رلى إبراهيم – الأخبار – قبل 5 أيام من موعد الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، تتحضّر الأحزاب في قضاء المتن الشمالي لخوض المعركة تحت عنوان عائلي ظاهرياً، وضمناً بهدف السيطرة إنمائياً واجتماعياً وسياسياً على القضاء من باب اتحاد بلدياته.
وتدور المعركة الأهم بين حزب الكتائب وآل المر. إذ يطمح النائب سامي الجميل إلى تنصيب شقيقته نيكول على رأس الاتحاد خلفاً لرئيسة الاتحاد ميرنا ميشال المر التي تطمح، بدعم من شقيقها الوزير السابق الياس المر، إلى الاستمرار في موقعها الذي تشغله منذ عام 1998.
وبالتالي، إن الصراع الرئيسي بين القوى السياسية هو الفوز بالعدد الأكبر من بلديات المتن الـ 34 لإحكام القبضة على الاتحاد الذي تفوق أهميته الفوز النيابي لناحية حاجة النواب إلى رئيسه لا العكس.
وللمرة الأولى، تشهد غالبية القرى تحالفاً كتائبياً – قواتياً، وإن كان محكوماً بالانقسام العائلي، وبالنوايا الدفينة لكل من الطرفين اللذين لا يرغبان في تقديم هدايا مجانية لبعضهما بعضاً، خصوصاً أن التنافس بينهما سيكون حاداً في الانتخابات النيابية بعد نحو عام.
وفي المقابل، نسج التيار الوطني الحر تحالفاً وثيقاً مع آل المر انسحب على كل البلديات المتنية، بعدما تراجعت العلاقة بين الطرفين في السنوات الأخيرة إلى حدّ القطيعة قبل أن يُعاد ترميمها مع المر الابن عقب وفاة المر الأب.
«ريّاس» المر باقون
قبل 5 أيام، أُقفل باب الترشيحات في المتن الشمالي على 1464 مرشحاً لعضوية المجالس البلدية و331 مرشحاً يتنافسون على «المخترة». وقد أولى هذا القضاء تاريخياً أهمية استثنائية للمعارك البلدية التي مكّنت الوزير الراحل ميشال المر من السيطرة على القضاء، عندما كان الرئيس السابق ميشال عون منفياً في فرنسا، وقائد حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع نزيل سجن اليرزة، وحزب الكتائب مضعضعاً.
للمرة الأولى تشهد غالبية القرى تحالفاً كتائبياً – قواتياً فيما رُمم التحالف بين التيار الوطني الحر وآل المر
وبعد ذلك، ضمنت البلديات للمر الحفاظ على موقعه كرقم صعب وكقوة نيابية فردية، حتى في عز قوة الأحزاب الثلاثة. فالبلديات، خصوصاً الكبيرة منها كبلديات الساحل، تعني رخص بناء ورسوم إعلانات وإيرادات كبيرة إلى جانب الموازنة التي كانت دسمة قبل الانهيار المالي.
والأهم أن رئيس البلدية يتصرّف كحاكم بأمره في بلدته ويتحكم في مفاصلها ويفرض نفوذاً وتأثيراً على الناخبين فيها ويصبح حاجة للنواب في موسم الانتخابات.
ويبدو ذلك واضحاً من عدم قدرة الأحزاب، حتى بعد رحيل المر، على القفز فوق «ريّاسه»، واضطرارها إلى خفض سقف طموحاتها إلى درجة التحالف معهم، في غياب منافسين جدّيين لهم، ولتفوّقهم على خصومهم بالخبرة والمال والخدمات.
وهذا ما سيؤدي على الأرجح إلى فوز رؤساء بلديات الدكوانة (أنطوان شختورة) وسن الفيل (نبيل كحالة) والزلقا (ميشال عساف المر ملقب بـ«الشريف») بشبه تزكية. فحتى الساعة لا لوائح مقابلة لهؤلاء الذين يشغلون مواقعهم من 20 عاماً، بل مجرد مرشحين منفردين.
ويحظى كحالة بدعم الأحزاب في غياب منافس جدي في سن الفيل في حين يلقى «الشريف» دعماً قوياً من آل المر والتيار والكتائب والطاشناق والمستقلين، باستثناء حزب «القوات» الذي شكّل لائحة حزبية في وجهه.
وهناك إجماع عابر للأحزاب على الشختورة في الدكوانة.
في أنطلياس، ورغم الاتهامات التي توجه إلى رئيس البلدية إيلي أبو جودة بارتكاب مخالفات ارتكبها أثناء ولايته، تبدو القدرة على تغييره محدودة، خصوصاً أن المرشح المنافس، جورج أبو جودة، فقد مقوّمات قوته مع انسحاب التيار من التحالف معه، إثر تراجعه عن اتفاق بإعطاء العونيين 6 أعضاء في المجلس وعرضه عليهم 4 أعضاء مشترطاً المشاركة في تسميتهم، ما حوّل التيار إلى دعم الرئيس الحالي. كذلك يحوز «الريّس إيلي» دعم الطاشناق وقسم الكتائب في البلدة خصوصاً أن اللائحة المنافسة تضمّ كتائبيين منشقين. ولم يعلن حزب «القوات» موقفه بعد، فيما يتردد أن هناك انقساماً قواتياً بين اللائحتين.
وحتى مساء أمسـ كان التوافق قائما بين مختلف الاحزاب على تبني ترشيح جورج زرد أبو جودة لرئاسة بلدية جل الديب وجوزيف الملاح نائباً له. الا أن التوافق ليس متيناً وقد ينفرط عقده في أي لحظة.
وفي الضبيه حيث قررت الأحزاب ترك الحرية لأنصارها، تتنافس لائحتان، ترأس الأولى ابنة رئيس البلدية السابق قبلان الأشقر الذي توفيّ عام 2021 بعد 60 عاماً في رئاسة البلدية، ويرأس الثانية رجل الأعمال نبيه طعمة.
وفي المنصورية – المكلس، يتربع وليم خوري على كرسي رئاسة البلدية منذ 28 عاماً، رغم صدور قرارات عدة من التفتيش المركزي بهدر المال العام وسوء استخدام النفوذ وتلزيم تعهدات للأقارب، ناهيك بغياب الإنماء في منطقة صناعية تفتقد إلى أدنى مقومات العيش فيها. واختار حزب «القوات» دعم خوري مقابل لائحة شبابية يرأسها فؤاد الحاج تضمّ مرشحين من كل العائلات والأحزاب السياسية والمجتمع المدني.
أما في الجديدة – البوشرية – السدّ، فقد أدّى رفع الغطاء عن أبرز رجال المر ثم ألدّ أعدائه أنطوان جبارة إلى عدم ترشحه أو ترشح نجله مرة أخرى. وستشهد هذه البلدة المعركة الأكبر نظراً إلى أهمية البلدية ونطاقها الواسع وإيراداتها الكبيرة، ويتنافس فيها التيار والمر ضمن لائحة يرأسها جان أبي جودة ضد لائحة يرأسها أوغست باخوس مدعومة من القوات والكتائب والنائب إبراهيم كنعان.
توافق الأضداد
من ساحل المتن إلى وسطه، حيث تتنافس لائحة يرأسها رئيس بلدية بعبدات هشام لبكي مع لائحة «مشكّلة» من العونيين والقوات والمجتمع المدني. وفي بيت شباب، يدعم الكتائب والحزب السوري القومي الاجتماعي لائحة برئاسة كميل عطالله في وجه لائحة مدعومة من «القوات» والعائلات برئاسة سليم كنعان.
وفي نابيه، تسود فوضى مرشحين من مختلف الانتماءات والعائلات يتوزعون على 3 لوائح، ما أثار «نقزة» الأحزاب التي اختارت الابتعاد عن التورط في أي لائحة في البلدة.
أما في الجرد وتحديداً في بتغرين مسقط رأس آل المر، فقد نجحت رئيسة البلدية رئيسة اتحاد البلديات ميرنا المر في نسج اتفاق مع طوني صليبا الذي خاض ابنه هاني الانتخابات النيابية ضد عائلة المر، ما أطاح بحلف هاني وسمير صليبا (أحد مرشحي المجتمع المدني السابقين)؛ وبذلك ضمنت ميرنا عدم وجود منافسة جدّية لها.
على المقلب الآخر نجحت بعض البلديات في تجنّب المعارك السياسية والعائلية الطاحنة عبر توافق المكونات فيها لا سيما الأضداد، كما حصل في بسكنتا، حيث اتفق التيار و«القوات»، برعاية النائب رازي الحاج والنائب السابق إدي معلوف، على إرساء تسوية تأتي برجل الأعمال طوني الهراوي رئيساً للبلدية على أن يتم تقاسم المجلس مناصفة: 7 للتيار ومعهم القوميون وأحد المقربين من المر، و7 للقوات وبعض الكتائبيين الذين ساروا بخلاف رغبة النائب سامي الجميل بدعم لائحة أخرى لم ترَ النور برئاسة طانيوس غانم.
إلى ذلك، فازت بالتزكية بلديات جورة البلوط وكفرتيّ وقرنة شهوان والعيرون والعيون وكفرعقاب.






