نايلا شهوان
في ظل التصعيد العسكري المتزايد بين إيران وإسرائيل، بات الحديث عن “النووي” يتجاوز التهديدات النظرية ليدخل في دائرة المخاوف الواقعية. ومع تزايد المؤشرات على احتمالية استهداف منشآت نووية، سواء في إيران أو في فلسطين المحتلة، يبرز سؤال محوري يهم اللبنانيين: هل يمكن أن يتأثر لبنان بتسرب إشعاعي نووي؟
مفاعل ديمونا في دائرة الخطر
يقع مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي في صحراء النقب، على بُعد حوالي 300 كلم من جنوب لبنان. هذا المفاعل، الذي لا يخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يُعتبر من أكثر المنشآت العسكرية حساسية في المنطقة. وعلى الرغم من التعتيم الرسمي، تشير التقارير الدولية إلى احتوائه على مواد نووية خطيرة تكفي لإحداث كارثة بيئية وإنسانية إذا ما تعرض لضربة مباشرة.
في حال استُهدف ديمونا، فإن السيناريو الأخطر يتمثل في حدوث تسرب إشعاعي واسع، أو ما يُعرف علميًا بـ”الغيمة الإشعاعية”. هنا، يدخل لبنان في نطاق التهديد المحتمل، خصوصًا إذا تزامن القصف مع اتجاه رياح جنوبي أو جنوبي شرقي، ما قد يدفع بالسحب المشعة شمالًا نحو جنوب لبنان، وربما حتى بيروت.
كيف يتأثر لبنان؟
رغم أن لبنان ليس في الجوار المباشر للمفاعل، إلا أن الطبيعة غير المرئية للإشعاع تجعله عرضة للتلوث عبر الهواء والمطر والمياه الجوفية. وتشمل التأثيرات المحتملة:
تلوث الهواء وزيادة مخاطر الأمراض المرتبطة بالإشعاع، مثل السرطان. تأثير على الزراعة والمياه، خاصة في الجنوب والبقاع. ضغط كبير على القطاع الصحي في حال حدوث إصابات جماعية أو ذعر شعبي. حالة طوارئ بيئية قد تتطلب إجلاء مناطق أو تعطيل الحياة العامة.
ماذا لو استهدفت المنشآت الإيرانية؟
رغم بُعد إيران الجغرافي (أكثر من 1500 كلم عن لبنان)، فإن بعض خبراء البيئة لا يستبعدون انتقال سحب إشعاعية مرتفعة إلى دول الجوار، خصوصًا في حال حدوث تسرب كبير وغير مسيطر عليه. لكن التأثير المباشر على لبنان يبقى ضئيلًا مقارنة بأي حادث قد يحصل في فلسطين المحتلة.
و لكن ما يزيد من القلق أن لبنان، بنيته التحتية الدفاعية والبيئية هشة، ولا يمتلك خطط استجابة واضحة في حال حدوث كارثة نووية. لا توجد مخابئ مخصصة، ولا أنظمة إنذار فعالة، ولا خطط إجلاء منظمة. والمعلومات المتعلقة بالتصرف في حالات الطوارئ النووية تكاد تكون معدومة لدى المواطن العادي.
هل من حلول؟
من الضروري أن تتحرك السلطات اللبنانية والجهات البيئية المعنية بسرعة لطرح خطة طوارئ واضحة تشمل:
مراقبة اتجاهات الرياح ورفع الجهوزية الطبية. توعية السكان حول كيفية التصرف في حال التعرض لإشعاع. التعاون مع منظمات دولية للضغط من أجل رقابة حقيقية على المنشآت النووية في المنطقة، وعلى رأسها ديمونا.
بين واقع جيوسياسي متفجر، ومنشآت نووية حساسة وغير آمنة، لا يمكن للبنان أن يبقى خارج دائرة القلق. وإن كانت احتمالات الكارثة النووية لا تزال ضمن نطاق “الأسوأ”، إلا أن الاستعداد لها لم يعد ترفًا بل ضرورة وجودية






