كتبت الاخبار :
فيما أقر الأميركيون بأن تعهّد الأمين العام الراحل السيد حسن نصرالله بعدم عودة مستوطني الشمال إلا متى أرادت المقاومة قد تحقّق بعد أكثر من شهرين على اغتياله. وأوضحت تقارير عبرية أن مشكلة المستوطنين لا تقف عند حدود الأمن الغائب، بل عند رفض وزارة المالية صرف نحو خمسة مليارات دولار كتعويضات تطالب بها بلديات المستوطنات وقطاعاتها الصناعية، علماً أن المجالس المحلية أقرت بصعوبة عودة الحياة إلى المنطقة قبل عامين على الأقل.
وإذا كان لدى العدو ما يكفي من الأسباب لكي يعيش حالة ذهول بعد الصدمة، فإن المستغرب هو الخيبة التي سيطرت على وجوه وسلوك خصوم المقاومة في لبنان والذين لم يعرفوا كيف يقاربون المشهد، إذ حاولوا الترويج لما أعلنه قادة العدو بأن لديه حرية الحركة ضد المقاومة، وأن الاتفاق يقضي حكماً بنزع سلاح المقاومة بالقوة جنوب نهر الليطاني وشماله، وأن قوات أجنبية ستشرف على الاتفاق متبجّحين بأن جنرالاً أميركياً سيكون مسؤولاً عن لجنة الإشراف.
ردّد أعداء المقاومة في الداخل هذه العبارات كمن يراهن، بعد فشل جيش إسرائيل في تنفيذ المهمة، على تولي الجيش الأميركي الأمر بنفسه. وهنا، تنبغي دعوة «كسالى الداخل» لأن يقوموا، هم والجيش الأميركي وجنرالاته، بمساعدة جيش الاحتلال في تبليط البحر!
الخيبة الكبرى التي أصابت فريق الولايات المتحدة من اللبنانيين جاءت بعد توضيح الموفد الأميركي عاموس هوكشتين، رسمياً، أن الاتفاق لا يتضمن بنداً يعطي إسرائيل حرية الحركة، بل يعطي الطرفين حق الدفاع عن النفس، وكرّر ما قاله رئيسه جو بايدن بأن واشنطن لن ترسل جنوداً إلى لبنان، موضحاً أن الاتفاق يقول بما ينص عليه القرار 1701 من دون أي تعديل.
أما الذين يسألون عن موقف المقاومة من كل ما يجري، فإن ما يعلنه قادتها واضح لمن يريد أن يفهم، أما من يحتاج إلى مزيد من الشرح، فالأمر يسير على النحو الآتي:
أولاً: ممنوع على أي عسكري أو أمني أجنبي، من خارج قوات اليونيفل، العمل ضمن نطاق مهام القوات الدولية، كما تُمنع زيادة عدد الدول الأعضاء من دون موافقة لبنان مسبقاً.
ثانياً: على العدو الانسحاب في أسرع وقت ممكن من كامل الأراضي المحتلة، لأنه طالما يوجد احتلال فإن هناك مقاومة له ستكون حاضرة حيث يجب أن تكون.
ثالثاً: أي اعتداء قد يفكر العدو بارتكابه، ضد أي فرد أو مسؤول أو مركز أو منشأة تخص المقاومة في أي منطقة من لبنان، سيلقى الرد الحتمي والمباشر من قبل المقاومة التي في حال بادر العدو إلى الاعتداء، لن تنتظر ننائج تحقيقات لجنة الشكاوى، بل ستبادر إلى معاقبة العدو مباشرة، انطلاقاً من حقها بالدفاع عن النفس كما يرد في الاتفاق.
رابعاً: إن محاولة العدو، عبر الأميركيين أو غيرهم من القوات الدولية، الدفع نحو عمليات دهم لمنازل أو أملاك خاصة في أي منطقة لبنانية، جنوب أو شمال نهر الليطاني، محاولة مرفوضة، ولا يحق لأي جهة لبنانية أو دولية الاقتراب من أي ملكية خاصة من دون إذن قضائي، على أن يستند هذا الإذن إلى أسباب موجبة، لا إلى وشايات على طريقة ما تقوم به قوات الاحتلال.
خامساً: عدم إفراج العدو عن أسرى المقاومة الموجودين لديه في أسرع وقت يعني أن على المقاومة القيام بما تراه مناسباً لتحريرهم، وقد فهم المعنيون بأن المقاومة تحفظ وصية قائدها الشهيد نصرالله بـ«أننا قوم لا نترك أسرانا في السجون».
عملياً، يقف العدو، ومن خلفه الولايات المتحدة، ومن حولهما من راهن أو ساعد العدو في مهمته الدموية، في موقع من يجب مراقبة سلوكه. وكل محاولة لحرف الأنظار عن هذه الحقيقة، هي محاولة للدخول في مرحلة «الحسابات الخاطئة»… وهنا مكمن الخطر