خاص: حين يصبح الشرفُ سببًا للجريمة…

0
1100

خاص: اوديت ضو الاسمر

كم من جريمةٍ ارتكبت بذريعة “تحصيل الشرف”، وكم من قلبِ أمٍّ أو ولدٍ عانى باسم “شرف العائلة”!

فما هي جريمة الشرف؟ ولماذا ينظر القانون بعينٍ مختلفة إلى مرتكبيها؟ وتحت أيّ ذريعةٍ يُخفَّف العقاب؟

للاستيضاح حول هذه التساؤلات أجرى موقع “صوت الأرز” لقاءً مع المحامية ميرنا نكد التي أوضحت خلفيات هذا الملف وأبعاده القانونية والإنسانية.

استهلّت نكد حديثها بالتأكيد على أنه، لمعرفة الاسباب التخفيفي عن جريمة الشرف، لا بدّ أولًا من طرح السؤال الآتي: ما الفرق بين الأعذار المُحِلَّة والأعذار التخفيفية؟

وأوضحت نكد أنّ المبدأ العام الذي يحكم الأعذار في قانون العقوبات اللبناني وفقًا للمادة 249 هو أنّه «لا عذر على جريمة إلا في الحالات التي يعيّنها القانون».

أي لا يمكن تطبيق الأعذار سواء المُحِلَّة أو التخفيفية إلا إذا نصّ عليها القانون صراحة، وهذا ما يميّزها عن الأسباب التخفيفية التي تُترك لتقدير القاضي.

فالأعذار المُحِلَّة بحسب المادة 250 من قانون العقوبات، تؤدّي إلى إعفاء المجرم من كلّ عقاب.

بمعنى آخر، لا توجد عقوبة جزائية على من يستفيد من حالة الإعفاء المحدّدة صراحة في القانون.

وهذه الأعذار تكون ملزمة للقاضي عند توافر شروطها ويتوجّب عليه الأخذ بها في قراراته، دون أن يكون له حقّ التقدير (الاستنسابية)، مثل حالات السرقة بين الأصول والفروع.

من هنا لفتت نكد إلى أنّه تجدر الإشارة إلى أنّ الأعذار المُحِلَّة تعفي فقط من العقاب مع الإبقاء على المسؤولية الجزائية بخلاف أسباب التبرير (كحالة الدفاع المشروع) التي في حال توافرها لا نكون أمام جريمة أساسًا.

أمّا الأعذار التخفيفية، فتابعت نكد موضّحة أنّها أيضًا ملزمة للقاضي الذي يتوجّب عليه تطبيقها إذا توافرت شروطها المنصوص عليها صراحة في القانون لكنها لا تؤدّي إلى الإعفاء من العقوبة بل إلى تخفيفها

ومثال ذلك الحالة التي نصّت عليها المادة 252 من قانون العقوبات حيث يستفيد من العذر المخفّف فاعل الجريمة الذي أقدم على فعله «بثورة غضب شديد ناتجة عن عمل غير محقّ وعلى جانب من الخطورة أتاه المجنى عليه».

وفي ما يخصّ جريمة الشرف وتداعياتها على المرأة أشارت نكد إلى أنّ لبنان انضمّ إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة (سيداو) في 16 نيسان 1977، والتي تنصّ على ضرورة اتخاذ جميع التدابير المناسبة لتغيير أو إبطال القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكّل تمييزًا ضدّ المرأة (المادة 2 الفقرة (و) و(ز)).

وقد عكس هذا التوجّه رغبةً في وضع حدّ لما يُعرف بـ”جرائم الشرف” المنصوص عنها سابقًا في المادة 562 من قانون العقوبات، سعيًا لتكريس دولة القانون والمساواة والحريات العامة.

1- نصّ المادة 562 قبل التعديل والفرق بين العذر المُحِلّ والمخفّف الوارد فيها:
في نصّها الأصلي قبل التعديل تناولت المادة 562 الإعفاء من العقاب فيما يُعرف باسم “جرائم الشرف”.• العذر المُحِلّ (الإعفاء من العقاب):

أعفت من العقاب كلّ من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في حالة الجماع غير المشروع، فأقدم على قتل أحدهما أو إيذائه بغير عمد.

ويفترض هذا العذر توافر أركان جريمة الزنا المنصوص عنها في المادة 487 من القانون (حصول اتصال جنسي فعلي خارج إطار الزواج بالإضافة إلى شرط المفاجأة والحالة المشهودة.• العذر المخفّف:

يستفيد مرتكب القتل من العذر المخفّف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة مع آخر.

لم يشترط هذا العذر حصول اتصال جنسي، بل اكتفى بوجود الضحية في حالة ريبة مع آخر وهذا العذر يخفّف العقوبة ولا يُعفي القاتل منها.

2- تعديل نصّ المادة 562 من قانون العقوبات:
بتاريخ 25/2/1999، نُشر القانون رقم 7 (الجريدة الرسمية عدد 9) الذي عدّل نصّ المادة 562، فأصبحت كالآتي:

“يستفيد من العذر المخفّف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في حالة الجماع غير المشروع فأقدم على قتل أحدهما أو إيذائه بغير عمد.”

وبموجب هذا التعديل، ألغى المشترع حالة الإعفاء من العقاب (العذر المُحِلّ)، وأبقى فقط على العذر المخفّف.

فالحالة التي كانت تُعفي من العقاب (ضبط الأشخاص متلبّسين بالزنا) أصبحت، بعد تعديل شباط 1999، تُشكّل عذرًا مخفّفًا فقط ما يعكس نيّة المشترع حينها بتخفيف وطأة الظاهرة.

3- إلغاء جريمة الشرف:
بتاريخ 17/8/2011، أُلغي نصّ المادة 562 من قانون العقوبات اللبناني بموجب القانون رقم 162.

و ختمت نكد لتؤكد أنّ جريمة القتل المرتكبة بحقّ الزوج أو أحد الأصول أو الفروع أو الأخت الذين يُضبطون متلبّسين بحالة زنا أصبحت تخضع للمواد التي ترعى جرائم القتل دون أن تكون مشمولة بأيّ أعذار مُحِلّة أو تخفيفية بل قد تُعتبَر سببًا من أسباب التشديد في ما يعكس رغبة المشترع بوضع حدّ لتلك الظاهرة التي تتعارض مع مبدأ المساواة المنصوص عليه دستوريًّا.