زار وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، وقال بعد الزيارة:
“تناولتُ مع سماحة المفتي 3 مواضيع أساسية:
1- “الاستراتيجية الدفاعية: التي هي المخرج الوحيد والمدخل الوحيد للمجتمع الدولي، التي تسمح للبنان بأن تكون الدولة الشرعية هي الأساس والعنوان، وأن يكون مسوؤولوه هم الوحيدون الذين يتفاوضون، وعلى رأسهم الرئيس نبيه برّي، للوصول إلى سلام في لبنان.
2- الطائف: يجب أن يكون واضحاً أنّ اتفاق الطائف هو المدخل الوحيد، أكرّر الوحيد، ليستعيد لبنان علاقاته العربية الطبيعية، خصوصاً مع دول مجلس التعاون الخليجي، الذين نحتاج إليهم في هذه الأيّام الصعبة أكثر من غيرها. وهم لم يقصّروا في واجباتهم، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، على الأقلّ في ملفّ الإغاثة الإنسانية. لكنّنا لسنا مستعدّين لمناقشة اتفاق الطائف أو تطبيقه، والأهمّ، قبل مناقشة الاستراتيجية الدفاعية. وأنا أتحدّث من هذه الدار ليكون الكلام واضحاً وصريحاً.
3- القمّة العربية الإسلامية: وبطبيعة الحال تناول الحديث حول القمّة العربية – الإسلامية التي استضافتها السعودية أمس، وكلمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
من الواضح أنّ المملكة تصدّرت المشهد الإقليمي من دون منافس أو منازع، حين أعلنت في القمة أن لا سلام من دون دولة فلسطينية. وبالتالي لا يضيّعنّ أحدٌ وقته، مثل الذين ضيّعوا وقتهم في التطبيع المجّاني. هذا قرار نهائي وحاسم من كلّ الذين حضروا القمّة أمس. والبيان الختامي فيه عشرات البنود حول الموضوع الفلسطيني. والسعودية تقود الدول المعنية بمتابعة ملفّ الدولة الفلسطينية في كلّ دول العالم. وبالتأكيد سيحقّقون تقدّماً جديّاً. خصوصاً أن العلاقات السعودية الأميركية ستشهد في الفترة المقبلة مرحلة جديدة وصورة مختلفة، تعطي السعودية والأمير محمد بن سلمان قوّة دفع جديدة نحو المزيد من تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، وتأييد الدولة الفلسطينة مهما طال الزمن ومهما كانت العقبات.
وفي البيان مسألة أساسية هي إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان، دون ذكر أي حزب أو طرف داخلي. وهذا دليل حكمة في صياغة البيان. وأيضاً أدان البيان الختامي العدوان الإسرائيلي على إيران. ما يعني أنّ وليّ العهد الأمير محمد والدولة السعودية معنية بالسلام في المنطقة من خلال الحوار ومحاولة التفاهم. طبعاً بصرف النظر عن قراءتي للزواريب الإيرانية وتفاصيلها وطلعاتها ونزلاتها في لبنان وغزّة. هذا على مسؤوليتي وليس على مسؤولية القمّة السعودية، التي بدت أكثر خبرة وحكمة وأكثر تماسكاً في هذا الموقف.
من الواضح أن الأمور وضعت على سكة لا عودة عنها. والعدوان الإسرائيلي سيستمرّ لأسابيع طويلة أو أشهر. لكن هذا لا يمنع أنّ المسعى العربي والإقليمي بقيادة السعودية سيفعل كلّ ما في وسعه دولياً وعربياً، من اجتماعات مستمرّة وتكتّلات من الدول المعنية، للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفي الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وقد ذكر مجلس الأمن في البيان الختامي مرّات عديدة. لكن هناك بشائر جديّة في الحركة العربية الإقليمية. وليس بالضرورة أن تكون نتائجها سريعة. لكن من الواضح أنّ المملكة العربية السعودية من أكثر الدول التزاماً بأمن لبنان وسلامته وضمانة استقرار الشعب اللبناني، وليس فقط بالملفّ الإغاثي. وما يسعون إليه هو الإغاثة السياسية وليس الإنسانية فقط. وأرجو أن نصل إليها لنحقّق أمننا استناداً إلى عروبتنا، من خلال منع العدوّ الإسرائيلي، عبر المقاومين الاستشهاديين، من الدخول إلى الأراضي اللبنانية. وفي الوقت نفسه العودة إلى حضن الدولة من خلال الاستراتيجية الدفاعية، باعتبارها المدخل لإعادة تكوين السلطة في لبنان، بانتخاب رئيس جمهورية وبتشكيل حكومة جديدة”.
وردّا على سؤال حول “وسائل الضغط التنفيذية المطلوبة من الدول العربية على إسرائيل، لوقف الحرب”،طرح السؤال الآتي: “الدول التي طبّعت هل هي مستعدّة لاتخاذ موقف استثنائي من علاقاتها بإسرائيل، نتيجة هذا العدوان المستمرّ على فلسطين ولبنان. ووسيلة الضغط الأخرى هي التفاهم مع “المعلّم” الأميركي. وأميركا في مرحلة انتقالية، ومن الواضح أن نتانياهو يتشاور مع الرئيس المُنتخَب دونالد ترامب، ويسمع من الرئيس جو بايدن دون أن ينفّذ. فلا أعرف إذا كانت دول التطبيع مستعدّة لاتخاذ موقف استثنائي من علاقتها بإسرائيل. لست متأكداً. لكنني متأكد أن الاتصالات مع الإدارة الأميركية الجديدة، إلى حين استلامها الإدارة في 20 كانون الثاني 2025، جديّة ومثمرة. والرئيس ترامب، خلال حملته، الاسم الوحيد الذي ورد على لسانه، هو اسم الأمير محمد بن سلمان. ما يعطيه الأفضلية والتسهيلات اللازمة ليعمل الرجلان سويّاً، مع دول أخرى، من أجل إقامة الدولة الفلسطينية من جهة، ووقف العدوان على الشعب اللبناني من جهة أخرى”.
وردّاً على سؤال: “هل يكون الحلّ بتسليم السلاح للجيش اللبناني؟”، أجاب: “المرحلة الأولى تتعلّق بأن يكون السلام بإمرة الدولة وبالتنسيق مع الدولة، وقرار الحرب والسلم بيد الدولة. وهم ممثّلون سياسياً ولهم نواب ووزراء داخل الدولة. والدولة، سياسياً في الأشهر الأخيرة، وقبلها، لم تقصّر بدعم موقفهم بوجه العدوان الإسرائيلي. لكنّ الاستراتيجية الدفاعية شيء، ونزع السلاح شيء آخر تماماً.
وردّاً على سؤال حول “الحملة على الجيش”، أجاب: “يجب أن يكون واضحاً أنّ الجيش ليس فقط القائد، بل هو مؤسسة لها قواعد وقوانين وفيها عناصر وضبّاط، وليس كلّ كلمة عن قائد الجيش اسمها “حملة على الجيش”. أعتقد أنّ هذا خطأ في التعبير. فإذا كان هناك ما يتعلق بقائد الجيش فالردّ عليه بسيط وسهل وممكن. أما الجيش نفسه، فلا يوجد حملة عليه، بل هناك إجماع لبناني غير مسبوق حول دوره ووطنيته وتجانسه، ولا أحد لديه لحظة شكّ بأنّ الجيش يقف إلى جانب كلّ لبناني.
وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت العدالة قد تحقّقت بمقتل سليم عياش، المُدان بالتخطيط وتنفيذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قال المشنوق: “هذا أقلّ الكلام. هناك كلام أقسى سنقوله لاحقاً في هذا الخصوص. سيأتي وقته لاحقاً. الآن ليس وقته”.