*جعجع: لن نسمح للمنظومة بأن تتسلل لمرة أخرى وتستعيد مواقعها*

0
17

أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “المنظومة لعينة جداً، ولا تزال متماسكة، وإذا ما أردنا توصيفها اليوم، فهي كمثل أناس في الصحراء على شفير الموت يتمسكون بالحياة بكل قوتهم، هذه هي طبيعة المنظومة”.

ولفت إلى أن “المنظومة تتألف من جماعة الممانعة بالإضافة إلى التيار الوطني الحر فهؤلاء هم المنظومة الفعليّة، والأعضاء الدائمون فيها والقرار النهائي فيها يبقى دائمًا في يدهم”.

وقال: “علينا أن نواصل المسيرة حتى النهاية. البعض اعتقد أنه مع اتفاق وقف إطلاق النار وسقوط نظام الأسد، انتهى كل شيء. ولكن الحقيقة هي أن ذلك كان نهاية السلبيات لا أكثر، ولكنه في الوقت عينه البداية للإيجابيات. فالآن يمكننا القول إن الأرض الوعرة تم تسويتها بالشكل المطلوب للبناء عليها، ولكن البناء يتطلب جهداً كبيراً وسعياً، باعتبار أن المنظومة لا تزال موجودة كخفافيش الليل، تعمل في الظلام، وتحاول في شتى السبل والطرق أن تجد وسائل للحفاظ على مواقعها في الدولة، لكننا لهم بالمرصاد. لن نسمح لهم بالحفاظ على أي موقع في الدولة”.

كلام جعجع جاء خلال العشاء السنوي لمهندسي الاغتراب في حزب “القوّات اللبنانيّة”، في المقر العام للحزب في معراب في حضور أعضاء تكتل “الجمهورية القوية” النواب: ملحم الرياشي، جورج عقيص، غياث يزبك، رازي الحاج، الياس اسطفان ونزيه متى، النائب السابق جوزيف اسحق، عضو الهيئة التنفيذية دانيال سبيرو، الامين المساعد لشؤون الإغتراب النائب السابق عماد واكيم، الامين المساعد لشؤون المصالح روبير توما، رئيس مصلحة المهندسين في “القوات اللبنانية” سامر واكيم، رئيس هيئة الكوراث نبيل ابو جودة، سفيرة ACAT France أنطوانيت شاهين، نقيب المهندسين السابق في طرابلس ماريوس بعيني، مؤسس “دار الحوار” بشارة خيرالله، عدد من منسقي المناطق في حزب “القوّات اللبنانيّة” ومن أعضاء المجلس المركزي ومن أصحاب شركات ومكاتب الهندسة في لبنان والاغتراب، وحشد من مهندسي “القوّات” في لبنان والانتشار.

وأوضح جعجع أنه “اليوم وعلى الرغم من الخلافات في وجهات النظر التي بدأت تظهر بين أعضاء المنظومة الأساسيين، تقوم هذه المنظومة بإعادة رص صفوفها، باعتبار أن الخلافات في وجهات النظر لا تهمهم كثيرًا، فما يهمهم هو مصائرهم والحفاظ على مصالحهم. لذلك، نجدهم يرصون صفوفهم، ويعملون على التشبث أكثر من أي وقت مضى ملقين بثقلهم لإحكام قبضتهم على ما يمكنهم الإمساك به في الدولة”.

وأشار إلى أن “المناسبة الأولى التي تحاول المنظومة تأكيد استمرارها فيها هي انتخابات رئاسة الجمهوريّة، لذلك تعمل وراء الكواليس وفي الغرف المغلقة لمحاولة تهريب رئيس بالحد الأدنى من الخسائر باعتبار أنه لم يعد باستطاعتها إيصال رئيس من الطراز الذي كانت يريدون”.

وقال: “الفرق هذه المرة أن الرياح العربية والدولية لم تعد مؤاتية للمنظومة. هذه المرة، هناك من يترقبها ويراقب كل حركة تقوم بها. وكلما حاولت أن تمد يدها إلى مسألة معيّنة يقوم بضربها على يدها، لذلك هناك الآن من يردعهم ويوقفهم. للأسف، مجلس النواب الحالي، بتركيبته كما هي، لا يسمح للقوى الحرّة بالتحرّك بشكل فعّال، لكن على الرغم من ذلك، نحن نعمل بما هو متاح، وبالتعاون مع المعارضة، ونقوم بإحباط مشاريع المنظومة كلها بشكل مستمر. لذا لن نسمح للمنظومة بأن تتسلل مرة أخرى وتستعيد مواقعها، كي نكون مستعدين لما يجب علينا القيام به في المرحلة المقبلة”.

وشدّد على أنه “بالتأكيد، يمكنكم أن تستريحوا قليلاً. فكما قلت لكم سابقاً، يومان أو ثلاثة من الراحة كافية. ولكن علينا أن نعود لمتابعة المسيرة. انتهينا الآن من السلبيات، وعلينا أن نبدأ بالعمل على الإيجابيات المتمثلة في لبنان تبعاً لنظرتنا للأمور، بدولة حقيقية وجدية. لم يعد بإمكاننا أن نستمر في العيش في ظل اللادولة، فنحن عشنا في ظلها فترة طويلة جدًا، وهذا لا يمكن أن يستمر”.

وكان جعجع قد استهل كلمته بتوجيه تحية كبيرة لنواب تكتل “الجمهورية القوية”، وقال: “بما أنه بيننا اليوم ستة من نواب تكتل “الجمهورية القوية”، أود أن أبدأ بتوجيه تحية كبيرة لهم، لأنهم بصراحة يمثلوننا أفضل تمثيل ويعطون أفضل صورة عنا ومبيضيلنا وجنا”. وشدد على أنهم “يبذلون كل ما في وسعهم وبما منحهم الله من إمكانات للعمل والخدمة قدر الإمكان، ويتمسكون بمبادئ القوات اللبنانية التي وُضعت منذ خمسين عامًا، ويحاولون تطبيقها بأفضل طريقة ممكنة”.

تناول جعجع قضيّة اختطاف باسكال سليمان وقتله، وقال: “على ذكر المبادئ، لا يمكن أن ننسى الشهيد رفيقنا باسكال سليمان. بطبيعة الحال، وفي ظل وجود رفيقتنا ميشلين وهبي سليمان، التي كان من المفترض أن تكون معنا اليوم ولكن لم تتمكن من ذلك، وأنا أتفهمها تمامًا، لا يمكننا أن نمر على هذه المناسبة من دون أن نتذكر باسكال سليمان الذي استشهد وهو في عز عطائه. باسكال كان يملك كل شيء في هذه الدنيا، ويجب أن ننتبه، وأنا في هذا الإطار لا أتكلّم عن القوّات، لكن هناك بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى الأحزاب لأنهم لا يملكون مكانة في المجتمع، ويبحثون عن موقع ما أو عن كرسي نيابي باعتبار أنها الطريق الأقصر في بعض الأحيان، للظهور وتحقيق الذات، إلا أن باسكال لم يكن بحاجة إلى أي شيء، فقد كان لديه كل شيء، ولكنه انضم إلى القوات اللبنانية لأنه آمن بها وبمبادئها”.

وتابع: “كان باسكال يساهم دائمًا في العمل الحزبي، ولكن عندما دق الخطر على الأبواب، قلنا له إن لدينا فراغاً في منطقة جبيل ونحن عزمنا على المضي قدماً في تطوير العمل الحزبي فيها، ولم يرفض المهمة أبداً، وبالرغم من أنه كان لديه كل المقومات خارج القوّات، تقدم الصفوف واضطر للابتعاد عن عائلته وعمله المهني ليقوم بواجباته الحزبيّة، واستشهد وهو يؤديها”.

وشدّد على أنه “باستشهاد باسكال علينا أن نتذكر جميعًا أن القوّات وقت الخطر “قوّات”، وأنا كنت بنفسي شاهدًا على هذا المشهد، ففي غضون ساعتين إلى ثلاث ساعات، لم يبقَ أي قواتي على الأراضي اللبنانيّة إلا وكان في المكان الذي يجب أن يكون فيه. الأمر الذي شكّل أداة ضغط كبيرة جداً، حيث نزل الجميع إلى الأوتوستراد منتصف الليل، وأغلقوه ورابطوا في مكانهم طوال الليل وحتى ساعات الصباح من اليوم التالي لتشكيل وسيلة ضغط على الدولة كي تتحرك بالسرعة اللازمة وتحلّ القضية قبل أن يتم قتل باسكال على أيدي خاطفيه، باعتبار أننا في حينه لم نكن على دراية أو علم بمقتله بعد. ولكن للأسف، بعد ظهر الإثنين، أي اليوم التالي لعمليّة الخطف، علمنا أن المجرمين القتلة قد قتلوه، لذلك أنهينا الاعتصام الذي كنا في صدده وأعدنا فتح الأوتوستراد، وتابعنا بالضغط السياسي فقط، حيث أبلغنا جميع المسؤولين المعنيين في الدولة أنه إذا لم يتم توقيف القتلة وكل من له علاقة بالجريمة خلال أيام فنحن سنعود إلى الضغط عبر إقفال الاوتوستراد في جبيل”.

وأضاف: “ما قمنا به كان تحركًا كبيرًا، ومن خلال الضغط الذي قمنا به، تم، وبفترة قياسيّة، توثيف تسعة أشخاص لهم علاقة بالجريمة، حيث ثبت تورط خمسة من بينهم، حتى أن بعض الموقوفين أُحضروا من داخل سوريا، الأمر الذي يُعد سابقة في هذا الإطار ولم يحصل من قبل، وعندها بدأنا العملية القضائية وتابعناها كما يجب لحظة بلحظة عبر الدائرة القانونيّة في حزب “القوات اللبنانية”، وبإشراف جورج عدوان. حتى أن شقيق باسكال، وهو محامٍ، كان يتابع التحقيقات”. ولفت إلى أنه “حاليًا، هناك خمسة متهمين موقوفين وتتم محاكمتهم، كما أن هناك اثنين فارّين من وجه العدالة وهما موجودان في سوريا، أحدهما فراس ميمو والآخر زكريا قاسم”.

وقال: “عندما تشكلت السلطة الجديدة في سوريا، باعتبار أن القوّات قوّات وهذه أمور لا يمكن أن ننساها، قمنا بشكل فوري بإرسال إسمي الفارين في سوريا إلى المراجع المعنية هناك، بالإضافة إلى المراجع الدوليّة التي لها سلطة وتأثير في الوقت الراهن في سوريا وخصوصًا الدولة التركية، بغية البحث عنهما وتسليمهما إلى الجهات القضائيّة اللبنانيّة، ولكن يجب علينا ألا ننسى أن الوضع في سوريا ما زال غير مستقر، ولم تستأنف بعد الإدارات الرسميّة عملها بالشكل المطلوب، فعلى سبيل المثال هناك أكثر من 112,000 شخص سوري مفقودين في الوقت الراهن، على الرغم من أن السلطة الجديدة فتحت أبواب السجون كلها وراجعت سجلاتها وقيودها، لذلك هي تقوم الآن بمحاولة البحث عن هؤلاء المفقودين في أماكن أخرى، وبالتالي ما أردت قوله إننا تابعنا ونقوم بمتابعة القضية حتى النهاية، ولن نتوقف حتى القبض على الفارين في سوريا ومثولهما أمام قوس المحكمة لكشف كل تفاصيل الجريمة ومُحاكمة جميع المتورطين فيها”.

وتابع: “رحمة الله على رفيقنا باسكال، فهذا قدرنا في القوّات. البعض يسأل لماذا يُقتل القواتيون في كل مكان؟ ففي الأول من أمس كان رفيقنا الياس الحصروني وفي الأمس كان باسكال سليمان واليوم رفيقنا رولان المر، والسبب هو أننا يجب أن نتذكر دائمًا أن القوات اللبنانية منتشرة على مساحة الوطن وتمثل أكثريّة المجتمع والرفاق بطبيعتهم يكونون دائماً في الصفوف الأمامية في كل منطقة وحي وقرية عندما تقع أي مشكلة. لهذا السبب، فإن أي حادثة أو مواجهة تجعلهم أكثر عرضة للخطر من أولئك الذين يختبئون في أقبية منازلهم. إلا أن هذا الأمر يجب ألا ينسينا وألا يثنينا، في أي لحظة من اللحظات، عن متابعة ما نقوم به. ومن هذا المنطلق أنا أشد على يد رفيقنا سامر واكيم عندما تكلّم على مفهوم العدالة، فالعدالة موجودة، إما أن نحققها نحن كما حصل مع الموقوفين الخمسة في جريمة خطف وقتل رفيقنا باسكال سليمان وإما أن يحققها الله كما حصل مع بشار الأسد ونظامه في سوريا خلال 10 أيام فقط، والأهم في هذا هو ألا نتراجع في أي لحظة من اللحظات أو نستسلم لليأس أو يضعف إيماننا”.

وتناول جعجع في كلمته مسألة العيد، وقال: “عيدنا هذه السنة ليس كالأعياد السابقة، فبكل صراحة، يمكنكم أن تعيّدوا بارتياح. يمكنكم أن تعيّدوا بكل معنى الكلمة، لكن لا تطيلوا الأمر. يومين أو ثلاثة أيام حدًّا أقصى، إذ يجب أن نعود لنكمل عملنا، لأن عملنا لم ينتهِ ولم نصل بعد إلى ما نريده، فنحن عبرنا المراحل الصعبة من عملنا التي كانت كناية عن درء للخطر عن وطننا ومجتمعنا، لكننا لم ننتهِ بعد”.

تابع: “كان هناك ضبع يجلس هنا وأسد يجلس على كتفنا هناك، هذه كانت وضعيتنا في الأعوام الثلاثين الماضية، هذا الضبع يضرب ضربة من هنا وذاك الأسد يضرب أخرى من هناك. وهذا الأمر ليس ببسيط أبداً، وأنتم رأيتم من كمال جنبلاط مروراً ببشير الجميل ورينيه معوض وصولاً إلى رفيق الحريري وشهداء 14 آذار ومن تبعهم، سلسلة الشهداء الذين سقطوا. اما الذين اغتالوا هؤلاء الشهداء، فقد أصبحوا جميعاً اليوم أمام محكمة الله، والتي من المؤكد أن أحكامها أشد بكثير من أحكام الأرض. لذلك، يمكننا هذا العام أن نعيّد بشكل صحيح”.

وأضاف: “أنا لا أحب التبجح أو التفاخر بالنفس، لكن أنتم، القواتيون والقواتيات، يحق لكم أن تعيّدوا، لأن حركتنا التي بدأت في العام 1975، أي منذ قرابة الـ50 عاماً، استمرّت في النضال مرتكزةً على الإيمان فحسب. هل كان أحد يعرف يقين المعرفة الحسيّة أنه في وقت من الأوقات سيسقط نظام الأسد؟ كان نظامًا حديديًا، جائرًا جدًا. كان يقتل الناس ويسجنهم من دون أي سبب أو مسوّغ. ونحن نتابع الوقائع التي تظهر يوماً بعد يوم عن ممارسات هذا النظام الذي كان يمسك كل شيء بالحديد والنار. فهو فعلاً كان كما سُمي: نظام السجون والقبور. فعلى الأراضي السورية الخيارات كانت محدودة جداً، إما أن تكون في السجن، وإما في القبر، أو تصفق للنظام. لا يوجد خيار آخر. إما أن تترك سوريا، وهكذا كان الحال. الشعب السوري خلال الأعوام الأربعين الماضية كان مصيره، إما الحبس، وإما القبر، وإما التصفيق للنظام، أو الهروب من سوريا. لكننا على الرغم من ذلك كله لم نفقد إيماننا يوماً وبقينا وسقط هذا النظام”.

وقال: “أنتم بالذات، الجالسون في هذه القاعة اليوم، هل خطر في بال أحدكم، منذ ستة أشهر، ولا نتحدث عن أربعين سنة، فقط ستة أشهر، أن هذا النظام سيسقط؟ الجواب بالطبع هو لا، ولكنكم ومع ذلك، أكملتم في نضالكم ومسيرتكم. لذا أنتم ورفاقنا الذين استشهدوا، وجرحوا، والذين ثابروا وناضلوا وتابعوا المسيرة على مر الأعوام الـ45، على أي أساس قرروا متابعة نضالهم؟ نظام الأسد، لم يكن أحد يتوقع سقوطه، فعلى أي أساس تابعوا النضال؟ الجواب هو أنهم تابعوا مرتكزين إلى إيمانهم فحسب. ولو أردنا حساب الأمور حينها بالعقل والمنطق، لما وجدنا أي حساب منطقي يثبت ما حصل اليوم، ولكانت النتيجة أننا مجانين في قرارنا بمتابعة نضالنا في وجه هذا النظام. أما الآن، فإذا ما نظرنا الى لمسألة بعد سقوط نظام الأسد بالفعل، لوجدنا أننا أصحاب مبدأ مئة في المئة، ملتزمون مئة في المئة، ومناضلون مئة في المئة”.

وأوضح أنه “يجب دائماً أن ننظر إلى الأمور تبعاً لمدى التاريخ، وليس تبعاً للمدى القريب أو مدانا نحن. كأن نقول في بعض الأحيان “لماذا لم يحدث الشيء الذي نعمل من أجله منذ ثلاثة أو أربعة أشهر؟ أو نقول إنه قد مر عام ونحن نتظاهر ولم نحقق شيئاً. لا. هذه ليست قياسات التاريخ. فقياسات التاريخ كما رأيناها، ونظام الأسد استغرق أربعين عاماً ليسقط. وأنا هنا لا أقول إن أي مسألة ستأخذ أربعين عاماً لكي تتحقق، وانما ما أحاول إيضاحه وتبيانه هو أن القضيّة الصعبة تحتاج وقتاً وإيماناً راسخاً وعميقاً”.

وتابع: “الأهم من ذلك كله، كيف استطعتم أن تحافظوا على إيمانكم طوال هذه الفترة من دون أن تكون هناك بوادر واضحة أمامكم أو أي بصيص نور؟ والجواب هو أن هذا هو الإيمان الحقيقي، أن تكملوا المسيرة على الرغم من الظلام الدامس. ولو قررتم عدم المضي قدماً، لما كنا هنا اليوم. لذلك، في هذه الأيام، لا أنفك أردد أينما ذهبت الآية الإنجيليّة: “طوبى للذين آمنوا ولم يروا”. وهذا هو جوهر الإيمان الحقيقي، أما من يقرر اعتناق هذا الإيمان الآن، بعدما أصبح الأمر واقعًا ملموسًا ورأيناه بأعيننا ونقوم بمتابعة تطوراته، فلا فضل له أبداً، ولكن طوبى لمن آمنوا قبل أن يروا بأننا سنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم، واستمروا في الإيمان ليس منذ سنة، وسنتين، وخمس سنوات، وعشر سنوات، وعشرين، وثلاثين، وإنما منذ خمس وأربعين سنة. فالقوّات منذ أيام الرئيس الشهيد بشير الجميل حتى اليوم، هذا إيمانها، إيماننا، الذي لم يتزعزع في أي وقت من الأوقات، والآن نراها تحصد ما جناه هذا الإيمان، لذلك، لكم أيها الرفاق كامل الحق في أن تعيّدوا هذا العام بفرح كبير، لأنكم حافظتم على إيمانكم الذي يستطيع أن يُحرك الجبال، وفي نهاية المطاف هو الذي أسقط الجبال التي كانت تُعيقنا، وأوصلنا إلى حيث نحن الآن”.

وتوجّه جعجع إلى المهندسين المغتربين الموجودين، وقال: “أنا أتفهم تمامًا الظروف التي دفعتكم إلى ترك لبنان والذهاب إلى بلاد الإنتشار. ربما كان من الجيد أنكم قمتم بذلك، لأن المجتمع الذي يخلو من الإمكانات يموت. ونحن عاينّا هذا الواقع عن كثب في لبنان، فعمدما شحّت الإمكانات، لم يعد هناك مجال للاستمرار. لذلك ذهبتم إلى الغربة، والعذاب، والتعب، والشقاء وبذلك قمتم بتوفير الإمكانات التي يحتاجها مجتمعنا ليصمد. ولكن الآن، يمكنكم أن تبدأوا بالتفكير جديًا في البدء بالتحضير للعودة. لأن الفرص في لبنان ستبدأ بالظهور، وربما تصبح قريبًا أفضل مما هي عليه في الخارج. نحن انتهينا من مرحلة سيئة جدًا، مرحلة اللا دولة في لبنان. انتبهوا، لم نصل بعد إلى مرحلة الدولة، ولكننا نسير في هذا الاتجاه، وسنصل إليها عاجلاً أن آجلاً”.

وختم: “أقول لكم بكل صراحة: لكم كل الحق أن تعيدوا هذا العام بفرح، لأن مجرد بقائكم قواتيين كل هذا الوقت ورغم كل الظروف، هو إنجاز يستحق التقدير. ولكن تذكروا أن عملنا لم ينتهِ بعد. ما زال أمامنا الكثير لنفعله. كما أنجزنا الجزء الأول، سنكمل المسيرة لإنجاز الأجزاء الأخرى، بإذن الله”.

وكانت كلمة لرئيس مصلحة المهندسين في “القوّات” سامر واكيم استهلها بالقول: “نجتمع اليوم، ككل عام، إلى مائدة المحبة، لنؤكد على القيم التي تمثلها القوات اللبنانية، قيم الحرية والسيادة والصمود والثبات في وجه التحديات. فلبنان، الذي نحلم به جميعًا، لن يكون إلا وطنًا حرًا مستقلاً، بعيدًا من أي هيمنة أو وصاية”.

وتابع: “في زمنٍ عصيبٍ على منطقتنا، أثبت الدكتور جعجع، بحكمته ورؤيته الثاقبة، قدرته على قراءة مسار الأحداث الإقليمية والدولية. إن صموده أمام محاولات الإلغاء والترهيب كان درسًا لنا جميعًا في الإصرار على الحق. واليوم، وقد شهدنا انهيار حكم الطغيان في سوريا وزعزعة حالة “حزب الله” الإرهابي في لبنان، ندرك أن هذه الإنجازات لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة صبرٍ، ورؤيةٍ واضحةٍ، وعملٍ دؤوبٍ. ولعل أكثر ما يميز هذه الواقعية السياسية انها ممزوجة بالأمل، فرئيس القوات لم يترك مجالاً للتشاؤم على رغم الصعوبات، وهذا كله منبثق من إيمان عظيم. فشكرا من القلب حكيم، لإبقاء شعلة الأمل مضاءة في داخلنا، طوال تلك الأيام الصعاب”.

وأضاف: “نتذكر جيداً 1 ايلول 2024، قداس الشهداء حينها وعدنا الحكيم بغد أفضل، وليس بغد أفضل فحسب، بل بغد نحنا شركاء في قراره، غد بكل بساطة يشبهنا، ربنا لوهلة استغربنا ولم نصدّق، ربما لأن الإنسان بطبيعته ضعيف، او ربما لأن رفيقنا باسكال “بعد ما نشفو دماتو”، وفي هذه المناسبة أوجّه تحية إلى روح باسكال “اللي ما كان يقبل إلا ما يشاركنا هالمناسبة”، أو ربما غفل عن تفكيرنا للحظة ان الله يتدخل في التاريخ وبصماته واضحة وجلية. والدليل أنه في أقل من 3 اشهر، صح الصحيح الذي ننتظره منذ أعوام، فحزب الله تأدّب والاسد طار وبقينا نحن أسياداً وشركاء في صناعة الغد”.

وأضاف “طريق بعبدا لازم تبلش من معراب، هيدا إذا ما نقلناها عمعراب، وفي كل الأحوال حكيم انت الوحيد من قرأ صح وليسمح لنا الجميع”.

وتوجه واكيم الى المهندسين وقال: “إن نقابة المهندسين في بيروت، كانت ضحية على مدى سنوات طويلة لتحالف أهل السلطة، الذين سعوا إلى إفقارها وتهميش دورها الوطني والمهني. لقد عمدوا إلى تحويل هذه النقابة من مؤسسة تُعنى بشؤون المهندسين إلى ساحةٍ للتجاذبات السياسية والمصالح الشخصية. فبدل ان يبادروا إلى تصحيح الخلل القائم نراهم مستمرين في منطق المحاصصة . فها هم يتحاصصون 25 موظفا جديدا من هنا ويفتحون مركزا جديدا للنقابة في منطقة الهرمل من هنالك، ولا عجب في ذلك، فمن وصل بأصوات الممانعة إلى مركز القرار من الطبيعي أن ينصاع لمشاريعهم الهدامة. لكننا، كقوات لبنانية، نقف اليوم أمام تحدٍ جديد: إنقاذ النقابة وإعادتها إلى موقعها الطبيعي كمنبر للابتكار والعلم. وبما اننا على ابواب اعادة اعمار ما تهدم، فاننا نناشد الجهات الرسمية المعنية ان تقوم بدورها الرقابيّ المنوط بها في القوانين، والحرص على عدم اعادة ما حصل سابقاً من تعريض حياة المدنيين للخطر. كما نطالب نقابة المهندسين في بيروت والمعنية بشكل اساسيّ بتطبيق مرسوم السلامة العامة في الابنية، بالقيام بما يلزم لحث هذه الجهات على القيام بواجبها لجهة مراقبة تنفيذ تراخيص البناء بحرفيتها ومنع انشاء طوابق سرية تُستخدم لاغراضٍ عسكرية تحت بيوت المدنيين الآمنين”.

وتابع: “من جهة أخرى، كما هو معلوم فإن عدد من الابنية التي دُمّرت كلياًّ او جزئياً كانت تشكّل اعتداءات على املاك خاصة معظمها تابعة للاوقاف المسيحية، ومن هنا نسأل، ما الخطة التي تنوي النقابة اعتمادها من اجل عدم إعطاء تراخيص عشوائية، كخطوة أولى نحو اعادة هذه الاراضي وغيرها الى اصحابها الحقيقيين ومنع اعادة اقامة المخالفات عليها؟ مع التأكيد على قدسية الملكية الخاصة المصانة في الدستور اللبناني. من هنا، من معراب التي صمدت بوجه كل العواصف والتحديات، نعد بإعادة دور النقابة الطليعي، والعمل على تعزيز الشفافية والمهنية فيها، بما يخدم المهندسين اللبنانيين في الوطن والاغتراب. أما في نقابة المهندسين في طرابلس، فإن النقيب يبذل جهدًا استثنائيًا للنهوض بالنقابة وتحديث قوانينها، وبالتالي نحن، بطبيعة الحال، من الداعمين له”.

أما للمهندسين المغتربين فقال: “أنتم تمثلون الوجه الحقيقي للبنان. بعملكم وإنجازاتكم، ترفعون اسم وطننا عاليًا، وتبنون جسور التواصل والتعاون بين لبنان والعالم. أنتم سفراء التميز والإبداع، ولبنان يفخر بكم. اليوم، نجدد العهد أن نبقى على خط الدفاع الأول عن لبنان. معاً، بالعمل والالتزام، بقيادة الدكتور جعجع سنبني لبنان الذي يليق بتاريخه وأحلام أبنائه”.

وختم: “اليوم، نؤكد أن نجاح لبنان لا يكتمل إلا بتضافر جهود أبنائه، مغتربين ومقيمين، في سبيل بناء مستقبل يليق بأحلامنا. فلنرفع رؤوسنا عاليًا، لأننا أبناء وطنٍ لن يُكسر. ولنعمل جميعًا معًا، مهندسين، مواطنين، ومغتربين، من أجل بناء لبنان الجديد، لبنان الحلم الذي يتسع لجميع أبنائه”.

وكان قد استهل اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب “القوّات اللبنانيّة”، ومن ثم كلمة الافتتاح التي ألقاها، رئيس دائرة مهندسي القوات في الإغتراب وسيم مهنا، والتي استهلها بالحديث عن أهمية هذا اللقاء في زمن الميلاد المجيد، معتبراً أن “الفرحة ناقصة هذه السنة، لغياب رفيق كان دائمًا حاضر معنا في هذه المناسبة وهو الشهيد باسكال سليمان”. وقال: “فلترقد روحك يا رفيقي باسكال بسلام، فصلواتنا ودعواتنا وصلت إلى السماء وكانت عدالتها صاعقة مدوية فأخذت بحقك وبحق كل شهدائنا منذ خمسين عاما. وعلى رغم غيابك بالجسد، فإن روحك موجودة معنا في كل نشاط أو احتفال قواتي من خلال عيون زوجتك ميشلين”.

ولفت إلى أن “سنة 2024 كانت مليئة بالاحداث والتغيرات، إلا أن القوات بقيت صامدة ومنتصرة. ما أجمل أن نرى في هذا العيد الأمل الملموس بعودة وطن طالما حلمنا به، وبناء الجمهوريّة القوية. لذا، كونوا فخورين أيها الرفاق ، لانكم اليوم في حضرة القائد الوحيد في لبنان الذي ضحّى ودفع ثمن هيمنة النظام السوري، واجه الاسدين الكبير والصغير ومحور الشر والاجرام وبقي صامداً “ما نهزّ ولا تعامل ولا ساير”، وبالتالي من حق الدكتور جعجع أن يكون رئيسًا للجمهورية فهو الوحيد الذي يطمئن المغتربين الى العودة إلى لبنان”.

في الختام، شكر مهنا الله لعدالته السماوية التي “كنا شهودا عليها هذه السنة أمام محور الشر والإجرام والاغتيالات والتفجيرات في لبنان”.