وصف بعض الإعلام الفرنسي الحكم بـ “الزلزال”. يوم الاثنين، حكمت محكمة الجنح في باريس بأن زعيمة حزب “التجمع الوطني” مارين لوبن أدت “دوراً مركزياً” في “نظام اختلاس” لأموال تعود للاتحاد الأوروبي حين كانت نائبة فيه بين 2004 و2016. قضى الحكم بسجن لوبان أربعة أعوام، مع تعليق عامين وفرض خضوعها خلال العامين الآخرين لمراقبة سوار إلكتروني، كما قضى بمنعها وبأثر فوري من الترشح إلى منصب رسمي حتى نهاية العقد الحالي. وفرضت المحكمة عليها أيضاً غرامة مالية بقيمة 100 ألف يورو.
وأدينت لوبن مع 24 شخصية أخرى من حزبها (من بينهم نواب سابقون في البرلمان الأوروبي) بإساءة استخدام 4.4 ملايين دولار من أصول البرلمان الأوروبي ودفعها بطريقة غير مشروعة، وعبر “عقود صورية”، لمساعدين برلمانيين تبين أنهم موظفون حزبيون. غير أن المتهمين، بمن فيهم لوبن، لم يحققوا الإثراء الشخصي بحسب المحكمة. وغادرت لوبان القاعة حتى قبل إصدار منطوق الحكم.
لوبن التي ستواصل الاحتفاظ بمقعدها النيابي حتى نهاية ولاية المجلس (إلا في حال الدعوة لانتخابات مبكرة أخرى) كانت قد وصفت سابقاً احتمال صدور قرار كهذا بأنه حكم بـ “الإعدام السياسي”. وهو توصيف كرره رئيس الحزب جوردان بارديلا الذي قال أيضاً إنه حكم نُفذ بحق “الديموقراطية الفرنسية”. وفي حديث إعلامي خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، قللت لوبان من احتمال صدور حكم كهذا، لكن توقعاتها خابت. وبررت رئيسة المحكمة بنديكت دو برتوي حكم منع الترشح إلى منصب رسمي بـ “ضمان عدم استفادة المسؤولين المنتخبين… من معاملة تفضيلية”.
التوقيت الأسوأ
ستقدم لوبن طعنا بالحكم، لكن كما ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية، إن تراكم الملفات في المحاكم والتأخير الطويل في هذا النوع من القضايا بشكل خاص يتركان حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت محاكمة الاستئناف ستعقد بحلول سنة 2027. وسيُنفذ قرار منع الترشح بأثر فوري حيث لن يوقفه تقدم لوبن بالطعن. وبانتظار الساعات المقبلة، يمكن أن يقرر محامو لوبان الطعن في “المفعول الفوري” لحرمان لوبان من أهلية الترشح، قبل صدور الحكم النهائي في قضية الاختلاس.
بانتظار جلاء الصورة القانونية بشكل أكبر، يأتي حكم القضاء الفرنسي في أسوأ توقيت بالنسبة إلى لوبن، وليس فقط بسبب ترجيح نهاية طموحاتها الرئاسية في لحظة كانت تبدو أقرب إلى الإليزيه من أي وقت مضى خلال مسيرتها السياسية. يتزامن الحكم مع ما يمكن وصفه بتتويج جهودها المضنية لإعادة تقديم حزبها بصورة مختلفة.