى جانب النظام خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، إلا أن هذا لا يعني الموافقة على الخطوط الرئيسية للسياسة الخارجية كما عبرت عنه مجموعات من المتظاهرين عبر الهتاف بـ”لا نريد غزة ولا لبنان، نضحي فقط من أجل إيران”.

استقالة محافظ البنك المركزي الإيراني

يوم الاثنين، مع تصاعد الاحتجاجات في المناطق التجارية الرئيسية بالعاصمة، قدم محافظ البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين، استقالته من منصبه، وقبل الرئيس بزشكيان استقالته وعيّن عبد الناصر همتي، وزير الاقتصاد السابق الذي تمت إقالته من قبل مجلس النواب في آذار/ مارس 2025، محافظاً بديلاً له.

هل يمكن لهذا التعيين أن يُطفئ غضب التجار؟

المحافظ الجديد عبد الناصر همتي لديه خبرة سابقة في رئاسة البنك المركزي خلال فترة رئاسة حسن روحاني، الرئيس الإيراني الأسبق، لكن ظروف إيران اليوم أسوأ بكثير من تلك الفترة. فقد شجّع ترامب في السنة الأولى من ولايته الثانية إسرائيل على فتح جبهة حرب مع إيران ودعمها، كما أجبر أوروبا على تفعيل آلیة الزناد واستعادة العقوبات ضد ايران، وقام بفرض أشد العقوبات على برنامج تصدير النفط الإيراني. السوق الإيرانية في الوقت الحالي متعطشة للدولار فمن تأتي به؟!

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا