خاص : سينتيا عبدالله
بعد أشهر من المواجهات الدامية بين حزب الله والكيان الصهيوني، دخل في 27 تشرين الثاني حيّز التنفيذ وقف لإطلاق النار بين الطرفين، حيث تم الاتفاق بوساطة أميركية قدّمت من خلالها الولايات المتحدة نصًا يؤكد وقف الأعمال القتالية. وقد أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن هذا الاتفاق، مؤكدًا أن هدفه هو وقف النزاع بين الطرفين بشكل كامل.
وجاء هذا الإعلان بعد أن قام العدو الإسرائيلي بتصعيد عملياته، خاصةً في الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان، كصور والنبطية، حيث أغار بشكل كبير على الوحدات السكنية زاعمًا أن كلها منشآت عسكرية تابعة لحزب الله. ولم تسلم العاصمة بيروت أيضًا من الغارات، حيث قُصفت مناطق كالبسطا، مار إلياس، والحمرا.
خسائر لبنان ضخمة جدًا بعد انتهاء هذه الحرب؛ فقد أعلنت وزارة الصحة عن استشهاد 3768 شخصًا، وجرح حوالي 15,000 مواطن، من بينهم ما يقارب 500 مقاتل في الحزب.
من جهة أخرى، بلغت قيمة الأضرار السكنية بحسب البنك الدولي حوالي 2.8 مليار دولار، حيث تدمرت حوالي 99,000 وحدة سكنية، 15,000 منها في الضاحية الجنوبية، فيما لا يقل عن 262 مبنى قد تدمر بشكل كامل، بالإضافة إلى أضرار في القطاعات الأخرى كالزراعة التي بلغت 124 مليون دولار.
أما من الجانب الإسرائيلي، ووفقًا لوسائل الإعلام، فقد قُتل حوالي 45 مواطنًا و73 عسكريًا، وتدمرت الكثير من الوحدات السكنية، وبلغت أضرار الحرب حوالي 273 مليون دولار.
كيف سينهض لبنان بعد هذه الكارثة؟ ومن سيقوم بإعادة الإعمار في ظل غياب الدولة؟ من انتصر فعليًا في هذه الحرب؟ وماذا عن موعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشييع الأمين العام السابق السيد حسن نصرالله؟
أسئلة عديدة أجاب عنها المحلل السياسي محمد علوش، الذي أوضح لصوت الأرز أن الدولة اللبنانية، التي كانت غائبة تمامًا في قضية النزوح واعتمدت على منظمات الأمم المتحدة وأحزاب لبنانية وجمعيات، هي أيضًا غائبة بشكل كامل عن ملف إعادة الإعمار، وهي لا تتحدث عنه حتى الآن. فحزب الله سيتولى بشكل أساسي ملف إعادة الإعمار بالتعاون مع دول عربية أو غربية في حال رغبت بالمشاركة، لكن هذا الأمر ليس مؤكدًا أو معلنًا رسميًا حتى الساعة.
وأوضح علوش أن حجم الدمار في هذه الحرب أكبر بكثير من تموز عام 2006، ففي الضاحية الجنوبية حوالي 15,000 وحدة سكنية قد تدمرت بالكامل، وتعرضت قرى كاملة في الجنوب للتدمير والنسف. وقد بدأ حاليًا الكشف عن الأضرار لتطبيق آلية ترميم المنازل القابلة للترميم ليتمكن أصحابها من العودة، ومن ثم الدخول في عملية الكشف على الأبنية المهدمة بشكل كامل من أجل البدء بملف إعادة الإعمار. أما بالنسبة للمصالح، فليس هناك آلية واضحة حتى الساعة للتعامل مع هذا الموضوع من حيث حجم التجارة وليس فقط من جهة المكان أو المبنى.
وفور انتهاء الحرب على لبنان، اختلف اللبنانيون فيما بينهم على سؤال جوهري: هل خرجنا منتصرين أم مهزومين؟
في هذا الإطار، قال علوش إن مفهوم الانتصار أو الهزيمة يخضع لعقل ورغبة ورؤية كل شخص. فمن اعتبر أن المقاومة هُزمت فهو يتمنى في الأساس انهزامها، والعكس صحيح. فلبنان كان في مواجهة غير متكافئة وغير عادلة بين جيش مدعوم ومسلح من أغنى وأقوى دول العالم، وبين مجموعة من الناس قررت أن تقاوم هذا الجيش ومشروعه الاحتلالي المستمر منذ 50 عامًا.
وأوضح أن أي تقدير للانتصار أو الهزيمة يُحدد بناءً على تحقيق الأهداف. فكلما فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه، كان الطرف الآخر منتصرًا. ومع أن إسرائيل لم تحقق أهدافها من العملية العسكرية في لبنان، إلا أن هذا الانتصار لم يأتِ دون تضحيات وخسائر كبيرة.
وعن إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء الحرب، أكد علوش أنه من الواضح أن دينامية جديدة قد ظهرت بعد وقف إطلاق النار. فقد تم تعيين يوم 9 كانون الثاني كموعد لانتخاب رئيس. وسيتم العمل على التشاور بين القوى السياسية للوصول إلى رئيس توافقي أو شبه توافقي، وستكون مهمته الأساسية إعادة تشكيل المؤسسات الدستورية، تشكيل حكومة قوية، ومواكبة الإصلاحات الاقتصادية، إلى جانب دعم الجيش اللبناني في الجنوب، وحفظ الأمن والسلام، والبدء بالبحث عن استراتيجية دفاعية للتعامل مع التهديدات الإسرائيلية.
أما فيما يتعلق بسلاح حزب الله، فقد أكد علوش أن هذا الموضوع غير مطروح حاليًا ولم يتم التطرق إليه خلال عملية التفاوض. وأعلن حزب الله بوضوح أن هدف السلاح هو الدفاع عن لبنان في مواجهة المشروع الإسرائيلي فقط، وعندما تصبح الدولة اللبنانية قادرة على حماية نفسها، لن يكون هناك حاجة لهذا السلاح.
وفي موضوع تشييع الأمين العام السابق لحزب الله، خاصة بعد وقفة “نور من نور” في الضاحية الجنوبية، أوضح علوش أنه لم يتم تحديد موعد التشييع بعد.