رئيس الحزب اللبناني الواعد فارس فتوحي في مقابلة مع صحيفة الجمهورية
كيف تقيم وقف إطلاق النار في الجنوب وتمديده إلى 18 فبراير : بالإضافة إلى القصف الإسرائيلي المتجدد على البقاع والجنوب منذ الدقائق الأولى لإعلان وقف إطلاق النار. لم تتوان إسرائيل عن خروقاتها الأمنية والعسكرية من خلال القصف وتدمير المنازل بحجة أن الجيش اللبناني لم يقم بواجباته. وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق، فمن المستحيل أن يدخل الجيش اللبناني إلى قرية يحتلها الإسرائيلي. وبالتالي، هو اليوم متواجد في كل القرى المحررة. إن الحجج الإسرائيلية هي دليل ضعف ورغبة لدى إسرائيل في استمرار الأعمال العسكرية، وذلك حاجة لنتنياهو لكي يحافظ على حكومته، إذ يصر بعض الأطراف على استمرار الحرب، وإلا ستحصل استقالات في الكنيست، ما يؤدي إلى انتخابات مبكرة. وهنا، نود أن نسجل نقطة إيجابية للمقاومة، أنها حتى الساعة لم تتحرك بشكل عنيف وحازم، ما يتيح المجال لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف بالانطلاق السلس للعهد عبر تشكيل الحكومة. ما جرى البارحة خطير جدا في الجنوب، إذ أن تجدد القصف بهذه الطريقة سوف يؤدي إلى نفاذ صبر اللبنانيين، وقد نشهد عمليات عسكرية جديدة ستقوم بها المقاومة وسكان الجنوب على مواقع الجيش الإسرائيلي.
.. هل تعتقد ان حزب الله سيسلم سلاحه كاملا للجيش اللبناني ؟
…..على اللبنانيين أن يضعوا في سلم أولوياتهم موضوع التحرير قبل التحدث عن أي شيء آخر، فوجود السلاح ضمن إطار الدولة اللبنانية هو أمر حتمي ومطلوب، ولكن التكلم عن هذا الموضوع قبل خروج الإسرائيليين من الجنوب يؤدي إلى نزاعات داخلية وانقسامات خطيرة. بالإضافة إلى ذلك، علينا كلبنانيين وككتل نيابية وأحزاب سياسية أن نركز جهودنا من خلال الدبلوماسية والمنابر السياسية على التشديد على الخروقات الإسرائيلية، وإلا سيفهم وكأننا نغطيها وكأن اللبنانيين موافقون على كل ما تقوم به إسرائيل في الجنوب، وهذا أمر غير صحيح، فالأولوية للتحرير. هناك 13 نقطة محتلة وأضيفت إليها خمس نقاط، وهذا أمر مرفوض جدا.أما بما يخص سلاح حزب الله ، فهذا أمر يحل ضمن استراتيجية وطنية متكاملة و المزايدات الاعلامية لا تفيد بل على العكس تزيد الامور تعقيدا ومن يقوم بها لا يوحي بجدية بل هدفه مزيد من الشعارات و الشعبوية الفارغة.
ما رأيك في ردة فعل مناصري حزب الله في المناطق المسيحية، وهل هذا مبرر؟
كلا، ليس مبررا. بالرغم من أن كل المناطق في لبنان هي ملك لكل اللبنانيين ولا منطقة ممنوعة على أحد، ولكن ما حصل يدخل في إطار التحدي وإثارة الحزازيات المناطقية، وهذا أمر مرفوض. وعلى حزب الله وحركة أمل أن يمنعا مناصريهما من تكرار هكذا عمليات. ولكن من ناحية أخرى، على الخطاب السياسي أن يكون أكثر وعيا، فأنا ألاحظ أن هناك ميلا لدى جزء كبير من المعارضة على التشديد على أن حزب الله والمقاومة خسرا، وهذا يؤدي إلى تسليم الطائفة الشيعية كل أوراقها السياسية في الحكومة بشكل خاص وفي الدولة بشكل عام، وهذا أمر لا يجوز على الإطلاق. بل علينا أن نكون حذرين في خطابنا ونحقق استيعابا وطنيا، لا يؤدي إلى استفزازات ولا يدفع شريكنا في الوطن إلى القيام بأمور لا نرغب بها.
كيف ترى مسار تشكيل الحكومة وما رأيك وتطلعاتك للمرحلة المقبلة؟
: أولا، الحكومة لم تتأخر بالنسبة للمدة الزمنية التي كانت تستغرقها تشكيل الحكومات سابقا، بالرغم من أن هناك عقبات. وإذا كانت العقدة الأساسية هي وزارة المالية، فهنا أدعو إلى توحيد المعايير أو تعيين وزراء من خارج الاستقطاب السياسي كليا، أي بمعنى آخر، شباب جدد لا علاقة لهم بالأحزاب السياسية وليسوا منحازين لأحد. أو يجب إعطاء الكتل حق تسمية مقربين منها وفق معايير موحدة. الوزارات السيادية عادة ما تقسم على الطوائف الأساسية، وبالتالي وزارة المالية هي وزارة سياسية سيادية بامتياز. أنا لست مع أن تكون حكرا على أحد، وبنفس الوقت، إذا كان هذا الموضوع يريح الطائفة الشيعية فلا يجب أن نتوقف ونعطل البلد بسبب هذا الشيء. نحن نتطلع إلى حكومة شبابية مستقلة بعيدا عن الاستقطابات، وهذا سيعطي دفعا قويا لعهد الرئيس جوزيف عون، بحيث سيخلق هذا التعيين ديناميات سياسية في المجتمع المدني وتشجع أصحاب الكفاءات على الانخراط في العمل السياسي، وهذه هي الطريقة الوحيدة للتنوع وضخ دم جديد، وإلا سنبقى على حالنا مع احترامي لجميع الأحزاب والشخصيات السياسية، فهي أثبتت أنها عاجزة عن تقديم نموذج جيد وصورة عن لبنان الذي نطمح إليه. و بالمناسبة تجدر الاشارة أنما أمام فرصة حقيقية بفضل وجود الرئيس جوزف عون على رأس الدولة اللبنانية ، فالرجل معروف بقوة شخصيته و نظافة كفه و استقامته، و هو يحوز على دعم غالبية الشعب اللبناني وهذا ظرف قد لا يتكرر بسهولة و ينبغي الاستفادة منه لبناء دولة القانون و العدالة .
ماذا تنتظر من الحكومة الجديدة؟
الحكومة الجديدة هي حكومة انتقالية لديها مهمة أساسية، وهي إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، ومن ثم الانتخابات النيابية. لكنها قادرة على إعادة لبنان إلى مكانته في المجتمع الدولي والعربي، وجذب الاستثمارات والمساعدات الخارجية. لكنني أحذر من شيء خطير، فهذه الأمور مهمة جدا وأساسية، ومن دونها سيستمر الانهيار. لكن يجب أن يعي السادة الوزراء أن هناك أمرا خطيرا وسياديا، وهو مشكلة النزوح السوري والوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، وهذان أمران بالغ الأهمية ويشكلان تهديدا للأمن القومي اللبناني. وعلى الحكومة الجديدة مقاربة هذا الموضوع بشكل دقيق بالموازاة مع الإصلاحات السياسية والاقتصادية المنتظرة. لا مبرر بعد اليوم لبقاء السوريين في لبنان بعد انتهاء النزاعات والحرب في سوريا. هناك استقرار وهناك دول اعترفت بالجولان وبحكومتها الجديدة. وبالتالي، على المجتمع الدولي أن يوقف إعطاء مساعدات للنازحين في لبنان وتحويلها إلى سوريا بأسرع وقت. بالإضافة إلى ذلك، وتطبيقا لخطاب القسم، على الجيش اللبناني أن يدخل إلى المخيمات بالتنسيق مع القيادات الفلسطينية ونزع السلاح الثقيل والمتوسط. وهذا أمر مهم جدا لاستعادة هيبة الدولة.
ما رأيك بمجريات الأحداث في غزة بعد وقف إطلاق النار؟
إن وقف إطلاق النار أمر إيجابي جدا. وهنا يجب على الدول العربية أن تحتضن الفلسطينيين ولا تتركهم للمجهول. فتصريح الرئيس الأمريكي كان مقلقا جدا من ناحية طلبه نقلهم إلى مصر وإلى الأردن، وهذا التهجير يؤشر إلى أن القضية الفلسطينية لم تعد أولوية لدى الأمريكيين، بل العكس، المطلوب تصفيتها. وهنا أشيد بالموقف الأردني والموقف المصري وأطالب الدول العربية بالوقوف إلى جانب فلسطين بالتمسك بأرضهم والإسراع بإعادة الإعمار. وألفت النظر إلى أن لبنان محيد كليا عن موضوع استقبال الفلسطينيين، على عكس ما حصل سنة 1967، وهذا أمر إيجابي ويدل على أن هناك في لبنان قوة عسكرية مهمة تحول دون التفلت الأمني. الأمر الأهم هو أن إسرائيل عجزت عن تحقيق منطقة عازلة تتصرف بها كما تشاء، وكما رأينا البارحة، ما إن انسحبت من منطقة ما حتى عاد إليها المواطنون بشكل سريع، مغلقين الباب أمام إسرائيل للتحكم بهذه المنطقة العازلة وربما نقل مستوطنين إليها أو ربما مواطنين فلسطينيين ليسكنوا في الجنوب اللبناني.







