قال مصدر سياسي رفيع لـ«الجمهورية» إنّ «الرئيس بري بتصميمه على عقد الجلسة الإنتخابية في موعدها، وعدم إغلاقها قبل انتخاب رئيس للجمهورية، أحرج كلّ الأطراف بجلسة كشف علني وصريح أمام الرأي العام، لنوايا من يريد انتخاب رئيس للجمهورية ومن لا يريد ذلك، ومن سيلتزم بنصاب الجلسة انعقاداً وانتخاباً، ومن يريد فرط النصاب وتطيير الجلسة. وتبعاً لذلك فإنّ كل الكتل والتوجّهات النيابية ستكون ملزمة بحضور جلسة الانتخاب، وهذا الالتزام ليس مستبعداً ابداً أن يتجلّى بانخراط الجميع في مسار التوافق والتفاهم الذي سيبقى بابه مفتوحاً في كل دورات الاقتراع، وخصوصاً أولئك الذين كانوا يرفضون التوافق والتفاهم ويتجنّبونه منذ بداية الشغور الرئاسي».
على أنّ هذا التقدير المطعّم بشيء من التفاؤل، تقابله قراءة تشكّك في إمكان أن تشهد جلسة الخميس المقبل انتخاباً سلساً لرئيس الجمهورية، وتستند في تشكيكها إلى الخريطة النيابية التي تعتريها تناقضات ورؤى وفوارق عصية على الردم، تؤكّد بما لا يقبل أدنى شك أنّ الموقع الرئاسي الأول ما زال عالقاً بين العِقَد والمطبّات.
وفي موازاة هذه الخريطة المعقّدة، يقول مرجع معني بالملف الرئاسي لـ«الجمهورية»، إنّ «التوافق ممكن في حالة وحيدة، أي عندما تحسم الأطراف قرارها بالسير في هذا الإتجاه، ولكنّه وفق خريطة المواقف والتوجّهات الراهنة صعب جداً».
ويشير المرجع عينه إلى أنّ هذا الوضع يضع المجلس النيابي والكتل السياسية والنيابيّة أمام مهمّة شاقة جداً لتوفير أكثرية الفوز برئاسة الجمهورية لأيّ من المرشحين، ما قد يعزّز الحاجة إلى إبقاء جلسة الانتخاب مفتوحة لأكثر من يوم أو يومين وربما أكثر.
ويلفت المرجع، إلى انّ هذه الصعوبة تتجلّى في أنّ الانتخابات الرئاسية لا تجري لانتخاب مرشّح بعينه على جاري ما كان يحصل في السابق، او بين مرشّحين اثنين، او ثلاثة، بل تجري بوجود مجموعة الأسماء المعروفة، والقاسم المشترك بينها، أنّ أيّا من هذه الأسماء المدرجة في نادي المرشّحين لرئاسة الجمهورية، لا يملك قدرة الفوز برئاسة الجمهورية من دورة الاقتراع الأولى التي توجب نيله أصوات ثلثي النوّاب (86 نائباً)، ولا الفوز في الدورة الثانية التي توجب نيله الاكثرية المطلقة من اصوات النواب (65 نائباً).
الكلمة الفصل للتوافق
ما أشار اليه المرجع المذكور، يتقاطع مع تقديرات نيابية تؤكّد أنّ جمع ثلثي النواب على اسم معين ضرب من المستحيل. وبحسب التقديرات النيابية، فإنّ الكلمة الفصل في نهاية المطاف هي للتوافق، حيث انّه وكما يستحيل توفير اكثرية الثلثين لصالح مرشّح بعينه، فتوفير الأكثرية المطلقة (65 صوتاً) لأيّ من الأسماء المدرجة في نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية دونه صعوبات ومطبّات وتعقيدات. ومن هنا فإنّ المعارضة وكل حلفائها لم تجمع حتى الآن على مرشّح بعينه، وحتى ولو أجمعت فلا تستطيع أن تؤمّن له الـ65 صوتاً. وفي المقابل فإنّ الثنائي وحلفاءهما لا يستطيعان بلوغ الـ65 صوتاً، ما يعني انّ السباق سيكون محتدماً في اتجاه جذب الاطراف الاخرى (تكتل لبنان القوي، تكتل اللقاء الديموقراطي، وإن كان قد حسم دعمه لقائد الجيش، وسائر الكتل والنوّاب المستقلين). ومن هنا يُنتظر أن تشهد الايام القليلة الفاصلة عن جلسة 9 كانون الثاني، زحمة مشاورات وحراكات مكثفة على اكثر من خط داخلي لحسم الأسماء والخيارات.
تقدير ديبلوماسي
إلى ذلك، أعرب ديبلوماسي غربي عن أمله في أن يتمكّن لبنان من اتمام استحقاقه الدستوري الأسبوع المقبل، وبالتالي الانتقال الى ما سمّاها «مرحلة إنهاض لبنان».
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ الديبلوماسي الغربي كان يتحدث امام مجموعة من الشخصيات وبينها نواب، حيث أثنى على تصميم الرئيس نبيه بري على انتخاب رئيس الجمهورية، وقال: «نحن نشاركه اعتبار جلسة الانتخاب التي حدّدها في 9 كانون الثاني، فرصة ثمينة جداً ندعو كل الاطراف ألى أن يغتنموها، ويمكنوا مجلس النواب من القيام بمسؤولياته واختيار الشخصية الرئاسية التي تعبّر عن تطلعات الشعب اللبناني، وتطلق مسار الإنقاذ والاصلاحات التي يتوق اليها لبنان، وتوقف معاناته وازماته الصعبة».
واللافت في كلام الديبلوماسي الغربي أنّه كرّر اكثر من مرّة وجوب انتخاب رئيس الجمهورية في جلسة 9 كانون. وفي ما بدا انّه تحذير غير مباشر، قال: «ما حصل في لبنان في الآونة الأخيرة أدرج في أجندته تحدّيات خطيرة جداً، منها ما هو متّصل بوضعه الداخلي، ومنها ما هو متراكم حوله في المنطقة. وما نقوله في هذا السياق هو أننا كأصدقاء للبنان مهتمون إلى أبعد الحدود بما يمكن ان يحقق مصلحته، وعلى اللبنانيين ان يكونوا السبّاقين إلى ذلك. فلبنان لا يحتاج فقط إلى الأصدقاء، بل يحتاج إلى الحماية من الداخل، وانتخاب رئيس للجمهورية خطوة اولى في هذا الاتجاه، وخصوصاً في ظل مخاطر المنطقة التي نخشى انّها مفتوحة على تداعيات في أكثر من نقطة».
جولة جيفيرز
جنوباً، وفي موازاة الخروقات الإسرائيلية المتواصلة، أُعلن أمس عن جولة لرئيس لجنة المتابعة الدولية لوقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز في الخيام، برفقة قائد اللواء السابع في الجيش اللبناني العميد الركن طوني فارس ووفد مرافق.
سكان الشمال
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية «أنّ القلق مما قد يحدث في المستقبل مع «حزب الله» هو الجزء الرئيسي من صداع سكان الشمال، فوقه تأتي مخاوف تتعلق بالرزق والتعليم، والقلق الكبير بشأن مستقبل هذه المنطقة التي تعرّضت لضربة قاسية جدًا، هذه الضربة لها أوجه عديدة، وأكثرها إثارة للقلق هو هجرة السكان».
وأشارت الصحيفة إلى إنّ استطلاعاً لفحص استعداد الشباب الذين غادروا شمال البلاد خلال الحرب للعودة إلى منازلهم جاء صادماً، إذ اشار إلى انّ 93% من المشاركين أجابوا بأنّهم لا ينوون العودة إلى المنطقة. والبعض منهم تأقلم في وسط البلاد، وجد عملاً، أو التحق بالدراسة. أما الجزء الآخر فلا يعتقد ببساطة أنّ شيئًا جيدًا يمكن أن ينمو في الشمال.
من جهة ثانية، وفي تطور أمني لافت، تعرّض الجيش اللبناني لاعتداء من قبل مسلحين سوريين في منطقة معربون – بعلبك.
وفي تفاصيل الحادث، كانت وحدة من الجيش اللبناني تقوم بمهمة إغلاق معبر غير شرعي في المنطقة المذكورة، عندما حاول أشخاص سوريون فتح المعبر بواسطة جرافة. عندها، أطلق عناصر الجيش نيرانًا تحذيرية في الهواء، ولكن الأشخاص المجهولين ردّوا بإطلاق النار نحو الجيش اللبناني، مما أسفر عن إصابة أحد العناصر.
ووفق بيان للجيش: «تواصل وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة اتخاذ التدابير العسكرية المشدّدة، كما تقوم الجهات المعنية بمتابعة التحقيقات والوقائع المرتبطة بالحادث لضمان السلامة والأمن في المنطقة».
يُذكر أنّ معابر غير شرعية على الحدود اللبنانية – السورية تواصل التسبب بتهديدات أمنية، حيث تكثر محاولات تهريب الأشخاص والسلع عبرها، وهو ما دفع القوات المسلحة إلى تكثيف إجراءاتها على الحدود لمنع هذه الأنشطة غير القانونية.
في سياق متصل، أُفيد أمس عن انّ السلطات الحاكمة في سوريا، منعت دخول اللبنانيين إلى سوريا الّا ضمن مجموعة شروط مثل الإقامة وغير ذلك. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول في الأمن العام اللبناني قوله: «لم نتبلّغ بأي إجراء جديد من الجانب السوري. وفوجئنا بإغلاق الحدود أمام اللبنانيين».
كما نقلت الوكالة عن وزير الداخلية بسام مولوي قوله: «نعمل لإيجاد حل مع دمشق بشأن منع دخول اللبنانيين إلى سوريا».
ومساء اعلن الجيش اللبناني ان الاشتباكات تجددت في منطقة معربون – بعلبك عند الحدود اللبنانية السورية بين الجيش ومسلحين سوريين بعد استهدافهم وحدة عسكرية بواسطة سلاح متوسط، ما أدى إلى تعرُّض ٤ عناصر من الجيش لإصابات متوسطة.