خاص – سينتيا عبدالله
هل سيتم تطبيق الهدنة اللبنانية الاسرائلية؟ وما مصير حزب الله بعد انتهاء الحرب؟
الحديث عن تطبيق الهدنة اللبنانية-الإسرائيلية بعد الحرب يظل مليئًا بالغموض والتعقيدات السياسية والعسكرية.
في الفترة الحالية، يبدو أن حزب الله يتعامل مع المسودة الأميركية لوقف إطلاق النار بانفتاح، كما أفادت مصادر حكومية لصوت الأرز، حيث أُشير إلى أنه قد سلم ملاحظاته على المسودة إلى الرئيس نبيه بري، في وقت يستعد فيه المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين للقيام بزيارة إلى بيروت لإجراء محادثات حول وقف إطلاق النار
إسرائيل بدورها تشترط ضمانات إضافية لاستمرار عملياتها العسكرية إذا اقتضت الحاجة بعد وقف الحرب، فضلاً عن مطالبها بآلية واضحة لنزع سلاح المقاومة. من جهة أخرى، تتمسك الحكومة اللبنانية بتطبيق القرار 1701 دون أي تعديل، مع التأكيد على ضرورة خروج القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية التي دخلت إليها بعد حرب 2006. اما حزب الله، الذي كان في السابق يركز بشكل كبير على وجوده العسكري على الحدود، قد أصبح اليوم في موقع ميداني يتيح له إبقاء أسلحته بعيدة عن الحدود، مثل الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة، وهو ما يغير من حساباته بشأن التطبيق الصارم للقرار 1701
لبنان لن يوافق على مطلب اسرائيل بالحصول على ضمانات للقيام بعمليات عسكرية كلما كانت هناك حاجة او كلما شعرت ان الاتفاق يتم خرقه وهي ستكون ملزمة بالتسوية المطروحة بتطبيق ال 1701 و وقف الخروقات والخروج من الاراضي اللبنانية التي دخلت اليها عام 2006 وبقيت 13 نقطة على الحدود فهي ملزمة بالخروج منها فالحزب رأيه من رأي الدولة اللبنانية فهي ترفض اي تسوية تعترف بانهزام لبنان او ان اسرائيل انتصرت وبالتالي مصير الحزب بعد هذه التسوية غير واضح خاصةً وان جمهوره ما زال موجودًا وهو الاكبر عددًا في لبنان بالاضافة الى وجوده السياسي بينما سيتم الاتظار الى ما بعد انتهاء الحرب لمعرفة مصير الحزب العسكري ومعرفة كيفية تطور هذا الامر وكيف سيتعامل الحزب مع الموضوع الاستراتيجي بحال طرح وكيف سيتم حماية لبنان فهل سيكفي فقط انتشار الجيش على الحدود وتسليحه ؟
هذا الامر من المكبر الحديث عنه ومتروك لما بعد انتهاء الحرب….
الصحافي والمحلل السياسي في الشؤون الاميركية علي منصور قال لصوت الأرز انه ساد اعتقاد قبيل الانتخابات الاميركية بأن ترمب يريد وقف الحرب الاسرائيلية على لبنان خاصةً بعد الزيارة التي خص بها الجالية اللبنانية في مدينة ديربورن في ولاية ميشيغن حيث التجمع الاكبر للبنانيين من مناطق الجنوب والبقاع، وقد ارفق ترمب زيارته برسالة موقعة منه يتعهد فيها بوقف الحرب واعادة اعمار ما دمرته الحرب. لكن الرسالة كانت عامة وفضفاضة ومن السهل التذرع بأي شرط لبناني للتنصل من الوعد ورمي اللائمة على لبنان وحزب الله.
وأضاف لقد بدأ ترمب سريعًا تشكيل ادارته واضعًا صقور حزبه من مناصري اسرائيل في مراكز متقدمة من وزارة الخارجية الى الامم المتحدة والسفير في تل ابيب. كما كان لافتًا تعيين المستثمر العقاري والمتبرع لحملته الانتخابية ستيفن ويتكوف ليكون مبعوثه الخاص الى الشرق الاوسط من غير ان يخص لبنان بتعيين والد صهره مايكل الدكتور مسعد بولس مبعوثًا خاصًا من اجل التفاوض مع لبنان لانهاء الحرب.
و أكد أيضا ان بولس قد أعلن على قناة الجديد بأن ترمب عينه مبعوثًا من اجل التفاوض مع لبنان وتناقلت الصحافة الاميركية الخبر، لكن بولس نفى الخبر وطلب من المحطة ازالة الفيديو وتوقف عن اطلالاته الاعلامية على المحطات اللبنانية في خطوة يمكن تفسيرها بأن وقف الحرب ليست اولوية عند ترمب.
وأشار منصور الى ان ما تقدم لا يلغي السعي لإيقاف الحرب، بل يؤشر الى ان ترمب لن يوزع الهدايا في على لبنان دون مقابل، وهو لن يقدم على تقييد حركة حليفه الاول بنيامين نتنياهو قبل تحقيق اهدافه في لبنان خاصةً ان ترمب لا يزال خارج البيت الابيض وقدرته على المناورة عالية.
ما هو مطروح اميركيًا في اي صيغة اتفاق لوقف الحرب لا يمكن لحزب الله ان يقبله في الوقت الحالي ربطًا بواقعه الميداني الذي مازال متماسكًا بالرغم من كل الضربات القوية التي يتلقاها، وهذا ما يفسر توسيع اسرائيل للعملية البرية لتشكيل واقع جديد يجبر الحزب على التنازل والتسليم بالشروط الاساسية لاسرائيل.
مع الاشارة الى ان اميركا تسعى لخرق سياسي على مستوى انتخاب رئيس للجمهورية بالتزامن مع وقف الحرب، ولا تخفي رغبتها بانتخاب العماد جوزيف عون للرئاسة، وهو ما يرفضه الحزب حتى الان.
بمجرد قبول الحزب بتطبيق القرار 1701 فقد قبل باخلاء مواقعه العسكرية جنوب نهر الليطاني بما تشمله من قواعد لأطلاق الصواريخ وأنفاق لتخزينها لكن ذلك لا يحقق ما تريده اسرائيل بتدمير البنى التحتية للحزب شمال الليطاني وفي البقاعين الغربي والشمالي حيث العمق الاستراتيجي وخزان الدعم والامداد، خاصة ان الصواريخ البالستية والمسيرات يمكن اطلاقها بسهولة من مناطق بعيدة عن الحدود.
حتى الاميركي لن يقبل ان يعطي اسرائيل حق التدخل ضمن اي اتفاقية ممكنة، وطبعًا لا لبنان سيقبل ولا حزب الله لكن كلنا يعلم بأن اسرائيل لن تسأل أحد إذا ما قررت التدخل واستهداف ما تعتقد بأنه شحنة سلاح لحزب الله.
في ظل اي اتفاق ممكن فان حزب الله سيكون معني بالدرجة الاولى باعادة ترتيب اولوياته واعادة القراءة السياسية والعسكرية لتحديد الخروقات الكبيرة التي اصابته من غير ان ننسى وضع بيئته المنكوب وما ينتظره من مسؤوليات على مستوى اعادة الاعمار وعودة النازحين واعادة ترميم الجدار الاجتماعي الذي تصدع لهذه البيئة.
لكن الاعتقاد السائد اليوم ان يلتفت ترمب بعد ان ينتهي من تشكيل اعضاء ادارته الى العمل على ملف ايقاف الحرب ما يعطي نتنياهو فسحة من الوقت لتحقيق انجاز ميداني يمكن استثماره في المفاضات. هل معنى ذلك ان الحرب ستتوقف قبل دخول ترمب الى الولايات المتحدة الاميركية؟ من غير المؤكد لذلك علينا ان لا ننسى الواقع الميداني للحزب الذي لن يرضى بالتوقيع على صك هزيمة، حتى لو هزم فعليًا.
وفي كل الاحوال لن تكون الصيغة النهائية لاي اتفاق لوقف الحرب كما يريدها الحزب ويتمناها، ولن يكون ترمب الا داعمًا لاسرائيل مهما كانت وعوده وعهوده للبنانيين.