بمناسبة ذكرى الاستقلال وبدعوة من الناشط السياسي والإجتماعي رمزي بو خالد عقد لقاء تحت عنوان “السلم الأهلي واقع وتحديات” في Valley View Hotel- Hammana بحضور ومشاركة الصحافي والناشر الاستاذ انطوان سعد والسيد علي الامين رئيس تحرير مجموعة جنوبية، وحشد من فعاليات قضاء بعبدا من رجال دين وإعلاميين ومخاتير وأكاديميين وناشطين ورؤساء جمعيات أهلية من كل الأطياف .
قدم اللقاء الصحافي الاستاذ ناظم المصري
بعد النشيد الوطني اللبناني، استهل السيد بو خالد كلمته بالترحيب بالموجودين قائلاً: تأتي ذكرى الاستقلال وفي القلب غصة وألم على ما نشهده من دمار وموت وتهجير وواقع مرير تحول الى كابوس مزعج جدا. لقد قدمت هذه المنطقة وفي ظل هذه الازمة نموذجاً رائعاً في العمل الانساني والوطني وهذا من شيم واخلاق أهلنا في الجبل. ولكن ما نخشاه ونلمسه في الفترة الأخيرة هو أن ركائز السلم الأهلي تتعرض في هذه المرحلة المصيرية والصعبة الى تحديات واهتزازات كبيرة بسبب عدة عوامل داخلية وخارجية ومواقف متطرفة قد تشعل فتيل الفتنة.
وأضاف بو خالد، إن السلم الأهلي يتزعزع والإنزلاق نحو المزيد من الأخطار يهدد وحدة الوطن وهويته واستقراره الذي لن ينجو بتأجيج العصبيات كما يحصل الآن.ان المحافظة على السلم الأهلي هي مسؤولية جميع القوى السياسية كذلك مسؤولية شحن النفوس وافتعال الفتن في ظل هذا الانقسام العامودي الذي يشهده البلد مما قد يؤدي في نهاية الامر إلى حرب اهلية جديدة لا سمح الله. إن السلم الأهلي أمانة في أعناقنا، فعلينا وأمام كل التحديات التي نواجهها المحافظة على تماسك ووحدة المجتمع في هذه الظروف الصعبة وفي ظل طبقة سياسية بنت أمجادها على أنقاض هذا الوطن ودماء شعبه.
تناول الاستاذ انطوان سعد في كلمته حقبة ما قبل الاستقلال والعودة الى دولة لبنان الكبير والتناقض في تركيبته والذي كان قائماً على نظام جمهوري وتمثيل برلماني وفصل السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية وتحدث كيف يفترض ان تكون بنيتها وفي قاعدتها رأي عام مواطنين افراد يختارون ممثليهم بناء على السياسات والطرح وبحسب رؤية كل فرد. فترجمة القيادة العليا لا يتوافق مع القاعدة الأساسية وعلى الرأي العام أن يفرز القيادة السياسية العليا. كما تحدث عن الثبات وتغيير المواقف وتحديد الخيارات السياسية بحسب التربية والقيم التي يتلقاها الفرد.
كذلك، ذكر الاستاذ سعد ان المجتمع في لبنان لم يصل الى سن الرشد وهو الى الآن يتبع زعيم القبيلة او شيخ العشيرة او رئيس الطائفة وانه لا مهرب من التمسك بالجمهورية والابتعاد عن القبيلة والعشيرة والطائفه لاستقرار البلاد. وفي الختام دعا الى وجود احزاب جديدة متنوعة مؤلفة من كل الاطياف تطرح مشروعاً وطنياً لبناء المستقبل وان تُفرز منها القيادات.
وفي مداخلته، عرض رئيس تحرير موقع جنوبية علي الامين لمرحلة تأسيس الكيان اللبناني وأثار هذا التأسيس على الجماعات اللبنانية ولا سيما لدى الطائفة الشيعية، مشيراً الى التباين الذي ظهر في داخل الطائفة بين اتجاهين، ذهب الاول نحو الانحياز لفكرة الانضمام الى مشروع الدولة العربية والانضمام الى سوريا، وبين اتجاه تمسك بمشروع الكيان اللبناني.
ولفت الأمين أن نشوء الكيان اللبناني وفر جملة مكاسب للجماعة الشيعية لم تكن متوفرة لها لا كجماعة ولا كمواطنين، مشيرا الى الاعتراف بها كطائفة، وتم انشاء المحاكم الجعفرية كتثبيت لهذا الاعتراف، وفتح الباب أمامها على مستوى التمثيل النيابي، والدخول الى الوظائف العامة، الى جانب تأسيس عشرات المدارس الرسمية على امتداد جنوب لبنان. خالصا الى ان الشيعة عموماً في ذلك الحين لمسوا ان أحوالهم في هذا الكيان هي أفضل مما كان عليه الحال في ظل السلطنة العثمانية. وتحدث الامين عن الاستقلال معتبراً اياه مشروعا دائماً ومستمراإ وقيد الانجاز، هو فعل نضال يومي من أجل الحرية ووحدة الشعب وارتقاء الحياة السياسية من صراع القبليات المؤسس لحروب أهلية الى صراع الخيارات السياسية والاقتصادية في سياق معركة التحديث والتميّز.
وختم الأمين بالاشارة الى مخاطر الحرب الجارية مع اسرائيل ، ليس في ما تسببه من قتل دمار وخراب وتهجير فحسب، بل في ما يمكن ان يدفع اللبنانيين الى إعادة التمترس خلف عصبيات طائفية ومذهبية، تلبي مطلب أعداء لبنان وعلى رأسهم اسرائيل معتبراً ان هذا التحدي يفرض على كل الشرفاء في لبنان التصدي الواعي والمسؤول وهو فعل نضالي يومي، شرطه عدم الانزلاق الى مهالك العصبيات الضيقة والتمسك بخيار لبنان الشعب الواحد والدستور الحاكم والحرية الخلاّقة.
كما وتضمن اللقاء نقاش مفتوح حول قدسية السلم الأهلي وكيفية المحافظة عليه.