في أعقاب موجة الاعتراضات والانتقادات التي اجتاحت الأوساط اللبنانية السياسية والإعلامية، بادر برّاك إلى التواصل مع عدد من أصدقائه في لبنان، كما تلقى اتصالات من شخصيات لبنانية سعت إلى الاستفسار منه عن الدوافع وراء المواقف التي أطلقها. وخلال هذه الأحاديث، قدّم برّاك شرحًا مطوّلًا أزال جانبًا كبيرًا من الغموض، مؤكدًا أن ما قاله لم يكن مقصودًا به الداخل اللبناني بقدر ما كان موجّهًا إلى معارضيه داخل الإدارة الأميركية نفسها. فالرجل، المعروف بعلاقاته المتشعبة مع لبنان وبانفتاحه على معظم أطيافه، شدد على أن هدفه لم يكن إدخال البلد في مرحلة جديدة من التوتر، بل حماية موقعه في واشنطن وسط صراع شرس على إدارة الملف اللبناني.
وبحسب مرجع لبناني رفيع، أوضح برّاك لمحدثيه أنّ السبب المباشر لهذا التوتّر، هو الاتهامات التي وُجّهت إليه من قبل بعض الدوائر الأميركية، بأنه متساهل مع القيادات اللبنانية ولا يستخدم أسلوب الضغوط القصوى، أو سياسة “الإخضاع” التي كانت تتبعها الموفدة السابقة ومساعدته الحالية مورغان أورتاغوس. وأكثر من ذلك، كشف برّاك أن الأصوات الداعية إلى عودة أورتاغوس أو غيرها للإمساك بملف لبنان، باتت تشكّل قوة ضاغطة حقيقية داخل الإدارة، وأن هذه القوّة تهدد بإزاحته نهائيًا من مهمته. وإزاء هذا الواقع، وجد نفسه مضطرًا إلى رفع سقف خطاباته وإطلاق مواقف عالية النبرة، لا على سبيل تغيير المسار، بل لتوجيه رسائل إلى من يحاولون إضعافه أو تهميشه في العاصمة الأميركية.
ونقل المرجع عن برّاك امتعاضه من القيادات اللبنانية، التي تقول شيئًا وتتصرف بآخر، إلا أن ما يلفت في كلام برّاك مع محدثيه اللبنانيين، تعمّده تمييز رئيس مجلس النواب نبيه برّي عن القيادات الأخرى، بقوله “وحده برّي يقول لي الحقيقة ويتصرّف على أساس ما يقول، انطلاقًا من توازنات دقيقة للتركيبة اللبنانية”.
الكاتب: داود رمال






