دور المرأة اللبنانيّة في بناء السلام 

0
1379

 خاص: انطوني الغبيرة

قسم كبير من الشباب اللبناني اليوم لا يرى الإختلاف بين المرأة والرجل، فهي العصامية القيادية التي تحقق نجاحات في النطاق الصغير كذاك الكبير. التغيير الحقيقي يبدأ من إعترافنا بأبسط إنجازات المرأة، فمراكز صنع القرار وفعالية تطبيقه مرتبط بإرادة ووعي سياسي!

لم تعد الحروب تعتبر وضع غير مألوف تعيشه البلدان، بعد أن ولدت ونشأت بعض الشعوب في ظروفٍ تبعُد كل البعد عن السلام. وإذا كان الإستقرار مرتبط بالقرار السياسي، فإحداث السلام مرتبط على السواء بالقرار، الإرادة والوعي.

إعترفت المجتمعات مع الوعي السياسي والثقافي بأهميّة المرأة ودورها غير المحدود خصوصاً في المجال السياسي. لذا ترافقت فكرة السلام مع تمكين دور المرأة في تحقيقه من خلال مشاركتها في القرارات السياسية، ومن هنا أتت ضرورة نشوء قرارات دولية لحماية المرأة والفتيات والأطفال في الحروب… فما هو القرار 1325، ما أهميته في الحياة السياسية؟ وما مدى مجال تطبيقه في لبنان؟

أقر مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة في تشرين الأول عام 2000 القرار 1325 الذي أعطى دوراً قيادياً للمرأة في تحقيق السلام والأمن الدوليين وإسهاماتها في منع النزاعات وبناء السلام.

وإذا كانت مشاركة المرأة في جميع مراحل صنع القرار، من خلال مفاوضات السلام هي أولى المحاور التي تطرّق لها القرار، لأنّ دورها لا يقتصر بالمساهمة في حل النزاعات، وإنما العمل على منع حدوثها. فحماية النساء والفتيات من جميع أشكال العنف القائم هو ثاني المحاور، وتأتي الحماية ليس فقط في حالات الحروب إنّما الفترة التي تليها، وذلك بغية تحقيق العدالة.

وتناول القرار أهمية تمكين النساء والفتيات من تكرار العنف والتهميش من خلال الوقاية المسبقة، ناهيك عن الإغاثة والتعافي عبر برامج مخصصة لإعادة الإعمار وإشراكهنّ في إعداد الخطط  وتنفيذها.

في خضمّ الحروب التي يعاني منها شعوب المنطقة وخاصةً لبنان، نُثني على خطّة العمل الأولى التي أقرّتها الحكومة اللبنانية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325- وإظهار مدى اهميته في كل ما يتعلق بالمرأة والأمن والسلام – التي اختتمتها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بعد العمل على إقرارها في العام 2023. حيث تمّ إشراك القطاع الخاص مع العام بالإضافة الى المنظمات الدولية.

هذا النهج التشاركي بين القطاعين هو ثمرة جهود جديّة حول الاعتراف للمرأة بالحقوق نفسها كالرجل وإفساحاً لمشاركتهابحلولٍ قبل وأثناء النزاعات، وتفادي نشوبها خاصةً في لبنانوتأمين وقاية أكثر فعالية للحد من تعرض النساء والفتيات للعنف. إذ إنّ الدراسات أثبتت أن مفاوضات السلام التي تشارك فيها النساء تدوم أكثر من تلك التي يشارك فيها الرجال فقط.

في لبنان الديمقراطية ليست شعاراً فحسب، فعلى مرّ العقود الدور الجوهري للمرأة كان في مجالاتٍ عدّة بالرغم من عدم تساويها بالرجل في المناصب السياسيّة؛ غير أنّ سعيها للوصول ترافق مع ارادة كبرى. وأثبتت إحصاءات التي أجرتها UNDP حول مشاركة المرأة في الإنتخابات النيابية والإختيارية الأخيرة في لبنان، أن معدّلات ترشّح النساء في العام 2025 أعلى من مستوياتها في العام 2016. ففي بيروت مثلاً بلغ نسبة المرشحات 31% بينما الفائزات 5% منهنّ فقط.

لذا نلاحظ أنّ الإرادة موجودة لكنّها تترافق بعقبات كبرى، قد يكون أبرزها النظام السياسي الذي لا يضمن تمثيل المرأة؛ أو ثقافة الأفراد في مناطق معيّنة التي لا ترى بالمرأة سوى ربّة المنزل، بالرغم من أنّ عقليّة الشباب اليوم تختلف عن كبار بالسنّ.

قسم كبير من الشباب اللبناني اليوم لا يرى الإختلاف بين المرأة والرجل، فهي العصامية القيادية التي تحقق نجاحات في النطاق الصغير كذاك الكبير. التغيير الحقيقي يبدأ من إعترافنا بأبسط إنجازات المرأة في حياتها اليومية وصولاً الى دورها على صعيدي الوطن وبناء السلام.

في النهاية مراكز صنع القرار وفعالية تطبيقه ليس مرتبط بجنس معيّن، بل بإرادة ووعي سياسي يتقبّل رأي الآخر سعياً للبناء قاعدة جوهرية للأجيال القادمة من دون حروب ولا نزاعات، مع ضمانة أبسط الحقوق وهو الحق في الحياة.