*المئة دولار “البيضاء” تُقلق اللبنانيين… ما حقيقة سحبها من التداول؟*

0
34

بين المئة دولار “البيضاء” والـ50 دولاراً المزوّرة، تغرق السوق اللبنانية بالشائعات، ويعيش المواطن والمقيم حالة تخبّط وعدم استقرار ماديّ. منذ العام 2019 وحتى اليوم، لطالما اختلق اللبنانيون الأزمات وتعايشوا معها، ولعلّ أبرزها الأزمات المالية المرتبطة بالليرة والدولار، والتلاعب بسعر الصرف، وتزوير العملة.

للمرة الثانية منذ انهيار الليرة، سَرَت شائعات في الأيام الماضية تُفيد بأنّ الورقة النقدية القديمة من فئة المئة دولار، والتي تُعرَف لبنانيّاً بـ”المئة البيضاء”، باتت غير صالحة للتداول عالميّاً، ممّا خلّف بلبلة في السوق ولدى محال الصيرفة.

هذا الأمر دفع قوى الأمن الداخلي إلى إصدار بيان عاجل عن مكتب مكافحة الجرائم الماليّة وتبييض الأموال في وحدة الشّرطة القضائيّة، يؤكد أنّها “لا تزال صالحة وقيد التداول”.

أبرز المشاكل تمظهرت برفض عدد من التجّار استلام المئة دولار “البيضاء” من المواطنين، علماً بأنّ هذه الورقة النقدية لا تزال متداولة في المصارف، وقد تقاضى موظفون رواتبهم بالدولار آخر الشهر بورقتَي المئة “الجديدة والقديمة” طبيعيّاً، وسط قلق من عدم إمكانية استعمالها كالسابق.

إلى ذلك، عمدت بعض محال الصيرفة إلى استغلال الأزمة وحالة التفلّت المالي، فراحت تُقايض المواطنين بحسم 10 دولارات من المئة دولار “البيضاء” لقاء صرفها.

هذه الممارسات يردّ عليها مصدر في مصرف لبنان بالقول لـ”النهار”، إنّ “الورقة النقدية (المئة دولار) مقبولة من دون أيّ مشكلة أو حسم من قيمتها؛ ومَن يطلب حسماً يُخالف القانون ويُمكن أن يتعرّض للملاحقة لأنّه يستغلّ المواطنين”، واصفاً هذا العمل بـ”السرقة”.

ويضيف المصدر في مصرف لبنان لـ”النهار”: “لا مشكلة في ورقة المئة دولار (البيضاء)، ولم يُصدر البنك المركزي الأميركي ووزارة الخزانة أيّ بيان حولها، وبالتالي لا صحّة لما يتم تداوله في لبنان”، مؤكداً أنّ “قوى الأمن أصدرت بياناً تطمينيّاً بالتنسيق مع مصرف لبنان، وذلك لإقفال الملفّ، وعادت الأمور تدريجياً إلى مسارها الطبيعي”.

كيف تبدو الحركة في محال الصيرفة اللبنانية؟

الإشكالية لدى الصيارفة تكمن في أنّ ورقة المئة دولار “البيضاء” “متقنة التزوير”، ويصعب تمييزها من الورقة الأصلية، كما واجه عدد من الصرافين صعوبة في كشفها عبر آلة فحص العملة أيضاً، ممّا أثار مخاوف لديهم من التداول بها.

يقول الصرّاف محمود حلاوي لـ”النهار” إنّ “الصرافين باتوا قادرين على كشف الورقة المزوّرة من خلال بعض المزايا والألوان، فيما يصعب على المواطنين معرفتها بسهولة، في وقت تعمل الشركات على إعادة برمجة آليّاتها خلال 10 أيام وتحديثها”.

إلى ذلك، يرى حلاوي في البيان الأميركي حول صلاحية العملة “فرصة” للمزوّرين لإعادة ضخّ الأموال في السوق اللبنانية، إذ إنّ “الناس اطمأنوا و(يمكن تمرق)… وقد علمنا أنّ كمية من المئة دولار وصلت من خارج لبنان أخيراً، ونتواصل مع الصرافين لضرورة التدقيق”.

كذلك يستنكر استغلال البعض للأزمة وحسم دولارات مقابل عملية الصيرفة، معلّقاً بالقول: “هذا يضّر بسمعة الصرّاف، وينافي مبدأ أعمال الصيرفة. وبتنا نقبل التداول بالمئة دولار القديمة إذا ما كانت ورقتها صالحة، ومن دون حسم أيّ دولار إضافي”.

وعلى الرغم من هذه الأزمة، فإنّ فئة المئة الدولار “الزرقاء” أو “الجديدة” تطغى على السوق اللبنانية اليوم، ممّا خفّف من آثار الشائعات والضرر المادي على المواطنين.

إشارة إلى أنّ إشكالية المئة دولار لم تكُن الأولى في الأيام الأخيرة، إذ ضجّ اللبنانيون أيضاً بأخبار عن كمية كبيرة من فئة الـ50 دولاراً المزوّرة تغزو السوق، بعد نقلها من تركيا، ممّا أحدث حالة من الهلع لدى أغلب الناس، وأوقف التداول فوراً بهذه الورقة النقدية.

ولا تزال الـ50 دولاراً مرفوضة حتى اليوم، خاصة في القطاعات الحيوية، مثل السوبرماركت ومحطات البنزين ومحال الصيدلة والمطاعم وغيرها، علماً بأنّ هذه المؤسسات باتت تستعين بآلات لفحص النقود أيضاً.

هكذا يبدو أنّ الأزمة المختلقة ظرفيّاً باتت ترتبط بمضاربات في السوق النقدية وبتحايل على المواطنين، وسط تذرّع متواصل بأخبار التزوير المتداوَلة منذ مدّة.