خاص – اوديت اسمر
مرحلة تلو أخرى، وحروب الآخرين تدور على أرضنا ومع كل متغيّر دولي وإقليمي يكون لبنان ساحة لتصفية الحسابات. ألم يحن الوقت اليوم وقبل الغد أن نفكّر جديًا بحل جذري ونطبّق بالأفعال لا بالأقوال فكرة أن يكون لبنان “سويسرا الشرق” ونُعيد له دوره التاريخي كمساحة تلاقٍ للأديان والحضارات؟
للإضاءة على مفهوم الحياد، أجرى موقع “صوت الأرز” لقاءً مع الباحث السياسي الأستاذ بسام ضو ليقدّم لنا صورة واضحة عن الحياد ومفهومه في السياسة اللبنانية وكيفية العمل على تحقيقه لتعزيز الاستقرار الداخلي. استهلّ الباحث ضو حديثه بتعريف مبدأ الحياد على أنه بمثابة وضع قانوني ناجم عن رغبة إمتناع دولة عن المشاركة في حرب لا علاقة لها بها الى جانب مبدأ عدم التحيًّز لفريق ضد آخر اعتمدت الأمم المتحدة ثقافة التعاون بين جميع الأطراف المتنازعة من أجل العمل و بشكل فعال و مستقل في حالات تنطوي على إحتدام في المواقف السياسية .
و تابع في القانون الدولي يُشار إلى نوعين من الحياد ، الأول : حياد مؤقت و الثاني : حياد دائم ، ومن الناحيتين الدولة اللبنانية غير قادرة على الإلتزام المطلق بالمبدأين المذكورين للأسباب التالية:
اولاً ان الدولة عاجزة عن حماية حدودها و منع أي ضغط إقليمي من التمادي في شؤونها الداخلية ويظهر الأمر جليًا في الحرب الدائرة حاليا على كل الأراضي اللبنانية حيث تم نقل الصراع الإيراني – الإسرائيلي إلى لبنان تحت مُسمّى “الدفاع عن فلسطين ” مقابل سكوت عربي غير راغب في الإنخراط في هذه الحرب والتي على ما يبدو يعتبرها حربا لا تعنيه .
ثانياً غير قادرة عن مخاطبة مجلس الأمن و إستصدار قانون لمنع أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية
اما عن الخطوات التي يمكن أن يستخدمها لبنان لتعزيز حياده لفت ضو الى انه في الوقت الراهن الدولة اللبنانية غير قادرة عن القيام بأي خطوة عملانية لتعزيز حيادها لأنها تخضع على كافة المستويات سواء أكانت محلية شرعية ( السلطة التشريعية – السلطة التنفيذية –السلطة الإجرائية – السلطة القضائية – السلطة العسكرية بكل مكوناتها ) وهذا يعني أن هناك إستحالة للقيام بالمهام الموكلة إليها بموجب الدستور والقوانين المرعية الإجراء وأكبر دليل ما تشهده من حرب ضروس تحت أعين العالم بما فيه مجلس الأمن الدولي .
فالخطوات المطلوبة من حيث المبدأ ليستْ في يد السلطة القائمة والمخالفة لأبسط قواعد الديمقراطية الذي أثبت نظامه الزبائني عمالته وفشله في ممارسة عمله السياسي .
المطلوب اليوم سلطة إنتقالية بديلة تكون بمثابة حكومة إنتقالية مؤلفة من نخبة رجال الفكر والعسكر والقضاء ، لإعادة صياغة نظام سياسي جديد يُبنى عليه وعلى أن يُعتمد كمرحلة إنتقالية لفترة محددة ويحمل عنوانين رئيسيين لا ثالث لهما : الأول : بسط سلطة الدولة بواسطة قواها الذاتية عملاً بنص قانون الدفاع الوطني وما تنص عليه وثيقة الوفاق الوطني لناحية حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية . الثاني : درس وإقرار قانون للإنتخابات النيابية يمثل شرائح المجتمع اللبناني خير تمثيل ، ومن ثم إجراء الإنتخابات الرئاسية ، وتبّني مبدأ الحياد .
وعن امكانية ان تكون سياسة الحياد خطوة لتعزيز إستقرار لبنان الداخلي لفت ضو الى العودة إلى المُطالبة بحياد لبنان عن الصراعات التي تدور في محيطه مذكرا بمواقف البطريركية المارونية السبّاقة في طرح هذه المنظومة في 7 أب 2020 ، وتلتها دراسات عديدة تمحورت حول تطبيق مبدأ الحياد ، ولكن كل هذه الدراسات لم تصل إلى خواتيمها لأنها إصطدمت بإرادة محلية – إقليمية منعتها من إستكمال مسيرتها ، وإلاّ لما كنا وقعنا في ما نحن عليه من تعدٍ على السيادة الوطنية وتدمير ممنهج لبعض المناطق سواء أكانت في الجنوب أو في بيروت .
من هنا لإعتماد مبدأ الحياد على الدولة اللبنانية
أولاً أن تعترف وتقر أنّ كل من طرح مبدأ الحياد لم يجرِ أي دراسة موضوعية عن الآلية التي يمكن من خلالها طرح هذا المبدأ ، حيث أن لبنان هو ضحية موقعه الجغرافي وهو علميا لم يعرف الإستقرار لأنّ سيادته مجيرة وحياته السياسية تتأثر بشكل فعلي وقوي بعوامل إقليمية – محلية والسبب هشاشة ممثليه السياسيين والتدخل المباشر للدول الاقليمية الطامعة في شؤونه الداخلية .
ليعود و يذكر ان الحياد طرح في ميثاق العام 1943 ( لا شرق ولا غرب ) ،
و فرض نفسه بعد أحداث 1958 ، وهو من أهم الأسس التي إرتكز عليها نظام الرئيس فؤاد شهاب .
فعليا يمكنا إعتماد مبدأ الحياد عبر تحرير الإرادة السياسية اللبنانية من هيمنة التدخلات الخارجية
في الشؤون الداخلية
وثانيها : خلق قادة أحرار من مختلف الإختصاصات يحكمون بالعدل .
و اضاف المطلوب اليوم إسقاط هذه السلطة وقيام سلطة إنتقالية و اعتماد سياسة الحياد لكي تكون مدخلا لدولة مستقلة بدلا أن تكون ساحة لحروب الأخرين
فالحياد اليوم اصبح ضرورة لانقاذ ما تبقى من لبنان الرسالة و ليس شعار يطرح بين حين و آخر عندما تشتد الازمات على ارضنا .