*٣ صراعات دولية أجّجت الحرب في سوريا*

0
17

 احتاجت سوريا بدعم الحلفاء الـ3، روسيا وإيران وحزب الله، 4 أعوام لكي تطرد الفصائل المُسلحة من مدينة حلب، عام 2016، لكنها عادت لتخسرها في غضون أيام قليلة.
وتعرض الجيش السوري لضربات مفاجئة ومتتالية من قوات هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا)، وفصائل سورية حليفة لها، في وقت لم يجد خلاله الرئيس السوري بشار الأسد الحلفاء في مواقعهم المعتادة للقتال معه.

وتأثرت سوريا بانشغال الحلفاء الأبرز في معارك وصراعات دولية أخرى، جعلت لهم أولويات مختلفة عن الوقوف إلى جانب الجيش السوري في وجه الفصائل المسلحة.

تُستنزف روسيا كل ساعة في حربها الممتدة منذ 2022 مع أوكرانيا، ويحاول حزب الله التعافي بعد ضربات قاسية تعرض لها في حربه مع إسرائيل، وتلملم إيران أوراقها المبعثرة بسبب استهداف أذرعها وقياداتها وتصعيدها المباشر مع تل أبيب، فكيف أدى كل ذلك إلى “ثغرة” في سوريا انتهت بسقوط “غالبية” حلب؟
تحولات جذرية في الصراعأدت الحروب الإقليمية والعالمية، إلى “تحولات جذرية” على واقع القتال في الأراضي السورية، وفقا لوصف الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أندرو تابلر، في تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.

وأوضح تابلر: “ما حدث عبارة عن تحولات جذرية في المعادلة، القوى الإقليمية والدولية المتداخلة في سوريا منذ أكثر من عقد، تتداخل في حلب الآن”.

وتلعب روسيا وإيران وحزب الله أدوارا رئيسية في الصراع داخل الأراضي السورية، بينما يحظى الجيش السوري بدور أقل بكثير، بينما تتمتع هيئة تحرير الشام بدعم تركي واسع، وفقا للصحيفة الأميركية.

وترى آسلي أيدينتاشباش المتخصصة في الشؤون التركية في مؤسسة بروكينغز أن ضعف إيران وانشغال روسيا، والضربات التي تلقاها حزب الله، أدت إلى “فرصة سانحة لتركيا سارعت إلى اغتنامها”.

وأشار التقرير الأميركي إلى أن سقوط حلب قد يعطي أنقرة دورا كبيرا في مستقبل سوريا، الأمر الذي لن تقبله إسرائيل بالضرورة، ما يزيد الموقف تعقيدا.
حرب إسرائيل مع حزب الله أسقطت حلبيقول التقرير الأميركي إن العامل الرئيسي وراء سقوط مدينة حلب في قبضة هيئة تحرير الشام وانسحاب الجيش السوري منها، يكمن في الضربات التي تلقاها “حزب الله” في لبنان أمام إسرائيل.

وأشار التقرير إلى أن الحزب اللبناني كان قوة رئيسية في دعم الجيش السوري في مواجهة الفصائل المسلحة، لكنه نقل قواته وعتاده إلى جنوب لبنان لخوض الحرب ضد إسرائيل، ليترك خلفه ثغرة في سوريا.

ويقول نوار شعبان الباحث في الشؤون السورية في مركز هرمون للدراسات المعاصرة في إسطنبول: “حزب الله أصبح عاجزا الآن، وبرغم قوات الجيش السوري في حلب، فإن انتقال الحزب إلى لبنان ترك فراغا هائلا خلفه”.

وأضاف شعبان: “لم تكن قوات الجيش السوري مدربة ومستعدة مثل عناصر حزب الله، وكانت تفتقر إلى الانضباط العسكري وتكتيكات المعارك البرية، حتى خطة الانسحاب كانت عشوائية وكارثية”.

واستغلت هيئة تحرير الشام استنزاف حزب الله في حربه مع إسرائيل، لتختار توقيت الهجوم بعناية في يوم إعلان الهدنة في لبنان، حتى لا يستطيع الحزب اللبناني الوقوف في طريقها إلى حلب.
أولويات أخرى لإيرانمنذ بداية حرب غزة في 7 تشرين الأول من العام الماضي، استنزفت إيران وخسرت الكثير من قادة الحرس الثوري الذين قتلوا في أماكن متفرقة باستهداف إسرائيلي.

وجاء دخول إيران في مواجهة مباشرة مع إسرائيل باستهداف جوي وصاروخي، ليشتت انتباه طهران عن دعم دمشق، خاصة مع تفاقم الأزمة بين الضربات العسكرية والردود المضادة بين الطرفين التي لم تنته بعد.

وكان قصف إسرائيل الأخير للدفاعات الجوية الإيرانية، ومنشآت عسكرية ومرافق لإنتاج الأسلحة، بمثابة ضربة هائلة للقوة العسكرية الإيرانية، وكذلك الهيبة السياسية لها، بحسب الصحيفة.

وتسعى طهران في الوقت الراهن لدراسة كيفية الخروج من المعضلة، وإعادة دعم حزب الله الذي تعرض لخسائر ضخمة في حربه مع إسرائيل، بالإضافة إلى دراسة الرد على إسرائيل عقب الضربة الأخيرة، وإمكانية اللجوء إلى حلول دبلوماسية.

ومع فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الأميركية، باتت إيران أكثر تحفظا في تحركاتها، وتحولت أولويتها إلى تجنب عقوبات دولية، أو ضربات عسكرية أميركية إسرائيلية أكثر عنفا في الفترة المقبلة.
استنزاف روسيافي عام 2015 تدخلت روسيا بشكل مباشر في الأزمة السورية، في محاولة لمساعدة دمشق ودعمها في مواجهة الفصائل المسلحة، لكن الوضع لم يعد كالسابق.

دخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حرب أوكرانيا في 2022 بحثا عن نصر سريع، لكنها تحولت إلى حرب استنزاف دموية طويلة لا يعرف متى تنتهي، لتغير حساباته تماما، وتجعل كل تركيزه منصب على الجبهة.

خسرت روسيا آلاف الجنود والمعدات العسكرية من دبابات ومركبات قتالية، ودُمرت مجموعة فاغنر التي لعبت دورا حاسما في سوريا، وقتل أغلب قيادتها.

وتمثل القوة الجوية الروسية غطاء لا غنى عنه لقوات الجيش السوري، لكنها ضعفت كذلك بسبب الحرب مع أوكرانيا التي تحظى بدعم غربي هائل بالسلاح والذخيرة والمقاتلات الحربية.

ووفقا لمحللي شركة “أوريكس الاستشارية” فقد تم تدمير نحو 117 طائرة حربية روسية في الحرب مع أوكرانيا، وأصيبت ١٥ طائرة أخرى بأضرار مختلفة، الأمر الذي يجعل إرسال موسكو طائرات لسوريا أمرا يحتاج إلى تفكير.

واكتفت موسكو في الأيام الأخيرة بتنفيذ ضربات جوية في سوريا لاستهداف الفصائل المسلحة وهيئة تحرير الشام، لكنها كانت محدودة للغاية، إذ يقول المدير التنفيذي لقوة مهام الطوارئ السورية، معاذ مصطفى: “الروس مشغولون للغاية في أوكرانيا، وهذا جزء كبير من المعرك”.

وحاولت هيئة تحرير الشام تحييد روسيا في بيان قالت فيه إنها لا تستهدف روسيا أو أي دولة أو شعب آخر، مؤكدة أن “الثورة السورية” ليست طرفا في الحرب الروسية الأوكرانية”.(بلينكس – blinx)