الراعي: مطلوب من المسؤولين السياسيّين عندنا، على اختلاف مواقعهم، تناسي نقاط الخلاف، والتلاقي بروح المسؤوليّة التاريخيّة، والعمل بجديّة على انتخاب رئيس للجمهوريّة

0
23

في كتاب رؤيا القدّيس يوحنّا، أمر الربّ يوحنّا أن يكتب إلى ملاك إزمير: “كن أمينًا حتى الموت، وأنا أعطيك إكليل الحياة” (رؤيا 2: 10)، “الإكليل” هو رمز سلطة الحكم في هذا العالم، التي تأتي من الله، وإليه ينبغي أن تعود. لكنّ “أركون هذا العالم” أي الشيطان يسلب هذه السلطة، ويضع الناس في صراع ونزاع فيما بينهم. وهكذا تبدأ خيانة الأمانة لله والناس الذين منحوا المسؤول ثقتهم ومحبّتهم. فيصبح الصراع بين الساعين إلى السلطة أو بين حامليها، والكلّ على حساب الشعب والأشخاص الموكلينعليهم. هذا هو واقع الأولاد عند خلاف الوالدين؛ وهذه حال المواطنين عندما يلهى أهل السلطة المدنيّة بمصالحهم أو بنزاعاتهم.

فالسلطة فنٌّ شريف لخدمة الإنسان والخير العام. فتوجب على المسؤولين أن يؤمّنوا للمواطنين الأوضاع الحياتيّة التي تمكّنهم من تحقيق ذواتهم تحقيقًا أفضل. وذلك من خلال ممارستهم المسؤولة على كلّ من المستوى التشريعي والإجرائي، والإقتصادي والإداريّ، والقضائي والثقافي. وعليهم أن يتّخذوا كقاعدة لنشاطاتهم الشخص البشريّ وكرامته وحقوقه الأساسيّة ونموّه الشامل. وتوجب عليهم مسؤوليّتهم السياسيّة توطيد السلام والعدالة والإستقرار الأمني، وحماية سيادة الدولة والكرامة الوطنيّة. 

7. اليوم، مطلوب من المسؤولين السياسيّين عندنا، على اختلاف مواقعهم، تناسي نقاط الخلاف، والتلاقي بروح المسؤوليّة التاريخيّة، والعمل بجديّة على انتخاب رئيس للجمهوريّة يحظى بالثقة الداخليّة والخارجيّة. فإنّ انتخابه أولويّة في ظروفنا الحاضرة: لكي يبني الوحدة الوطنيّة الداخليّة، ولكي يسهر على تنفيذ القرار 1701 ووقف النار، ولكي يتولّى المفاوضات بشأن نقاط البحث المطروحة، وبشأن موقع لبنان في محيطه، ولكي ينتظم معه مجلس النوّاب ومجلس الوزراء، ولكي يستعيد موقع لبنان في الأسرتين العربيّة والدوليّة، ولكي يرعى شؤون النازحين اللبنانيّين الذين تجاوز عددهم المليون نسمة، ولكي يعمل مع سوريا والأسرة الدوليّة على عودة النازحين السوريّين إلى بلادهم ومساعدتهم هناك.

إنّ انتخاب رئيس للجمهوريّة لا يتحمّل بعد اليوم أي تأخير، أيًّا تكن الأسباب. فانتخابه يفوق كلّ اعتبار. إنّ عدم انتخابه لمدّة سنتين كان بحدّ ذاته جرمًا من المجلس النيابيّ لأنّه أدّى إلى تفكّك أوصال الدولة في ظرف دقيق للغاية. 

وإنّا من جديد نعزّي عائلات ضحايا الحرب، ونرجو للجرحى الشفاء، وللمنكوبين العودة إلى ديارهم.

8. فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل توقّف الحرب في لبنان، وعودة اللاجئين إلى مناطقهم، وانتخاب رئيس للجمهوريّة، والتزام الحكومة والمؤسّسات الحكوميّة وغير الحكوميّة والمبادرات الجماعيّة والإفراديّة في تأمين المساعدات للعائلات النازحة من الجنوب وبيروت وبعلبّك وسواها، ونلتمس من الله رحمته علينا وعلى شعبنا ووطننا لبنان الجريح، فنرفع إليه الشكر والتسبيح الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين!