“نحو الإنقاذ” تطلق مبادرة شيعية: الدولة تحمينامشاريعُ الغلَبَة سقطت.. و”لبنان وطن نهائي.. عربيّ الهويّة”

0
26

أطلق عدد من الناشطين مبادرة “نحو الإنقاذ” اليوم الأربعاء، بحضور أكثر من 100 ناشط وصحافي، من الجنوب والبقاع والضاحية وبيروت وعدد من المناطق.
الأعضاء المؤسّسون للمبادرة هم الكاتب السياسي محمد بركات، والفنان المسرحي قاسم جابر، والشيخ عباس الجوهري، والدكتور هادي مراد، والقيادي اليساري محمد شامي، والكاتب السياسي قاسم يوسف، والناشط السياسي بشارة خير الله.
وقد شدّدت الكلمة التي ألقاها محمد بركات، على ضرورة أخذ الشيعة إلى مشروع الدولة، بعدما ثبت أنّ الطوائف والأسلحة لا تحمي فئةً من اللبنانيين، وبعد سقوط مشاريع الغلبة المذهبية في كلّ المناطق.
ودعت المبادرة إلى الاحتماء بشرعية الدولة ودستورها واتفاق الطائف، وبالشرعية العربية، وبالقرارا 1701 القادر على حماية اللبنانيين، خصوصاً أهالي الجنوب والبقاع والضاحية.
كما وجّه المجتمعون نداءً إلى على الاتفاق على أنّ “لبنان وطنٌ نهائيٌ لجميع أبنائه”، “عربيُّ الهُويّة والانتماء”. عروبةُ المصالحِ المشتركة والازدهارِ والتطوّرِ والاستثمارِ، لا عروبةَ صِيدنايا وفروع فلسطينَ وأخواتِها.
وأضاف بركات: “نريد لبنان بجيشٍ واحدٍ، وبلا ميليشياتٍ تريد تحريرَ فلسطين أو احتلالَ مكّة، أو مجموعاتٍ متفلّتة بأسلحة الزواريب في كلّ المناطق والطوائف… لبنانُ بنظامٍ ديمقراطيّ برلمانيّ، قائمٍ على الانتخاباتِ النيابية، وليس على سطوة السلاحِ والاغتيالات والقمصان السود. ليكونَ لبنانُ دولةً حيث جميعُ المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، شرفاءُ كلُّهُم، وليس بعضُهم أشرفَ من بعض”.
وتابع: ” جرّبنا السلاح. وتبيّن أنّه لا يحمي. وأنّ الحمايةَ لا تكون إلا بالدولة. وبالقرارات الدولية. خصوصاً القرار 1701، الذي سيحمينا من عواصف المنطقة المُستجدّة… فتعالَوا نجعلْ من هويّاتِنا المذهبية الفرعية، أبواباً ندخلُ منها إلى الوطن، ونسماتٍ عليلة تُهوّنُ اجتماعَنا، لا عواصفَ تُذكي نيرانَ الأزمات”.

لأصدقاء والرفاق والأحباب، أيّها الحضور الكريم،
في البداية،
نشدُّ على أيدي من تدمّرت بيوتُهم في الجنوب والبقاع والضاحية وزغرتا والوردانية وغيرها… نقدّمُ أطواقَ الياسَمين للشهداءِ الذين سَقطوا على أرض لبنان، دفاعاً عما آمنوا بهِ.
فنحنُ جِئنا لنحاولَ أن نُبلسِمَ جَراحَ الناس… نمدّ أيديَنا لنتعاونَ على الحلّ. بعيداً من لغة التخوين والتهويل. لأنَّ لا إعمارَ قبلَ الحلول السياسية، ولا حلولَ سياسية قبل أن نغيّر ما بِأنفَسِنا…
وثانياً،
نباركُ للشعب السوريَ والشعب اللبنانيَ وشعوبِ المِنطقة الحريّةَ بسقوط نظام طاغيةِ الشام وسفّاحِ صيدنايا وقاتلِ الأطفال. ونتأمّلُ أن يكونَ هذا السقوطُ فاتحةَ سقوطِ فَضَلاتِه الأمنية في لبنان، من أجهزةٍ وسياسيينَ وصحافيينَ وغيرِهم…
نلتقي اليوم، مجموعةً من اللبنانيينَ، همُّنا محاولةُ إنقاذِ ما تبقّى لنا من هذا الوطن. وقد تداعينا، وجئنا، من منابتَ ومشاربَ مختلفة. لبنانيين أوّلاً، عَروبيين ثانياً، ووطنيينَ دائماً، نؤمنُ بلبنانَ الواحد، فوقَ المذاهبِ والطوائف.
جئنا متنوّعين، مُتديّنين وعَلمانيين، عَروبيين ومستقلّين، شيعةً وسنّةً ودروزاً ومسيحيين، من ذوي الأصوات العالية أو الهادئة، الصارخة أو الداعية إلى التعاون، من جهاتَ لبنانَ الكثيرة…
فحريّةُ لبنان لا قيامةَ لها إلا بتطبيق الدستور وبنود اتفاق الطائف، الذي لم نطبّقهُ يوماً، والذي كان سيغنينا عن كلّ المآسي والحروب والأزماتَ والانهياراتَ التي تتتالى منذ عقود، لو أنّنا التزمنا الحيادَ والتحييد بين صراعات المحاور.
وقد آن الأوانُ، بعد سنوات من الترحال في “سفر برلك” الإيراني، الذي أخذ 20 ألفاً من خِيرَة شبابنا، أن نعودَ إلى حدود سايكس بيكو، وإلى بناء الدولةَ الوطنيةَ الجامعة.
الدولةُ التي تنصّ وثيقةُ وفاقِها الوطني، أيّ اتفاقُ الطائف، على أنّ “لبنان وطنٌ نهائيٌ لجميع أبنائه”، “عربيُّ الهُويّة والانتماء”. عروبةُ المصالحِ المشتركة والازدهارِ والتطوّرِ والاستثمارِ، لا عروبةَ صِيدنايا وفروع فلسطينَ وأخواتِها.
لبنانُ بجيشٍ واحدٍ، وبلا ميليشياتٍ تريد تحريرَ فلسطين أو احتلالَ مكّة، أو مجموعاتٍ متفلّتة بأسلحة الزواريب في كلّ المناطق والطوائف.
لبنانُ بنظامٍ ديمقراطيّ برلمانيّ، قائمٍ على الانتخاباتِ النيابية، وليس على سطوة السلاحِ والاغتيالات والقمصان السود. ليكونَ لبنانُ دولةً حيث جميعُ المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، شرفاءُ كلُّهُم، وليس بعضُهم أشرفَ من بعض.
دولةٌ تعود إلى احترام أصدقائها العرب، وتنتسبُ إلى الشرعيّةِ الدوليّة وتحترم قراراتِها وتطبّقُها. ليستعيدَ لبنانُ وظيفتَه ودورَه في المِنطقة، كوطنٍ نموذجيٍّ، للتعايش والتعدّديةِ والحريّاتِ الاجتماعية والاقتصادية. بعدما تحوّلَ في العقود الأخيرة إلى مركزِ تدريبٍ عسكريّ، ومنصّةِ هجماتٍ إعلامية، ضدّ العرب والغرب، وإلى مركزٍ لتبييض الأموال واستيراد الأزمات وتصدير الكبتاغون والممنوعات والمقاتلين.
ويبدأُ مسارُ هذه العودة، بانتخابِ رئيسٍ للجمهورية، وتشكيلِ حكومةٍ وطنية، وتفعيلِ عمل المؤسّسات، وسلطةٍ قضائية مستقلّة لمحاربة الفاسدين ومحاكمتهم، ووقفِ شلّالِ الفسادِ الهادر في أجهزة الدولة وإدارتِها. لنواجهَ نكبةَ الحرب، ونكبةَ إفلاس المصارف وانهيارَ الليرة والاقتصاد وضياعَ الودائع.

أيّها الأصدقاء الكرام،
جئنا لنجتمعَ ونعلنَ أنّ البلادَ ما عادت تحتملُ السكوت. ولولا أن سكتنا، فلأنَّهم دعونا إلى تحسّس رقابِنا. ولولا أنّ بعضنا خافَ وابتلعَ لسانه. ولولا أنّ كثيرين أرعبتهم دماءُ من سبقونا إلى الاعتراض… ولولا ولولا ولولا… فربّما لما وصلنا إلى هنا.
لهذا، آنَ للّبنانيينَ أن يجتمعوا على كلمةٍ سواء، وهي أنّ مشاريعَ الغلبة كلّها أودت بنا إلى المهالك. ولن تستطيعَ طائفةٌ، مهما بلغت قوّتُها، أو دولةٌ مهما شُبِّهَ لطموحاتِها، أو حزبٌ مهما كثُرَ عديدُهُ، أن يحكمَ لبنانَ بالغلبة.

السيّداتُ والسادة،
منذ العشرينات كنّا خارجَ الدولة. وجاء الاستقلال فتمرّدنا عليه بأحلامَ وَحدويّة. ثم جاءتِ الأحزابُ، وعرضت علينا فُتات المالِ وبعضَ السلاح. وسحرَ بعضَنا جمال عبد الناصر، وأغوت الكثيرين عروبةُ صدّام حسين وأحياناً معمّر القذّافي. ولأنّ فلسطينَ بوصلتُنا، أخَذَنَا معه أبو عمّار إلى مغامرةَ الحرب الأهلية. وظللنا نتنقّل من وعدٍ إلى حلمٍ، ومن كتفٍ إلى حضنٍ. نميل كيفما مال من يعادون إسرائيل. وكان الخرابُ حليفَنا الدائم. والموتُ صديقَنا الصّدُوق.
وتحتَ سحر مواجهة إسرائيل، وغوايةِ تحريرِ فلسطين، وأحلامِ الحريّة والعدالة… حاربَ بعضُ أهلِنا مع اليسار في ليبيا، ومع صدّام حسين وضدّه في إيران والعراق، وحاربوا ليحموا نظاماً ومقاماً في سوريا، ومع نظام الأسد، وحاربَ بعضُ شبابنا في البوسنة والهرسك، وفي أفغانستان، ولاحقاً في العراق مُجدّداً. وحاول بعضُنا النفاذَ إلى دول العرب، من الكويت إلى البحرين والسعودية واليمن، وهدّدوا نسيجها الاجتماعي وأمانَها… وفي النهاية حملنَا سلاحَنا إلى غزّة…
نَذَرونا للموت. للقتال. لتحريرِ فلسطين. لحمايةِ سوريا. للدفاعِ عن إيران. لإسنادِ غزّة. لم يتركوا قضيةً إلا وسَقُوها من دمائنا. كما لو أنّنا سبيلُ دماء، وكما لو أنّ السبيلَ بلا حارسٍ ولا بوّابين. وآخر الوعود: “نحمي ونبني”… وكان الدمارُ الكبير.

أيّها الحضور الكريم،
جرّب اللبنانيون مشاريعَ الطوائفِ طويلاً، وكلُّها باءت بالفشل. وجاءت علينا بالموتِ العميم. ونحن اليوم نوجّه دعوةً إلى الذين يؤمنون بأنّ طوائفَهم دائماً على حقّ، وأنّ مذاهبَهُم هي حبلُ الخلاص، بأن لا خلاصَ إلا بالحجّ إلى الدولةِ الواحدة تحت سقفَ الدستور، دولةِ القانون والمؤسسات والعدالة.
جرّبنا السلاح. وتبيّن أنّه لا يحمي. وأنّ الحمايةَ لا تكون إلا بالدولة. وبالقرارات الدولية. خصوصاً القرار 1701، الذي سيحمينا من عواصف المنطقة المُستجدّة…
فتعالَوا نجعلْ من هويّاتِنا المذهبية الفرعية، أبواباً ندخلُ منها إلى الوطن، ونسماتٍ عليلة تُهوّنُ اجتماعَنا، لا عواصفَ تُذكي نيرانَ الأزمات.
وللأصدقاءِ الغائبينَ الحاضرين، نحنُ طاولةٌ من طاولاتٍ كثيرة، يجمعها الهمُّ الوطنيّ. ونتقاطعُ معها ومعهُم في مناطقَ وساحاتٍ تتّسعُ للجميع. ومن هنا نمدّ أيدِيَنَا إليهِم، إلى هذه الطاولات، لنوسّعَ جدرانَ النقاش، ومساحاتِ الالتقاء، ولنشجّعَ المنكفئين واليائسين والمُحبَطين، على الانخراط في هذه الورشةِ الوطنية الضخمة، التي تحتاجُ إلى عقولِنا جميعاً، فوق الحساباتِ الشخصيةِ والضيّقة.
وفي الختام، نرجو اعتبارَ هذه الوثيقة مقدّمةُ لنقاشاتٍ موسّعة مع الحاضرين والمعنيين، في الأسابيعِ المقبلة، للبحث في كيفية تأطير صفوفنا وتنظيمها، ولحمايةِ أنفسِنا وبيئاتِنا من العواصفِ الآتية والعاتية. وتمهيداً للبَدء في العمل السياسي الميداني، معَ أهلنا، في المناطق كافّةً

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا