الجمهورية
حبس للأنفاس ممتد على مساحة العالم، وترقّب لغليان الجبهة الإيرانية- الإسرائيلية، وأي اتجاه ستسلكه، حيث تبدو إسرائيل وكأنّها قاب قوسَين أو أدنى من مهاجمة إيران رداً على هجومها الصاروخي، وتمارس أعلى قدر من السرّية والتكتم حول بنك الأهداف المستهدفة في الداخل الإيراني. فيما تفيد التقارير في المقابل، بأنّ إيران قد أعدّت نفسها لهذا الهجوم، واتخذت إجراءات احتوائية، بالتزامن مع جهوزية للردّ على الردّ. ويبرز هنا ما أعلنه الحرس الثوري أمس بـ”أننا أطلقنا 200 صاروخ في عملية الوعد الصادق، ومستعدّون لإطلاق آلاف منها، وقادرون على استهداف المراكز العسكرية والأمنية والاقتصادية للكيان الصهيوني. وعلى إسرائيل ألّا تتجرّأ على فعل أي شيء لأنّنا قادرون على تدميرها في لمحة بصر”.
تحديد وجهة الجبهة الإيرانية- الإسرائيلية مرهون بما ستحمله الأيام، وربما الساعات المقبلة، وخصوصاً أنّ التهديدات متواصلة بوتيرة متسارعة، وأمّا الدخول في لعبة المواعيد في ما خصّ نهاية العدوان وما يبيته نتنياهو، فمجازفة غبية، وقمّة الغباء تكمن في الانسياق خلف منجّمي المنابر وقارئي الفناجين السياسية في تقديراتهم التي تزيد غباش الصورة، وفي مبالغات وتخيّلات لسيناريوهات «هيتشكوكية» تعمّم الإرباك وترعب الناس.
وما من شك في هذا الوضع، أنّ أكبر خدمة تُقدّم للناس في هذه الفترة هي وقف هذا العدوان النفسي الذي يشنّه «فطاحلة» التنجيم والتحليل الفارغ على اللبنانيِّين، بأيّ طريقة، لأنّ وطأة هذا العدوان ومخاطره توازي، بل ربما تفوق وطأة وخطورة القصف والغارات الجوية.
الأفق مجهول
الواقع قاتم، والأفق مجهول، تتجلّى فيهما حقيقة خلاصتها أنّ أحداً لا يستطيع أن يقدّر المدى الحقيقي لهذه الحرب وتداعياتها، كما لا يستطيع أن يقدّر ما يخبئه العقل الحربي الإسرائيلي لهذا البلد، والمدى الذي يريد أن يصل إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنْ من خلال إعلانه أنّه لا يريد وقف إطلاق النار ومستمر في ضرب بنية «حزب الله»، أو من خلال دعوته اللبنانيّين إلى الانتفاض على «الحزب» وما تستبطنه من محاولة لتوتير الداخل اللبناني، أو من خلال الترويجات الموازية له، التي تدأب المستويات الإسرائيلية على إطلاقها حول أهداف أبعد من الهدف المعلن للعملية البرية بإعادة سكان الشمال، وآخرها إعلان جهوزية إسرائيل لتطبيق القرار 1559 ونزع سلاح «حزب الله» وليس القرار 1701، وفق ما كشف الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي غيورا إيلاند للقناة 12 العبرية، التي نقلت عنه قوله: «هكذا فقط يمكن أن ندخل في مفاوضات مع لبنان، وغيره سنتابع القتال».
لكن، برزت في موازاة ذلك، دعوة زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الحكومة الإسرائيلية، إلى «التفكير في الخيارات الدبلوماسية، في ظل القلق من تداعيات النزاع على الأمن القومي والاقتصاد الإسرائيلي».
وأشار إلى أنّ إسرائيل تمرّ في أفضل وضع بشأن لبنان منذ 8 تشرين الأول، معبّراً عن أهمية استغلال هذه الفرصة للدعوة إلى تسوية سياسية. ومشدّداً على أنّ الوضع الحالي يتطلّب تحرّكاً سريعاً لتفادي تفاقم الأوضاع في المنطقة، مقترحاً أنّ الحوار السياسي يُعدّ الخيار الأفضل لتحقيق الاستقرار».