سحب جيش الاحتلال الإسرائيلي قواته من مواقع أمامية في قطاع غزة إلى ما بعد “الخط الأصفر” الذي نصّ عليه اتفاق وقف الحرب بوساطة أميركية، في خطوة وُصفت في الإعلام العبري بأنها أعمق مما ورد في الخرائط الرسمية، بينما بدأت “حماس” بإعادة بسط نفوذها في معظم مناطق القطاع.
وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن قيادة المنطقة الجنوبية لم تلتزم بنشر مواقع أمامية عند حدود الخط الأصفر، بل تراجعت إلى مواقع أقرب بكيلومتر إلى كيلومتر ونصف فقط من السياج الحدودي، ما ترك مساحات واسعة خالية من القوات. وقد تم تفكيك مواقع عسكرية إسرائيلية مثل “لبياه” و”هرتسليا” في محور نيتساريم، وكذلك “درع كفار عزة” قرب الشجاعية، فيما تقلص الوجود العسكري غرب بيت حانون وبيت لاهيا إلى نقاط تبعد نحو كيلومتر واحد فقط من السياج.
واعتبر موقع “واينت” العبري ذلك “اعترافاً رسمياً” بأن الخرائط المعلنة لا تعكس مواقع الجيش الفعلية، مشيراً إلى أنّ ضباطاً في القيادة الجنوبية أكدوا أن إعادة الانتشار جاءت في خطوط أقرب إلى إسرائيل، خصوصاً في جنوب القطاع، بينما استعادت “حماس” السيطرة على مدن وبلدات القطاع بدعم من السكان العائدين.
ووفقاً للاتفاق، يُفترض أن يستكمل الجيش الإسرائيلي انسحابات إضافية خلال الأيام المقبلة، مقابل الإفراج عن أسرى إسرائيليين.
ورفض الجيش الإسرائيلي الإجابة عن أسئلة متعلقة بأوامر إطلاق النار على الفلسطينيين الذين يدخلون المنطقة الواقعة بين الخط الأصفر والسياج. واكتفى المتحدث العسكري بالقول إن “الخريطة التي عُرضت كانت توضيحية”، وإن الانتشار يتم وفقاً لتقييم الموقف والاتفاق، من دون الخوض في تفاصيل.
زيارة أميركية للتحقق
في السياق، أفادت شبكة “فوكس نيوز” بأن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وقائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال براد كوبر، زارا صباح السبت أحد مواقع الجيش الإسرائيلي داخل غزة، للتأكد من التزام إسرائيل بخطوط الانسحاب المتفق عليها. وظهر في الصور رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير إلى جانبهما.
وفي أعقاب الزيارة، غرد كوبر، عبر منصة “إكس”، معلناً أنه عاد “للتو” من غزة حيث بحث “كيفية تأسيس مركز تنسيق أنشطة دعم الاستقرار ما بعد الحرب”. وإذ قال إن “جنودنا استجابوا للدعوة لإحلال السلام في الشرق الأوسط وفق توجيهات القائد الأعلى في هذه اللحظة التاريخية”، أكد أن “هذا الجهد الهائل سيتم من دون وجود قوات أميركية على الأرض في قطاع غزة”.
وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن الجيش الأميركي يخطط لإنشاء مركز مراقبة عسكري على الأراضي الإسرائيلية لمتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
الحرب انتهت
وقوبل الانسحاب الإسرائيلي من المواقع الأمامية في غزة بردود فعل فلسطينية وعربية واسعة، إذ أكدت حركة “حماس” أن ما جرى يثبت فشل الاحتلال في فرض وقائع جديدة، مشيرة إلى أنها تلقت ضمانات من الوسطاء والإدارة الأميركية بأن “الحرب انتهت بشكل تام”، فيما شددت فصائل فلسطينية أخرى على ضرورة إلزام إسرائيل بتنفيذ جميع بنود الاتفاق دون مماطلة. وفي الداخل، عبّر آلاف النازحين العائدين إلى مناطقهم عن ارتياح مشوب بالحذر، وسط دمار واسع وانعدام للخدمات الأساسية.
عربياً، رحّبت مصر والأردن وقطر بالخطوة واعتبرتها بداية جدية نحو تثبيت وقف إطلاق النار ووقف معاناة المدنيين، بينما دعا القادة العرب إلى الإسراع في استكمال مراحل الاتفاق بما يضمن حقوق الفلسطينيين واستعادة الاستقرار.
تقارير عبرية: “حماس” قد تقدّم موعد إطلاق الأسرى
وفي سياق متصل بتنفيذ الاتفاق، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول وصفته بـ”الرفيع” قوله إن عملية الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة “قد تحدث في أي وقت من الآن فصاعداً”.
ووفقاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم السبت، أوضح المصدر أن “خططاً كاملة أُعدّت للتعامل مع احتمال تقديم موعد الإفراجات”، مشيراً إلى أن “حماس” مطالَبة بإتمام تسليم جميع الرهائن الإسرائيليين خلال مهلة لا تتجاوز 72 ساعة.
وعند قيام حماس بإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، ستقوم إسرائيل بالتوازي بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المدرجين في القوائم المرفقة، وذلك وفق الإجراءات المتفق عليها عبر الوسطاء واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومن دون أي مظاهر احتفالية أو تغطية إعلامية.
وأشار المصدر الإسرائيلي، إلى أن “الجهات المختصة تملك تقديرات حول الأوضاع الصحية للرهائن الذين سيُفرج عنهم، وأن جميع الاستعدادات الطبية والأمنية جاهزة”.
وأضاف أن إسرائيل تستعد لاحتمال تقديم “حماس” موعد الإفراجات ابتداءً من يوم غدٍ (الأحد)، وأنه “نلاحظ استعدادات من جانب حماس لتقديم عمليات الإفراج كبادرة تجاه (الرئيس الأميركي دونالد)ترامب”.






