كتبت النهار
لم يسبق أن عرفت معظم المناطق اللبنانية جحيماً حربياً كذاك الذي شهدته يوم أمس، حتى في اليوم الأخير من حرب تموز 2006، في اللحظات الأخيرة التي سبقت إعلان اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بعد حرب طاحنة مدمّرة لعلها الأشرس التي شنتها إسرائيل منذ شهرين وأربعة أيام بعدما استدرجها إليها “حزب الله” بفعل “حرب المساندة” لغزة منذ 8 تشرين الأول 2023. والحال أن الاعصار الحربي المخيف غير المسبوق الذي أرادت من خلاله إسرائيل مواكبة إعلان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو موافقة حكومته الأمنية المصغرة على الاتفاق، وبصرف النظر عن الاجتهادات والانقسامات الداخلية في إسرائيل حيال “تفوّقها” العسكري في هذه الحرب، لم يحجب الدلالات الشديدة القسوة لبنانياً للكلفة الفظيعة التي تكبدها لبنان دماراً وضحايا ونزوحاً جراء ما سمي “ربط الساحات” الذي دفع بـ”حزب الله” إلى المضي بقراره الآحادي بفتح المواجهة مع إسرائيل والتي كبدته أفدح الأثمان بشرياً وقيادياً وعسكرياً وقدرات واضطراره قسراً إلى الانسحاب من جنوب الليطاني، ناهيك عن تعميق غير مسبوق للانقسامات العمودية بينه وبين معظم الفئات اللبنانية التي عارضت تعريض لبنان لحرب كانت الأشرس اطلاقاً.
كان اتفاق “الهدنة” أو وقف النار “التجريبي” الذي بدأت “مراسم “إعلانه تباعاً من إسرائيل بمثابة اسقاط بالنار والاحتلال المباشر وبالمجازر الإنسانية لربط لبنان قسراً بحرب غزة مهما قيل في تجميل هذه الحقيقة أو تبرير الكارثة المتدحرجة التي أصابت مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وأخيراً بيروت نفسها. وإذ أحصي أمس فقط، اكثر من 180 هدفاً استهدفه الاعصار الإسرائيلي لبث الذعر الشامل في “جهنم” حربي قبيل إعلان اتفاق وقف النار، بدا المشهد اللبناني مثيراً للرعب أمام تداعيات ما بعد الحرب التي ستبدأ بالاتضاح والانكشاف من اليوم تباعاً.
وعلى وقع اليوم الأخير قبيل إعلان وقف النار دُعي رسمياً مجلس الوزراء اللبناني بهيئة تصريف الأعمال، إلى عقد جلسة في التاسعة والنصف من صباح اليوم الأربعاء في السرايا الكبيرة، برئاسة رئيس الحكومة “لبحث التطورات الراهنة والأوضاع المستجدة” علماً أن الاتصالات توسّعت وتركزت على حضور جميع الوزراء وتحديداً الوزراء المحسوبين على “التيار الوطني الحر” لكي تصدر موافقة مجلس الوزراء بالإنابة عن رئيس الجمهورية على اتفاق وقف النار بالإجماع.