عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، عن فرض رسوم جمركية شاملة على الواردات من مختلف أنحاء العالم، كان مصدر القلق الأساسي لدى الأميركيين، هو احتمال ارتفاع أسعار السيارات الفاخرة والمنتجات الغذائية المستوردة. ولكن الصورة تبدلت بسرعة، إذ تبيّن أن تأثير الرسوم الجمركية لن يقف عند حدود الكماليات، بل سيتسلل إلى تفاصيل الحياة اليومية لكل أسرة في أميركا.
فابتداءً من يوم السبت 5 نيسان 2025، دخلت الرسوم الجديدة بنسبة 10 في المئة حيّز التنفيذ، فاتحةً الباب أمام موجة من التكاليف الإضافية، التي لن تقتصر على سلع النخبة، بل ستطال مختلف جوانب الاستهلاك اليومي، فمن عبوات الحليب إلى مستحضرات التجميل، مروراً بالأحذية وصولاً إلى الأجهزة المنزلية، يواجه المصنعون والموردون الآن السؤال الأصعب: “من سيدفع الثمن؟” خصوصاً أن السيناريو الذي حدث خلال ولاية ترامب الأولى من الصعب تكراره.
وفيما يلي بعض المنتجات المستوردة التي قد تشهد ارتفاعاً في الأسعار نتيجة لهذه الرسوم الجديدة، والتي لم تكن متوقعة من قبل الكثيرين:
نظارات RayBan
هذه النظارات الشمسية الشهيرة، التي طلبها سلاح الجو الأميركي لأول مرة في ثلاثينيات القرن الماضي، تُصنع في قرية جبلية صغيرة على جبال الدولوميت الإيطالية قبل شحنها إلى جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أميركا. ويعود ذلك إلى أن راي بان، إلى جانب علامات تجارية شهيرة أخرى، مثل أوكلي وأوليفر بيبولز وفوغ آيوير، مملوكة لشركة إيسيلور لوكسوتيكا إس إيه الفرنسية الإيطالية العملاقة في مجال النظارات، وهي أكبر شركة في هذا القطاع بقيمة سوقية تتجاوز 100 مليار يورو (110 مليارات دولار). وفي عام 2024، بلغت مبيعاتها في أميركا الشمالية ما يقرب من 12 مليار يورو.
والآن مع فرض أميركا رسوماً جمركية بنسبة 20 في المئة على الاتحاد الأوروبي، قد يصبح ارتداء الإكسسوارات الشخصية في أميركا، ومن ضمنها نظارات راي بان أكثر تكلفة بكثير.
Nespresso
تبيع شركة نستله حوالي 14 مليار كبسولة سنوياً، من كبسولات قهوة نسبريسو في العالم، حيث لا تزال جميع هذه الكبسولات تُصنع فقط في ثلاثة مصانع في سويسرا. وبموجب القرارات الأخيرة، فرض ترامب تعريفة جمركية بنسبة 31 في المئة على سويسرا، وهي أعلى بكثير من تلك المفروضة على الاتحاد الأوروبي، حيث سيؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار قهوة نسبريسو في السوق الأميركية. وتشير أرقام نستله إلى أن مبيعات نسبريسو العالمية بلغت 6.4 مليار فرنك سويسري (7.5 مليار دولار) في عام 2024.
الشعر المستعار والرموش الاصطناعية
تُعد الصين أكبر منتج ومصدّر للشعر المستعار في العالم، حيث بلغت صادراتها حوالي 3 مليارات دولار أميركي في عام 2022. وتستحوذ الصين على حوالي 80 في المئة من سوق إكسسوارات الشعر العالمية، وفقاً لوكالة أنباء شينخوا الصينية الرسمية. ولطالما كانت الولايات المتحدة الوجهة الرئيسية لصادرات الشعر المستعار الصيني، كما تُمثل الصين حوالي 70 في المئة من الإنتاج العالمي للرموش الصناعية، ومع فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 34 في المئة على البضائع الصينية، أصبحت واردات الرموش الاصطناعية والشعر المستعار إلى اميركا أكثر تكلفة.
Birkenstocks
مثل غيرها من الشركات التي ستتأثر بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، ألمحت شركة تصنيع الصنادل الألمانية Birkenstocks إلى أنها ستحاول تغطية تكاليف الرسوم الأميركية الجديدة، عن طريق توزيع زيادات الأسعار على صعيد عالمي، وليس فقط على صعيد السوق الأميركية، علماً أن الأميركيتين تُعدان أكبر سوق بالنسبة لـ Birkenstocks، بإيرادات سنوية تبلغ حوالي 950 مليون يورو.
وقال مسؤولون تنفيذيون في Birkenstocks إن الشركة الألمانية امتلكت تاريخياً القدرة على اتخاذ إجراءات تسعير عالمية لتعويض ضغوط مثل الرسوم الجمركية.
أسرّة المستشفيات
تُعدّ مجموعة ” Linet” في جمهورية التشيك من أبرز موردي أسرّة المستشفيات عالية التقنية. وأعلنت الشركة أنه بالنسبة لعقودها المستقبلية مع العملاء الأميركيين، فإنه سيتعين عليها رفع الأسعار والتركيز بشكل أكبر على المنتجات الفاخرة ذات الأسعار المرتفعة وهوامش الربح المرتفعة.
ووفقاً للرئيس التنفيذي توماس كولار، تُشكّل صادرات Linet إلى الولايات المتحدة حوالي 20 في المئة من مبيعاتها السنوية البالغة 370 مليون يورو.
خواتم Oura
للمهتمين بصحتهم، من المرجح أن تحقق خواتم أورا الذكية نجاحاً باهراً، حيث تتميز هذه الأجهزة الصغيرة بإمكانية تتبع النوم والنشاط ومعدل ضربات القلب تماماً كما تفعل الساعات الذكية. وتحظى أجهزة أورا بشعبية كبيرة بين المستهلكين الذين يفضلون عدم ارتداء جهاز ضخم على معصمهم. وتعود ملكية هذه العلامة التجارية لشركة التكنولوجيا الفنلندية “أورا هيلث أوي”، ومن المؤكد أن أسعار منتجاتها سترتفع نتيجة للرسوم الجمركية الأميركية.
البوتوكس
قد يضطر الأميركيون الذين يتطلعون إلى علاجات التجميل، لدفع المزيد من المال مقابل حقن مكافحة التجاعيد. وبينما لم يُعلن ترامب بعد عن رسوم محددة على الأدوية، إلا أن هناك مخاوف من أن يكون هذا الأمر مؤقت.
وتُصنّع AbbVie Inc، الشركة المصنعة للبوتوكس، معظم إنتاجها في مدينة ويستبورت بأيرلندا. وأي زيادة في الأسعار بسبب الرسوم الجمركية ستؤثر على المستهلكين الأميركيين، خاصة أن التأمين لا يغطي البوتوكس المستخدم للأغراض التجميلية.






