تنطلق غداً الاثنين في مصر محادثات سلام وُصفت بـ”الحاسمة” بين إسرائيل وحركة حماس برعاية الولايات المتحدة ودول عربية، في وقت برزت فيه تطورات لافتة، أبرزها ظهور القيادي البارز خليل الحية، الذي يترأس وفد الحركة، بعد ثلاثة أسابيع من محاولة إسرائيل اغتياله في الدوحة، ووفاة ابنه في تلك الغارة.
وقال وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو، إن هناك اجتماعات جارية بشأن اتفاق إسرائيل وحماس، مضيفاً “سنعرف سريعاً إن كانت حماس جادة أم لا، حماس وافقت من حيث المبدأ على ما سيحدث بعد الحرب، لا يمكن الحديث الآن عن نهاية حرب غزة فهناك بعض العمل الذي يتعين القيام به” وأضاف “لا يمكن إقامة هيكل لحكم غزة لا يضم حماس في ثلاثة أيام، المرحلة الثانية المتعلقة بنزع السلاح والانسحاب لن تكون سهلة، نأمل الانتهاء من الأمور اللوجستية بسرعة كبيرة”.
نتنياهو: لا تنفيذ قبل تحرير الرهائن
من جانبه، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن “إسرائيل ستكون مسؤولة ومشاركة في نزع السلاح من قطاع غزة، ولن ننتقل إلى أي بند من بنود خطة ترامب قبل تنفيذ البند الأول وهو الإفراج عن كل الرهائن، السلطة الفلسطينية لن تحكم غزة بعد انتهاء الحرب”، وأكد نتنياهو “لن يشارك أي ممثل عن حماس أو السلطة في إدارة قطاع غزة، نجحنا في تحويل الوضع من عزلة إسرائيل إلى عزلة حماس”، وأكمل “سنعود للقتال بدعم من الدول المعنية إذا لم يفرج عن الرهائن بحلول المدة المحددة (72 ساعة)”.
خليل الحية يظهر
وأثار ظهور الحية على شاشة التلفزيون، بعد قرابة شهر من الغارة الإسرائيلية التي حاولت اغتياله وقتلت ابنه، تفاعلات واسعة. وقال الحية إن استشهاد ابنه وجميع الفلسطينيين الذين سقطوا في الحرب “امتحان قاسٍ ووسام شرف”، مؤكداً أنه “لن يستسلم”، وأن الشهداء سيكونون “وقود النصر وطريق القدس ووصمة عار ستلاحق الاحتلال إلى الأبد”.
ويرى مراقبون أن قيادته للوفد تبرز الانقسام الداخلي في الحركة بين سياسيون في الخارج يقبلون بمقترح ترامب رغم التحفظات، مقابل جناح عسكري داخل غزة يعارض شروط نزع السلاح والتسويات المرتبطة بالرهائن.
20 بنداً و72 ساعة
وأعلن ترامب عن خطته قبل أسبوع في مؤتمر صحفي مع نتنياهو، وتضمنت عشرين بنداً أبرزها وقف إطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين أحياء وأموات خلال 72 ساعة، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بارزين، والشروع في نزع سلاح حماس تدريجياً، ثم انسحاب القوات الإسرائيلية على مراحل.
وقال ترامب، على “تروث سوشيال”: “بعد مفاوضات، وافقت إسرائيل على خط الانسحاب الأولي، الذي كشفنا عنه سابقاً، وأرسلناه إلى حماس، حين تؤكد حماس موافقتها، سيدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بشكل فوري”.
وأرفق ترامب منشوره بخريطة للانسحاب، مؤكداً أن تبادل الرهائن والأسرى سيبدأ فوراً، وأن ذلك سيخلق الظروف للمرحلة الثانية من الانسحاب.
ونشر صورة لمتظاهرين إسرائيليين يرفعون لافتة كتب عليها “الآن أو أبداً”، قائلاً إن أغلبية الإسرائيليين باتوا تؤيد إنهاء الحرب.
اعتراضات حماس وخطوط الانسحاب
لكن الإذاعة الإسرائيلية الرسمية، ذكرت أن حماس لديها تحفظات على خريطة الانسحاب التي نشرها ترامب، مشيرة إلى أن القضايا الخلافية ثلاثة، وهي خطوط الانسحاب، ونزع سلاح الحركة، وربط إطلاق سراح الرهائن ببنود أخرى.
كما أفادت هيئة البث العبرية بأن إسرائيل تعتزم إبقاء وجود عسكري طويل الأمد في ثلاث نقاط استراتيجية، في منطقة عازلة داخل غزة، ومحور صلاح الدين “فيلادلفي” على الحدود مع مصر، وتلة المنطار “تلة الـ70” شرق غزة. وأوضحت أن هذه التلة ترتفع 70 متراً وتوفر سيطرة على مساحات واسعة شمال القطاع، وأن واشنطن “تتفهم حاجة إسرائيل للبقاء فيها”.
ووفق المصادر نفسها، فإن الخطة تقضي بانسحاب الجيش تدريجياً من “الخط الأصفر” داخل القطاع إلى “الخط الأحمر”، بالتزامن مع دخول قوات أجنبية بتفويض أميركي لإدارة الوضع الأمني، على أن يبقى الجيش لاحقاً على حدود القطاع مع استمرار السيطرة على المحور الحدودي والتلة الاستراتيجية.
ترامب يكشف الكواليس
وفي مقابلة مع “أكسيوس”، قال ترامب إنه حثّ نتنياهو على استغلال الفرصة قائلاً “هذه فرصتك للنصر. معي، يجب أن تكون موافقاً لأنه ليس لديك خيار آخر”. وأوضح أنه طلب من نتنياهو وقف القصف تمهيداً لبدء تنفيذ الخطة، مضيفاً “حماس قطعت شوطاً طويلاً وتريد تنفيذها. الآن علينا إنهاءها”.
وكشف ترامب أنه تحدث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل رد “حماس”، وطلب منه المساعدة في دفع الحركة نحو القبول بالخطة. وقال “لقد فعلت الكثير من أجلك، والآن أحتاج منك أن تفعل هذا”. ووصف أردوغان بأنه “رجل صارم لكنه كان رائعاً وساعد كثيراً”.
صفقة الرهائن والأسرى
وفق تقديرات إسرائيلية، هناك 48 محتجزاً، يُعتقد أن 22 منهم على قيد الحياة، بينما يُرجح أن البقية قُتلوا، وتشمل الخطة الأميركية إطلاق سراحهم جميعاً خلال 72 ساعة، وهو مطلب تعتبره حماس صعب التنفيذ.
وسيقود الوفد الإسرائيلي وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، إلى جانب منسق شؤون الأسرى والمفقودين غال هيرش، ونائب رئيس “الشاباك”، وممثلين عن الجيش و”الموساد”. أما الوفد الأميركي فسيترأسه مبعوث ترامب ستيف ويتكوف، ويضم صهره جاريد كوشنر.
ارتدادات داخلية في إسرائيل
وقد ينعكس الاتفاق على مستقبل الائتلاف الحاكم. ورغم انتقادات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وتهديد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم القضاء على حماس بعد إطلاق سراح الرهائن، فإنهما لم يهددا صراحة بإسقاط الحكومة.
مع ذلك، تُظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب، وسط تزايد القلق من عزلة دولية متنامية.
مصر تستضيف الجولة الحاسمة
وتستضيف شرم الشيخ غداً الوفود الإسرائيلية والفلسطينية والوسطاء لبحث تفاصيل خطة ترامب. ونقلت “وول ستريت جورنال” أن المحادثات تهدف إلى معالجة التحفظات المتبادلة بين إسرائيل وحماس، والتوصل إلى تفاهمات تسمح بتنفيذ الاتفاق خلال أيام.
وقال مسؤول أميركي كبير للصحيفة الأميركية إن الهدف هو إنجاز عملية التبادل بسرعة، لكنه حذّر من أن المفاوضات قد تستغرق وقتاً أطول.






