كتب وفيق قانصوه في الاخبار :
لا يخفي وليد جنبلاط تشاؤمه، ولا يرى حتى الآن بصيص أمل للخروج من «الحرب المفتوحة» بين إيران وإسرائيل في لبنان، مشيراً إلى أنه بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيّد حسن نصر الله، «الذي كان يحترم الحيثية اللبنانية، لم يعد هناك من نحاوره في الحزب». وفي ما يأتي نص الحوار:
هل لا تزال عند رأيك بأن الحرب طويلة؟
من قال إن الحرب ستتوقف، باستثناء بعض الشائعات التي نسمعها من هنا وهناك حول وجود مفاوضات، لم أسمع شيئاً جدّياً في هذا الشأن، وليست لديّ معطيات بأن الحرب ستنتهي قريباً.
أليست نتائج الانتخابات الأميركية عنصراً مستجدّاً؟
ماذا تغيّر؟ برأيي لا شيءَ مهم.
إذاً، كيف ترى المخرج؟
هناك أمر أساسي ومهم. قبل اغتيال السيد حسن نصر الله كانت هناك فرصة للتحاور بين حزب الله وبعض اللبنانيين بشكل مباشر. أنا كنت أحاوره بالواسطة عبر (رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب) وفيق صفا. كان السيد نصر الله يتمتع بالحد الأدنى من التفهّم لوضع لبنان ووضع الجنوب. بعد 27 أيلول، عندما قتله الإسرائيليون، تغيّر كل شيء. لم يعد هناك محاور محلي، ولبنان اليوم ساحة لحرب مفتوحة بين الجمهورية الإسلامية في إيران وإسرائيل. أذكّر بأنه أيام السيد حسن، وهذا مهم، أنجز الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي ترسيم الحدود البحرية، ثم حاول الرئيس بري، خصوصاً عبر عاموس هوكشتين، ترسيم الحدود البرية وحل مسألة النقاط الـ 13. هنا أذكّر أيضاً بأن موقفي كان ولا يزال أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي أرض سورية حتى هذه اللحظة، تُرسّم فقط بين الدولتين اللبنانية والسورية عندما يقبل الفرقاء من الجهتين. أقول ذلك لأشير إلى أننا لا نعرف من نحاور اليوم، وأرى أنه بعد اغتيال السيد نصر الله أصبحت الحرب مفتوحة.
هل تقول إنه لم تعد هناك قيادة في حزب الله؟
برأيي أن المحاوِر الذي كان يفهم لبنان لم يعد موجوداً. اليوم، قال (مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله) محمد عفيف إنهم لم يسمعوا بمفاوضات. أنا يمكن أن أقول ذلك لأنني بعيد عن المفاوضات، أما هو فينطق باسم حزب الله. في رأيي أن الأفضل أن نحاور الجمهورية الإسلامية. وبالمناسبة، طلب مسؤول في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لقائي قبل حوالي ثلاثة أسابيع، لكنني رفضت.
لماذا؟
لست مستعداً لذلك طالما أن الجمهورية الإسلامية تعتبر لبنان ساحة مفتوحة للصراع أو للحرب بالواسطة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. كفانا حروباً بالواسطة، منذ أيام الفلسطينيين مروراً بأيام النظام السوري.
الحزب يعيد اليوم تنظيم وضعه الداخلي، وبدأ بإعادة التواصل مع بقية الأحزاب والقوى. هل حدث تواصل معكم؟
هناك تواصل بين نواب اللقاء الديموقراطي والنائبين حسن فضل الله وأمين شري حول موضوع النازحين فقط. في الموضوع السياسي العام، ليس هناك تواصل.
تحمّلون إيران المسؤولية، لكن ألا يشير حجم العدوان وما يعلنه نتنياهو بأن هدف الحرب تغيير وجه المنطقة إلى أن هذا مخطط إسرائيلي معدّ مسبقاً؟
لم أغيّر رأيي في ما يتعلق بالعنوان الإسرائيلي، ولا في النظرة التوراتية التي يمارسها الإسرائيليون اليوم تجاه الفلسطينيين في غزة والضفة وشرق الأردن. ما من أحد في إسرائيل منذ أيام بن غوريون حتى يومنا هذا اعترف يوماً بالواقع الفلسطيني أو بالهوية الفلسطينية في الضفة. ظنّ بعض العرب، ومنهم ياسر عرفات، بأن إسحق رابين رجل سلام. ما أراده رابين هو تسوية الصراع مع سوريا وليس مع الفلسطينيين. في الأدبيات الصهيونية، ليس هناك شيء اسمه فلسطين في فلسطين أو في الضفة الغربية. بعضنا، إما عن جهل أو نتيجة تسوية كامب ديفيد، قبل بما يسمّى حلّ الدولتين. ولكن، فليقل لنا أحد أين ستقوم الدولة الفلسطينية اليوم؟ هذا غير موجود في الأدبيات الصهيونية. وحتى لو قبلنا بها نحن، على الأرض في الضفة الغربية نحو 600 ألف مستوطن. أيّ إدارة دولية أو أميركية قادرة على إخراج هؤلاء؟
إذا أخذنا هذه المطامع في الاعتبار، ما هي الخيارات الأخرى غير المقاومة؟
هناك الحدّ الأدنى من احترام الإرادة اللبنانية. هناك لبنانيون، ربما يمثلون نصف لبنان، مع تثبيت القرارات الدولية في الجنوب ومع نشر الجيش في الجنوب وضد استخدام لبنان مجدداً كساحة صراع مفتوح. رأيي قد يكون مختلفاً. أنا مع خطوات الرئيس بري بتثبيت الحدود. أذكّر هنا بأنه بعد عملية حماس في 7 تشرين الأول 2023، حرص السيد نصر الله في خطابه الأول على التمايز، وفهمت من الخطاب أنه لم يكن على علم بعملية حماس. في الخطاب الثاني، لم يتمايز وأصبحنا ساحة واحدة. كان جوابي بتصريحاتي العلنية وبالرسائل عبر وفيق صفا: حاولوا ألّا تجرّونا إلى الحرب.
لكن الحزب عمل على مدى سنة تحت سقف احترام قواعد الاشتباك؟
صحيح، لكن كان هناك شخص كان يمكن أن يحافظ على قواعد الاشتباك ويحترم شيئاً من الحيثية اللبنانية. اغتاله الإسرائيلي وأطاح بكل شيء. لم يعد هناك من يستطيع أن يسيطر على قواعد اللعبة، وأصبحت الحرب مفتوحة. بغيابه فقدنا المُحاور، ولم يعد قرار المواجهة بالمطلق في لبنان.
هل تعتقد بأن الحرب قد تمتدّ إلى سوريا والعراق وإيران؟
أعتقد أن نتنياهو يتمنّى أن يجرّ الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران. لا أعرف. كما أننا لا نريد أن نبقى أرضاً مفتوحة. أرفض استخدام إيران لبعض المجموعات العراقية أو للحوثيين في حربها مع إسرائيل. في لبنان، أنا ضد الجبهة المفتوحة ومع ترسيم الحدود وتثبيت الهدنة ومع إرسال الجيش الى الجنوب بعد تعزيزه. وأستغرب هنا الموقف العبثي لوزير الدفاع (موريس سليم) الذي يرفض تطويع الحدّ لأدنى من العسكريين.
أين الدور الأميركي والأوروبي في هذه الحرب؟
– فليتفضّل الأميركي الذي يقول إنه مع تطبيق القرارات الدولية. هل يمكن أن يطبّق وقف إطلاق النار ويمنع الاعتداءات على القوات الدولية ويسلّح الجيش بشكل جدي؟ طبعاً لا أقصد الأسلحة التي تضاهي ما تملكه إسرائيل لأنّ أحداً في العالم العربي لا يملك ذلك. لكن على الأقل الحدّ الأدنى من التسلح حتى تكون لدينا قوة تمسك الأرض في جنوب الليطاني وتساعد القوات الدولية وتثبّت اتفاقية الهدنة، مع تطويرها قليلاً، لأن هناك فارقاً بين اليوم وبين عام 1949. أما أوروبياً، فليس هناك أيّ تمايز باستثناء الموقف الفرنسي، لكنه قبل اتضاح الموقف الأميركي غير قادر على شيء. بقية الدول الأوروبية منحازة بالمطلق لإسرائيل، باستثناء من أيّدوا القضية الفلسطينية كالإيرلنديين والإسبان والبلجيكيين.
هل سيزور هوكشتين لبنان وهل هناك رهان على ما يمكن أن يأتي به؟
لا أعرف. التقيته مرة واحدة. مهمته مع الرئيس بري، الذي أثق به ثقة كبيرة، وأنتقد من يتجاهلون دوره من بعض فريق الممانعة.
ماذا عن دور الرئيس ميقاتي؟
دوره ممتاز.
هل أنت مع انتخاب رئيس للجمهورية قبل وقف إطلاق النار أم بعده؟
الأولوية لوقف إطلاق النار. لكن هذا لا يلغي أهمية وجود رئيس كي تستكمل السلطة التنفيذية وكي يفاوض عن لبنان لأننا اليوم نفاوض بالوكالة، والبعض العبثي ينظّر علينا من بعيد.
اعتبر سمير جعجع أن لا مشكلة في انتخاب رئيس للجمهورية من دون حضور النواب الشيعة؟
أخالفه في هذا، وأنا على استعداد لمحاورته وحتى اللقاء به.
تحاوره على ماذا؟
حول هذا الأمر. هذا موضوع ميثاقي وسياسي كبير لا علاقة له بالعدد.
ألا تخشى على اتفاق الطائف من مثل هذه الدعوات؟
ما من أحد «يفتح سيرة» الطائف.
جعجع يعتبر أن الإسرائيلي سيتكفل بالقضاء على حزب الله، ما يعني أفول الشيعية السياسية إلى جانب أفول السنّية السياسية بعد اعتكاف الرئيس الحريري، الأمر الذي يخلي الساحة له.
أنا مستعد لأن التقِيَه لأناقشه في الطائف إذا كانت لديه ملاحظات حوله. لا أحد يمكنه أن يلغي دور أيّ طائفة أو أيّ مكوّن. أما في ما يتعلّق بحزب الله، فالحزب لا يزال موجوداً، لكن نريد أن نعرف مع من سنتحاور. هل هناك أحد على الأرض، أم نتوجّه إلى إيران؟
هل تخشى حرباً أهلية؟
لا لست خائفاً، لكن لا بد من أن يلتقي الجميع للتخلص من هذه المخاوف، وللاتفاق على ثوابت تقوية الجيش والأمن الداخلي والأجهزة الأمنية، والتصدي لبعض كبار المنظّرين إعلامياً حول الحرب الأهلية من كلتا الجهتين.
هل أنت مع التمديد لقائد الجيش؟
لا أفهم سبب كل هذه الضجة حول قائد الجيش. الرجل خدم الوطن وأمسك بالجيش بأفضل أداء. لماذا هذا الاعتراض عليه غير الأسباب الداخلية السخيفة؟
إذاً أنت راضٍ عن أداء القائد؟
طبعاً عن أداء قائد الجيش وأداء الجيش الذي يُستشهد منه عسكريون. هل سننتقد الجيش أثناء الحرب؟ هذا عبث وجنون!
هل هذا الإطراء ينسحب على ترشيحه لرئاسة الجمهورية؟
موضوع رئاسة الجمهورية يعود إلى طاولة الحوار عند الرئيس بري. لن أدخل في تسمية أحد في الموضوع الرئاسي. ويعود هذا الأمر على أيّ حال للقاء الديموقراطي.
هل سيتمّ تثبيت تعيين رئيس الأركان؟
طلبت ذلك، إلّا أنّ وزير الدفاع معارض. لكن رغم ذلك، لا مفرّ من تثبيت رئيس الأركان الذي يعطي وجوده حرية تحرّك لقائد الجيش.