ما إن هدأت لبنانيّا، حتى اشتعلت سوريّا، فشخصت الأنظار مجددا إلى مشكلة اللاجئين السوريين في البلاد.
هي الخاصرة اللبنانية التي لا تزال رخوة بعد الحرب الأخيرة، والتي لم تختم جروحها بعد ولا تتحمّل مزيدا من الارتدادات، فهل من تداعيات على مسألة اللاجئين؟ وأي إجراءات رسمية في المقابل؟
اللافت أن الأمن العام كان سارع قبل أيام إلى تعديل شروط دخول الرعايا لبنان. فماذا جاء في التعديل؟ وأي تدابير ستتخذ؟ وهل تعتبر فعّالة في مواجهة المرحلة؟
من المعلوم أن المراكز الحدودية والمعابر تعرضت لقصف إسرائيلي ممنهج، من أجل قطع أي مورد للأسلحة قد تصل إلى “حزب الله”، أو حتى إلى “عناصر بشرية مساعدة للحزب”. بعد وقف إطلاق النار، كان لا بد أن تخضع هذه المراكز لإعادة تأهيل، وبالتالي لتنظيم دخول اللاجئين.
تدابير تنظيمية
في البيان الأخير للأمن العام، ورد الآتي: “إلحاقا ببياناتها السابقة، تعلن المديرية العامة للأمن العام تعديل شروط دخول الرعايا السوريين إلى لبنان، وفقا لجداول واضحة”. وكان الأمن العام قد حدد “إجراءات استثنائية موقتة لتنظيم دخول الرعايا”، بعد الأضرار التي لحقت بالمراكز الحدودية البرية، ولئلا يتأثر سير عمل هذه المراكز خلال فترة إعادة تأهيلها. فهل تُعتبر التدابير كافية؟
تقول أوساط أمنية لـ”النهار”: “التعديل الذي أضيف لاحقا يُعتبر نوعا من ضبط منعا لأي فوضى وفلتان. ولا شك في أنها فعالة. هي نوع من آلية تنظيمية – رقابية”.
اطلعت “النهار” على الجداول التي أرفقها الأمن العام ببيانه، وتبين أنها قسمت الرعايا إلى فئات عدة، لكل منها تدبير أو “شرط”، ومدة إذن للدخول أو الإقامة. على سبيل المثال، منها من ينتسب إلى نقابات مهنية، ومنها من يخضع للعلاج الطبي أو للدراسة، ومنها من يكون من أمّ لبنانية وغير ذلك من حالات.
وهؤلاء يدخلون لبنان، إمّا عبر المطار وإما عبر المرافئ البحرية أو المعابر البرية.
أما المستندات المطلوبة، فتختلف بدورها وفق الحالة ومدة الإقامة، وإن كان أبرزها هوية سليمة أو جواز سفر صالحا، فضلا عن بطاقة نقابية للمنتسبين إلى النقابات، وكتاب موقّع من رئيس النقابة، للتأكد من أن البطاقة صحيحة وغير مزورة. أما لطالبي الدراسة، فلا بد من بطاقة جامعية وبعض الشهادات.
وتحال مدة الإقامة على الدائرة الأمنية لمنح إذن الدخول. فللنقابيين مثلا، المدة هي 15 يوما حدا أقصى، مع إفادة مغادرة.
كل هذه الإجراءات، وفق الأوساط نفسها، تشكل “عملية تنظيم متكاملة ومضبوطة، بحيث أن كل عملية دخول وخروج تتم عبر القنوات الشرعية. وهذا في ذاته رقابة وتنظيم فعالان”.
وفي موازاة هذه التدابير، كان الأمن العام قد حدد إجراءات لتنظيم ملف السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية عموما، وهي لا تزال سارية، وأبرزها: “عدم السماح للسوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بممارسة أي عمل مأجور من خارج قطاعات العمل المحددة لهم، واستئناف تنظيم عمليات العودة الطوعية والآمنة للرعايا السوريين الراغبين في العودة، برعاية الأمن العام”.
الآليات واضحة. ولا شك في أن الحرب في لبنان دفعت بكثر من اللاجئين إلى العودة، إنما الخوف أن نشهد عودة عكسية بعد الاضطرابات الأخيرة في سوريا، فهل تكفي عندها هذه الإجراءات؟!
منال شعيا-“النهار”