بدا من المعطيات الاساسية التي شغلت القوى السياسية ان ارتفاع اسهم ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون تحوّل الى حجر الرحى الذي تدور حوله الحسابات السياسية لرسم المعالم النهائية للمعركة باعتبار ان مصير انتخابه ليس محسوماً بطبيعة الحال، وان اسهم مرشحين اخرين عادت تعلو وتهبط وستبلغ الحمى ذروتها في الاسبوع الذي يسبق موعد الجلسة الانتخابية.
والجديد البارز في هذا السياق، تمثل في ارتفاع وتيرة الموقف المتحفظ للثنائي الشيعي عن انتخاب قائد الجيش بعدما رشحته الكتلة الجنبلاطية، اذ ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يقول بصراحة ان ترشيح العماد جوزف عون يحتاج الى تعديل دستوري “حتما” ، الا اذا فاز بالدورة الاولى بالثلثين فيصبح رئيساً ويكون انتخابه على غرار حالة انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان.
ولم يحسم بري حتى الان توجه خيار كتلته فيما سترتفع وتيرة الاتصالات بين الكتل النيابية مع حلول عيد الميلاد لتبيان وجهة كل فريق. وستبقى عملية الاخذ والرد مفتوحة بين النواب الى الساعات التي تسبق موعد الانتخابات.
ولكن المعطيات المتوافرة تشير الى ان الثنائي الشيعي يطمح الى الحصول على ثمن مهم لقاء دعمه انتخاب قائد الجيش الذي يتقدم سائر المرشحين المحتملين للرئاسة الاولى. والثمن المطلوب يتصل على الأقل بالسعي الى ابقاء الواقع السياسي القديم على قدمه وضمان تثبيت وزارة المال للطائفة الشيعية وتأمين اعمار القرى والبلدات في الجنوب عبر مجلس الجنوب في شكل خاص على نحو يتيح المحافظة على النفوذ الشيعي. وليس معروفاً اذا كان العماد عون سيماشي هذا الاتجاه بحيث يدخل الى رئاسة الجمهورية في هذه الحال مقيّداً بتنازلات مسبقة توازيها على الارجح مطالب من قوى اخرى. ولكن خيار جوزف عون لا يزال الاقوى على رغم موجة ترشيحات يخشى ان تؤدي في حال استمرارها اوالتشجيع عليها الى تشتيت الاصوات على نحو يمكن تمرير “مرشح تهريبة”. وتلفت المعطيات نفسها الى انه مع ضيق هامش العد العكسي لموعد الجلسة الانتخابية تتصاعد مخاوف من امرين: الاول تسلم الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 كانون الثاني/يناير المقبل وما يمكن ان يعني ذلك من تراجع الاهتمام بلبنان وملفه، والامر الاخر هو احتمال ان تراوغ اسرائيل في موضوع انهاء انسحاب قواتها من لبنان في فترة الستين يوماً التي تم الاتفاق عليها والتي تنتهي في 27 كانون الثاني اي بعد الموعد المحدد لانتخاب رئيس الجمهورية بـ 18 يوما . وعدم انتخاب رئيس سيوفر ذرائع بعدم جدية لبنان بتنفيذ اتفاق وقف النار ما يمكن ان يتيح هامشاً اما لبقاء اسرائيل او توسيع هامش احتلالها لقرى الجنوب.
المصدر: النهار