خاص- اوديت ضو الاسمر
كما هي العادة دائمًا وحده الشعب اللبناني يدفع الثمن سواء خلال الحروب أو في زمن التسويات. ولكن، لعلّ هذه المرحلة، وبعد هذا الكمّ من الخسائر التي لم يشهد الوطن مثيلًا لها عبر تاريخه الحديث، تأتي بحلّ شامل وعادل نبني عليه المستقبل
فهل انتهت الحرب فعليًا أم أنها مجرد فترة استراحة محارب؟ وما هو نص الاتفاقية؟ وهل تصبّ في مصلحة طرف معين على حساب طرف آخر؟
و ما هي التحديات التي تواجه الجهود الدولية لدعم السلام والاستقرار في لبنان؟
وما هي الضمانات الدولية لوقف أي تصعيد مستقبلي؟
والأهم من ذلك، هل هناك أمل في إطلاق عملية سلام شاملة في المنطقة؟ وكيف يمكن للبنان أن يلعب دورًا في هذه العملية؟
هذه الأسئلة طرحها موقع “صوت الأرز” على الباحث والمحلل السياسي الدكتور إليان سركيس الذي أكّد في حديثه أن الحرب لم تنتهِ بشكل نهائي وما يحدث الآن هو اتفاقية هدنة أو يمكن تسميتها باتفاقية تسوية لتنظيم الأوضاع لفترة محددة.
و هذا ما اكده رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي أوضح أن جيش بلاده منهك نتيجة هذه الحرب خاصة مع القتال على الجبهتين الشمالية وغزة. لذا فإن هذه الهدنة ضرورية لإعادة ترتيب الأولويات وتركّز الجهود حاليًا على غزة.
إلى جانب الضغوطات الأمريكية وإعطاء نقطة إيجابية لإدارة بايدن قبل تسليم السلطة للإدارة الجديدة برئاسة ترامب خاصة مع تصريح بايدن حول عدم تسليم إسرائيل السلاح ما لم توافق على الهدنة المؤقتة.
و هنا تكمن المخاوف في أن الجيش الإسرائيلي يستغل هذا الوقت لإعادة ترتيب قواه على الجبهة.
ومن هنا وعلى الأطراف المشاركة في صياغة النص ضمان تنفيذ بنود وقف شامل لإطلاق النار كما يجب التأكيد على تنفيذ الإجراءات الضرورية وأولها حماية المدنيين وإعادة الإعمار وهو ما يمكن أن يمثل بداية حل حقيقي. أما إذا كانت الحلول منحازة لطرف على حساب الآخر فستكون الاتفاقية هشّة ما يفتح الباب لصراعات جديدة خاصة أن الطرفين لم يحققا أهدافهما الكاملة.
اما ما هو مطلوب في المرحلة القادمة فأكد سركيس أن المرحلة القادمة تتطلب من اللبنانيين أولاً توحيد صفوفهم حول القضايا الداخلية والتخلي عن الانتماءات الخارجية ومنع التدخلات الأجنبية في شؤونهم مؤكداً أن ولاء حزب الله وتبعيته لإيران أدخلا لبنان في حرب مكلفة على الصعيدين الاقتصادي والبشري مشددا على أن هناك فئة من الشعب اللبناني تعيش اليوم حالة عاطفية تتسم بشعور الانتصار لكن عندما تواجه الواقع وتُدرك حجم الدمار في الجنوب والبقاع وبيروت ستظهر المشكلة الحقيقية.
وتابع قائلاً إن الانقسام الداخلي والطائفي هو العائق الأكبر أمام بناء رؤية موحّدة لبناء الدولة ما يُضعف الجهود الدولية لدعم لبنان كما لفت إلى أن مسألة السلاح خارج إطار الشرعية تشكل التحدي الأمني الأكبر.
َوأسف لان الامور لا زالت على حالها من دون معالجة الامور التي تم ذكرها و اولها السلاح الغير الشرعي اللبناني و الغير لبناني على ارضنا مع ابقاء قرار السلم و الحرب وحده بيد الدولة و الجيش اللبناني و هذا ما هو مذكور في القرارات الدولية و اهمها ١٧٠١ و ١٥٥٩ اي اعادة تنظيم الدولة و نشر الجيش لاسترجاع الثقة بالدولة اولا من أبنائها و ثانيا من المجتمع الدولي والا نكون امال حلول مؤقتة و التجارب السابقة خير دليل لعودة الحرب و تدمير الوطن كل ١٠ سنوات.
اما عن الضمانات الدولية لحماية لبنان يؤكد سركيس انه لا توجد ضمانة مطلقة لحماية لبنان فالحماية تعتمد غالبًا على قرارات مجلس الأمن ودور قوات “اليونيفيل” على الحدود يُعتبر ممتاز إلا أنه يظل محدودًا بسبب التدخلات السياسية.
فالمسؤولية الأولى تقع على عاتق الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي رغم ضعف مؤسسات الدولة لا يمكنه التفاوض إلا مع الشرعية المتمثلة بالدولة وليس مع الأحزاب أو الأفراد وهذا ما لمسناه مؤخرًا من خلال الجهود التي أثمرت نوعًا من الاستقرار ولو كان محدودًا ما ادى إلى اتفاق الهدنة.
فالمجتمع الدولي يستطيع تأمين نوع من الاستقرار عبر قوات حفظ السلام والمساعدات لكن هذا لا يغني عن الحاجة الماسة للتوحد الداخلي خاصة أن تداعيات الحرب على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي كبيرة وتتطلب معالجة سريعة.
و عن امل اطلاق سلام شامل ختم سركيس حديثه بالتأكيد على أن السلام ممكن لكن هناك قرارات دولية كبرى يجب تطبيقها و استمرار الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية خاصة الإيرانية والسورية يعيق هذا الملف.
ومع ذلك حدث تطور إيجابي في المرحلة الاخيرة يتمثل في فصل القضية الفلسطينية عن الملف اللبناني الذي كان سببًا في إشعال الحرب الأخيرة.
و علينا ان لا ننسى الملف النووي الإيراني والمفاوضات الأمريكية-الإيرانية التي أسهمت في التوصل إلى الهدنة الحالية ويؤمل أن تثمر هذه الجهود حلاً شاملاً.
فلبنان بعد كل ما عاناه بحاجة ماسة للتعافي وليس بسبب موقعه الجغرافي وتعدديته الطائفية يجب أن يكونا سببًا للعيش في دوامة عدم الاستقرار.
فعلى لبنان أن يستعيد دوره المحوري كنقطة للحوار الإقليمي ونموذج للانفتاح والتعايش السلمي.
و هذا يبدا اولا باعادة بناء الثقة بالدولة من خلال انتخاب رئيس جمهورية يحظى بإجماع وطني و تشكيل حكومة جديدة خارجة عن سلطة الطبقة السياسية الحالية التي أوصلت لبنان إلى ما نحن عليه .
من جديد نحن امام فرصة تاريخيّة علينا ان نستفيد منها لعلنا نبني وطنا جديدا على صورة احلام اولادنا خالي من كل شيء قديم