خاص: اوديت ضو الاسمر
زيارات ومباحثات وموفدون من وإلى لبنان… الشرق الأوسط يُعاد رسمه، والأوراق تُخلط من جديد في المنطقة…
فأين لبنان من كل ذلك؟
هل يمكننا القول إن زمن “المقاومة” قد طُوي، وإن أذرع إيران في لبنان قد انتهت؟
وهل يمكننا التأكيد أن الدولة لم تتمكن من الالتزام بوعودها بنزع سلاح “حزب الله” ووجدت نفسها اليوم أمام أمر واقع؟

للإجابة عن هذه الأسئلة، أجرى موقع صوت الأرز لقاءً مع الكاتب والباحث السياسي بسام ضو، أمين سر “المركز الدولي للأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية – PEAC”، الذي قال بداية إنه:
“علميًا وقانونيًا، يشير العمل المقاوم في القانون الدولي إلى حق الشعوب والأفراد في مقاومة الاحتلال الأجنبي، سواء كان عنصريًا أو استبداديًا، أو أي شكل من أشكال الظلم الذي يحرمهم من حقوقهم الأساسية، وعلى رأسها حق تقرير المصير.
فالقانون الدولي يعتبر أن المقاومة حق مرتبط بمفهوم أوسع، هو حق تقرير المصير، الذي يمنح الشعوب حرية اختيار مسارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بما في ذلك استخدام الوسائل المتاحة كافة، ومنها المقاومة المسلحة.”
ويتابع ضو:“انطلاقًا مما سبق أطرح السؤال التالي على الرأي العام والمجتمع الدولي:
هل هناك مقاومة فعلية في لبنان؟ أم ميليشيا تأتمر بنظام سياسي خارجي وتعمل لحسابه؟
الجواب واضح ولا لبس فيه: منذ عام 1990، وبسبب سوء الأوضاع والضياع السياسي، نمت فكرة مقاومة إسرائيل على يد “حزب الله”، الذي تذرّع قادته بمحاربة إسرائيل، متناسين أنهم – وعبر نوابهم في البرلمان اللبناني وافقوا بل اعتمدوا ما عُرف بـ”وثيقة الوفاق الوطني” والتي اعتُمدت لاحقًا كدستور، وتتضمن في البند الثاني: “بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها”، وفي البند الثالث: “تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي واستعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانية المعترف بها دوليًا” وذلك عبر:
أ – تنفيذ القرار 425 وسائر قرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بإزالة الاحتلال الإسرائيلي بشكل شامل.
ب – التمسك باتفاقية الهدنة الموقعة في 23 آذار 1949.
ج – اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحرير كامل الأراضي اللبنانية ونشر الجيش اللبناني على الحدود وتدعيم وجود قوات الطوارئ الدولية لضمان الانسحاب الإسرائيلي وعودة الاستقرار.”
ويضيف ضو“الوثيقة واضحة جدًا ونتساءل من الجهة التي حرّفت بنود هذه الوثيقة؟ علمًا أنها وثيقة عربية – دولية تمت بإشراف المملكة العربية السعودية والإدارة الأميركية؟
الجواب واضح ان النظام السوري بالتنسيق مع النظام الموالي لإيران عملا على تحوير الوثيقة وتعزيز قدرات “حزب الله” لعرقلة تنفيذ بند تحرير لبنان، بحجة إبقاء الجنوب ورقة ابتزاز في يد دمشق وطهران.
فلماذا تأخر الانسحاب الإسرائيلي حتى عام 2000؟ ومن المستفيد من هذا التأخير؟ ولماذا كان الانسحاب أحاديًا؟ علمًا أن هناك وثائق موقعة بين “حزب الله” وإسرائيل برعاية دولة أوروبية تتضمن بنودًا لم يُكشف عنها بعد، وسيأتي اليوم الذي تُعرض فيه بالتفصيل.”
ويتابع ضو“ما سُرد من وقائع يدلّ بوضوح أن ما جرى لم يكن مقاومة، بل عرقلة متعمدة وحروب عبثية للحفاظ على ورقة الجنوب كورقة مساومة بين سوريا وإيران. و”حزب الله” أدعى أنه يُحارب إسرائيل، ولكن في الحقيقة، لم تكن هناك مقاومة فعلية.”
ويضيف“اليوم، من الطبيعي القول إن ذراع إيران في لبنان، أي “حزب الله”قد ضعف لكن لا ينبغي الاستهانة بقدراته المتبقية وأهمها:
1. قدرات عسكرية وعتاد منتشرة في الأحياء والمدن بين المدنيين.
2. جيل كامل تربّى على أيديولوجية الحزب ولا يعترف بالدولة ومؤسساتها.
3. شبكات اقتصادية، تجارية، اجتماعية، واستشفائية تابعة له.”
ويحذّر ضو من تكرار تجارب الحروب العبثية نتيجة تجاهل هذه الحقائق.
وفي ما يخص سؤال الدولة والواقع القائم يجيب ضو:
“للأسف الدولة اللبنانية ليست سيدة قرارها وهي بكل أجهزتها تتعاطى مع ملف “حزب الله” بطريقة “أبو ملحم” وأعتذر عن هذا التوصيف اذ قانونيًا تملك الدولة اللبنانية كل الأدوات لنزع سلاح الحزب بدءًا من وثيقة الوفاق الوطني، وصولًا إلى قانون الدفاع الوطني خاصة المادة الأولى منه التي تحصر مهمة الدفاع عن الوطن بالقوى الشرعية اللبنانية فقط.”
ويتابع ضو “مقاربة ملف السلاح اليوم تتناقض مع مضمون خطاب القسم والبيان الوزاري. نلاحظ أن رئاستي الجمهورية والحكومة تترددان في التعامل مع هذا الملف، ربما خوفًا من ردّ فعل مناصري الحزب.
والمؤسف أن بعض المسؤولين يرددون:“مقاربة سلاح حزب الله بالقوة قد تؤدي إلى حرب أهلية”.
من هنا نسأل “هل يمتلك جزء من الطائفة الشيعية، أي مناصرو الحزب القدرة أو حتى النية على افتعال حرب أهلية؟”
السؤال برسم مسؤولي الحزب والنظام السياسي اللبناني.”
ويختم ضو منبهاً:“السلاح غير الشرعي كان سببًا في إعادة الاحتلال الإسرائيلي لبعض الأراضي الحدودية والدولة اللبنانية اليوم في مأزق تفاوضي أمام الموفدين الدوليين ونطرح التساؤلات التالية:
1. هل تملك الدولة القدرة على ضبط الوضع الحدودي؟
لا جواب وهناك تكهّنات عديدة، منها نقص العديد في الجيش. وهنا نسأل: لماذا لم تُقدِم الدولة على تطويع عسكريين لحماية الجنوب؟ و هنا نخذر من تطويع عناصر من قبل حزب الله كما حصل عام 1990 مما يشكل خطرًا بنيويًا.
2. هل تستطيع الدولة التنسيق أمنيًا مع الأمم المتحدة لضبط الوضع الحدودي؟
3. هل ستُحاسب الدولة مسؤولي “حزب الله” على ما جرى في الجنوب؟
4. هل ستتمكن من إقناع الوسيط الأميركي بضرورة انسحاب إسرائيل قبل نزع سلاح الحزب؟
كلها أسئلة بلا أجوبة والدولة تبدو غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها.
لذلك ان السيادة في لبنان شبه غائبة والفوضى تضرب منظومة الدولة والواقع يشير إلى أن الأمور ذاهبة نحو مزيد من التعقيد طالما لا قدرة لبنانية على الحسم.”






