خاص : اوديت ضو الاسمر
لم تمر أيام على اتفاق الهدنة المؤقتة في لبنان حتى توجهت الأنظار وبسحر ساحر إلى سوريا والأحداث التي شغلت الرأي العام بفظاعتها وانعكاساتها.
فما هي خلفيات ما يجري؟ وما الدور الذي تلعبه تركيا في هذا السياق؟
وما هو المصير الذي ينتظر الأسد؟ وهل نحن أمام مرحلة قطع خطوط الإمداد الإيرانية في المنطقة؟
في هذا السياق، اجرى موقع صوت الأرز حوارا مع المحامي الدكتور عيسى نحاس، الباحث الحقوقي والسياسي، اكد فيه
“ان ما يحدث في سوريا هو نتيجة خرق المعارضة لاتفاقية أستانة التي أنشأت مناطق خفض التصعيد. وبموجب هذه الاتفاقية وبرعاية تركية وروسية اقتصر وجود النظام في تلك المناطق على طابع رمزي لتجنب أي استفزاز.
هذا الخرق أدى إلى تقدم المنظمات المسلحة المدعومة بشكل رئيسي من تركيا وقطر بدءًا من ريف حلب وإدلب وريف حماة وصولًا إلى أحياء مدينة حلب حيث سيطرت هذه المنظمات دون أي مقاومة.
مع العلم أن هذه المنظمات لا تتحرك دون دعم الدول التي تمولها. فالطرف التركي يسعى لحل مشكلة النازحين عبر إعادتهم إلى مناطق في سوريا تكون تحت سيطرة المنظمات التابعة له مع ضمان دور جماعة الإخوان المسلمين في سوريا. وهذا يتحقق عبر التمدد إلى حماة وما بعدها وصولًا إلى حمص وهما منطقتان تشكلان خطًا استراتيجيًا يتيح لها النفوذ في التركيبة السياسية.”
وتابع نحاس:” إلى جانب ذلك هناك دعم غير مباشر من الولايات المتحدة وإسرائيل لهذه التنظيمات عبر قنواتها المختلفة. فتقدم هذه المنظمات يشكل ضغطًا على نظام الأسد من عدة جوانب:
اولا دفعه لإعادة النظر في دعمه للمقاومة اللبنانية، خصوصًا حزب الله.
و ثانيا المساهمة في إنجاح المحاولات العسكرية لقطع الطرق الحيوية للتواصل مع حزب الله في لبنان.
و اخيراً محاولة إعادة إدخال حزب الله إلى المعارك السورية ما يجعله ينكفئ عن الجبهة اللبنانية مع فلسطين.”
وعن مصير الأسد، قال الدكتور نحاس:
“بتصوري، هذه المخططات ضعيفة وغير منتجة لأن سوريا تمثل حاجة جيوسياسية لحلفائها. فالدور الروسي في سوريا حيوي وروسيا لن تتخلى عن مصالحها هناك ليس فقط في الجغرافيا السياسية بل في الرهان على شخص بشار الأسد الذي يمثل توازنات أساسية في إدارة سوريا.
أما إيران فترى في سوريا منطقة حيوية ورابطًا استراتيجيًا بينها وبين حلفائها في لبنان، فلسطين، اليمن، والعراق. كما تعتبر البحر السوري ضرورة اقتصادية لضمان منافذ بديلة لتصدير الطاقة بعيدًا عن مضيق هرمز وباب المندب. إضافة إلى ذلك فإن بشار الأسد يُعتبر الوكيل العربي القادر على إدارة هذه التحالفات بين إيران وروسيا، مع مراعاة مصالح جميع الحلفاء.
من هذا المنطلق، أرى أن الأسد يمثل نقطة التقاء للتسويات المعقولة والمقبولة، التي تحفظ مصالح جميع الأطراف بما فيها قوى المقاومة. والضغط عليه يؤكد أهمية دوره في الحفاظ على التوازنات، لا سيما بين روسيا وإيران من جهة، وقوى المقاومة من جهة أخرى.
كما أعتقد أن العالم بات مقتنعًا بأن الأنظمة العقلانية والمستقرة أكثر أمانًا من الحركات الإرهابية التي قد تمتد ارتداداتها إلى الغرب نفسه.
ان المنطقة بأكملها متجهة نحو ترتيبات جديدة لم تتضح معالمها بعد. وكأن التاريخ يعيد نفسه، حيث تعيد القوى العظمى والإقليمية تقاسم مناطق النفوذ، من فلسطين إلى لبنان، ومن سوريا إلى العراق. وفي ظل هذا الواقع، يتوجب على شعوب المنطقة أن تعي الدرس، وتوحد صفوفها، لبناء دول ذات سيادة حقيقية.