العدالة والحماية القانونية إلى الواجهة في موريتانيا..والسبب حادثة إغتصاب جماعي

0
28

رفع الموريتانيون شعارات تطالب بتطبيق عقوبات صارمة على مرتكبي جرائم الاغتصاب وتحسين التشريعات المتعلقة بمكافحة الجرائم الجنسية والإفلات من العقاب.

وجاءت هذه المطالب عقب وقفة احتجاجية نفذها عدد من سكان العاصمة نواكشوط في ساحة الحرية بين القصر الرئاسي ومبنى البرلمان تنديدا بعملية اغتصاب جماعي لطالبة جامعية، مطالبين بتحقيق العدالة لها ومحاسبة الجناة.

وحسب رواية وسائل إعلام محلية في موريتانيا فقد اقتحم ثلاثة شبان قُصّر، منزل أسرة الفتاة الذي تسكن فيه مع والدها المريض، وقاموا باغتصابها جماعيا تحت تهديد أسلحة بيضاء حسب رواية العائلة.

وأصدرت الشرطة الموريتانية بيانا عقب الحادثة أكدت فيه إلقاء القبض على المشتبه بهم الثلاثة، وإحالتهم إلى مفوضية القُصر للتحقيق معهم، موضحة أن الثلاثة “اعترفوا بما نسب إليهم وبفعلتهم وبحوزتهم بعض المحجوزات مثل هاتف الضحية”، وأضافت “اكتملت التحريات معهم وما زالوا قيد الحراسة، وسوف يحالون إلى النيابة في بداية الأسبوع” وفق ما جاء في البيان.

كما قالت النيابة العامة في ولاية نواكشوط الشمالية في بيان لها إنها أدانت ثلاثة قُصّر أحيلوا إليها اليوم على خلفية ارتكاب جريمة اغتصاب الطالبة بــ”حد الحَرَابة وفق الشريعة الإسلامية”، الذي يصل إلى حد الإعدام (رغم أنه لا ينفذ عادة) بحسب البيان.

وأضافت النيابة العامة أنها وجهت للقصّر تهماً بـ”تكوين جمعية أشرار بغرض الاعتداء على الأشخاص والأملاك من خلال الإعداد والتخطيط والتنفيذ لجريمتي الاغتصاب والسرقة الموصوفة عن طريق دخول المنازل ليلا بواسطة التسلق”.

ونفت النيابة العامة في بيانها أن يكون من أحيلوا إليها بتهمة اغتصاب الطالبة “من أصحاب السوابق”.

كما أكد محامي الفتاة سعيد مبارك وجود الجناة حاليا في حبس الاحتياط للتحقيق معهم نظرا لخطورة الوقائع، مشيرا إلى أن كون الجناة قصّرا لا يلغي العقوبة، ولكن بإمكانهم الاستفادة من ظروف التخفيف.

ورغم أن المادة 109 من القانون الجنائي في موريتانيا تحدد عقوبة الاغتصاب للشخص البالغ بالأشغال الشاقة لمدة تتراوح بين 5 سنوات لتصل إلى مدة أقصاها 20 سنة، ومع ذلك فإن “خصوصية القانون في موريتانيا تتشابك بين الشريعة الإسلامية والقانون بمعنى يتجه تأثير القانون بالشريعة الإسلامية في وقت لا يطبق الحد فيه أيضا بشكل فعلي وغالبا ما يتم تفعيل العقوبة السجنية”.

وحسب إحصائيات للجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل غير الحكومية، التي تستمد أرقامها من عدد الحالات التي تتابعها في مراكز الأمن لتقديم المساعدة لهن، فإنه منذ بداية العام الحالي إلى حدود نهاية الشهر الماضي تم الاعتداء على 225 فتاة دون سن الثامنة عشرة و92 حالة لنساء فوق الثامنة عشرة و18 حالة اغتصاب جماعي.

وحسب المصدر نفسه فإن الحصيلة مرتفعة أيضا خلال السنوات الماضية ولعل أعلاها خلال عام 2021 حيث بلغت 1046 حالة اغتصاب.

وندد المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان في بيان بجريمة الاغتصاب التي تعرضت لها الطالبة الجامعية قبل أيام، وأعلن تضامنه مع ضحايا الاغتصاب بشكل عام.

وقال الأمين العام للمرصد الموريتاني لحقوق الإنسان محمد محمود عبد الجليل: “مرة أخرى يعيش سكان مدينة نواكشوط شبح الخوف وانعدام الأمن، وانتشار الجريمة وهول الصدمة مما تعرضت له طالبة جامعية في مقاطعة دار النعيم من جريمة اغتصاب بشعة وفظيعة، ونحن في المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، سبق أن دقينا ناقوس الخطر بضرورة تحديث القوانين حتى تتناسب مع بشاعة هذه الجرائم وتكون رادعاً حقيقياً لهؤلاء المجرمين وألا تسمح الدولة بالتسويات التي تقف أحيانا حجر عثرة في إنفاذ القانون”.

وأضاف الأمين العام المساعد للمرصد، الشيخ سيديا إسماعيل، أن المرصد تطرق في آخر تقرير له لانتشار ظاهرة الاغتصاب وخطورتها، مشدداً على “ضرورة أن ينال مرتكبو هذا الجرم عقوبة رادعة من أجل القضاء على هذه الظاهرة التي تؤثر نفسيا واجتماعيا، ولديها ارتدادات خطيرة على المجتمع”، مؤكدا على “مسؤولية السلطات في تحديث هذه القوانين لينال مرتكبو هذا الجُرم عقوبتهم لكي تختفي مثل هذه الظواهر في البلاد”.

وأكدت منسقة الحماية في الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل سهام حمادي لبي بي سي:” أن الاغتصاب ظاهرة منتشرة في موريتانيا والإحصائيات شبه ثابتة حتى في السنوات الماضية فيما يتعلق بالاغتصاب، إذ سجلت الجمعية هذه السنة 366 حالة اغتصاب منذ بداية شهر يناير/كانون الثاني إلى نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني”.

وأوضحت حمادي أن أغلب المجتمع الموريتاني “يتكتم على الإبلاغ عن حالات الاغتصاب ولا يشتكون إلى الشرطة والأرقام التي لدينا هي لحالات تم إحالة شكواهم لدى مفوضية الشرطة”، مشيرة إلى أن “الجمعية تعمل على مؤازرة الضحية في مركز الشرطة وأمام المستشفيات وأمام العدالة بتوفير كل الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني من خلال توفير محام للدفاع عن القضية إضافة إلى توفر مركز للتكفل بضحايا الاغتصاب من كل النواحي خاصة الاقتصادية والاجتماعية والنفسية”.

وفيما يتعلق بقدرة القوانين في موريتانيا على حماية المرأة الموريتانية أكدت الحقوقية أنه “لا توجد أي تشريعات تحمي المرأة الموريتانية من الاغتصاب وهذا الفراغ القانوني أدّى إلى يفلت أغلبية المجرمين من العقاب وأصبح عدد الضحايا يرتفع يوما بعد آخر لعدم وجود أي وسيلة ناجعة للردع”.

هذا وتُجمع المدافعات عن حقوق النساء في موريتانيا على أن الحماية القانونية لضحايا العنف الجنسي ضعيفة في البلاد، وسط مطالبات متواصلة لتحقيق العدالة للضحايا ومعاقبة الجناة، مشيرات إلى أن الطريق ما يزال طويلا وشاقا لتحقيق هذه المطالب.