خاص- صوت الارز
سينتيا عبدالله
كان تاريخ السابع والعشرين من أيلول مدوياً في لبنان، ست مبانٍ سُوِّيت بالأرض في الضاحية الجنوبية لبيروت في انفجار أعاد إلى أذهان اللبنانيين الرابع من آب، وتوالت الأحداث من بعدها حتى لحظة إعلان حزب الله السيد حسن نصرالله شهيدا
ومنذ ذلك الحين ترقب للحظة الوداع التي تليق بشخص السيد نصرالله وما كان يمثله على الساحتين السياسية والدينية. فمتى وكيف سيتم تشييع السيد نصرالله؟ وما صحة استشهاد 300 شخص معه؟ قبل استشهاد السيد نصرالله، استشهد السيد عباس الموسوي، وهو ثاني أمين عام لحزب الله اللبناني عام 1992 بعد أن اغتالته إسرائيل في منطقة جبشيت في جنوب لبنان. وهو الذي كان قد ساهم بتأسيس حزب الله اللبناني عام 1982، وخلفه السيد حسن نصرالله عام 1993 الذي شغل هذا المنصب لحين اغتياله على يد الكيان الصهيوني في 27 أيلول 2024
قاد السيد نصرالله الحزب لانتصارات عديدة جعلت من حزب الله الرقم الصعب والأقوى في الشرق الأوسط، مُكللاً هذا الانتصار في العام 2000 حيث دفع الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب من جنوب لبنان، ثم انتصاره في العام 2006 في حرب تموز بعد العدوان والحصار الذي فرضته إسرائيل على لبنان لمدة 34 يوماً، والعديد من الانتصارات الأخرى، مؤكداً أنه كان الخلف خير مُمثل للسلف. ولكن يوم 27 أيلول 2024 شنت القوات الجوية الإسرائيلية غارة استهدفت مقر حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية باستخدام 85 صاروخاً، يزن كل واحد منها طن، خلّفت حفرة بلغ عمقها حوالي 60 مترا . وقد أعلنت قناة المنار في اليوم التالي استشهاد السيد في هذه الغارة العنيفة. استشهاد السيد صدم كل اللبنانيين وطرح في نفس الوقت العديد من التساؤلات، أبرزها عدد الضحايا الذين استشهدوا معه في هذه الغارة.
الكاتب والمحلل السياسي محمد علوش أكد لصوت الأرز أن حجم الاغتيال كان كبيراً جداً على الأوساط داخل حزب الله وبيئة المقاومة ككل داخل وخارج لبنان. إنما بعد هذا الاغتيال بدأت ورشة عمل داخل الحزب لإعادة تنظيم الصفوف وتعيين القيادات وصولاً إلى تعيين الأمين العام الذي سيتم قريباً من خلال القواعد التي بُني عليها الحزب والآلية التي وُضعت لهكذا حالات. أما عن موضوع تشييع السيد، فهو لم يُحدد بعد نسبةً لضخامة هذا الحدث وأهمية هذا الرجل، فلا يمكن أن يكون التشييع عادياً وطبيعياً. هناك بعض الأفكار التي يتم تداولها للوصول إلى طريقة لتشييع الأمين العام بطريقة تليق بهذا المنصب وبهذه الشهادة، مؤكداً أنه تم تداول الكثير من الشائعات كالسفر إلى العراق، ولكن حتى اللحظة لا شيء مؤكد ولا موعد محدد بعد للتشييع ولا أي أمر صدر في الإعلام عن هذا الملف نظراً لدقته
وأضاف علوش أن قيادة الحزب لم تتخذ قراراً حتى الآن بانتظار المعطيات القادمة حسب مدة الحرب وطولها والظروف المحيطة. فربما سيتم التشييع، ثم إعادة التشييع مرة أخرى بعد انتهاء الحرب، ويكون شعبياً وجماهيرياً بحضور ممثلي أحزاب وممثلين دول. لكن إجراء هذه المراسم ليس بالأمر السهل. وأكد علوش أن هناك شهداء استشهدوا مع السيد حسن وتم تشييعهم في 30 أيلول، إنما هذا الرجل الاستثنائي يتطلب إجراءات استثنائية
وعن عدد الشهداء مع السيد نصرالله، نفى علوش ما قالته الصحف الإسرائيلية أن عددهم بلغ 300، مؤكداً أن 300 هو عدد السكان في المجمع السكني حيث اغتيل، وتلك المباني كانت شبه فارغة وقت الغارة، أما عدد الشهداء فهو عدد قليل أقل من عشرة شهداء، وبعض المصادر تؤكد أنهم كانوا ستة أشخاص من بينهم مرافقي السيد والمسؤول عن حمايته الشخصية وتم بالفعل نعيهم، إضافة طبعاً إلى الجنرال الإيراني الذي كان متواجداً خلال اللقاء. حزب الله الذي لا يزال يقود معركة المقاومة هو اليوم أمام تحدٍ وجودي كبير جداً، وهذه المرة الأولى التي يتعرض فيها إلى صدمة من هذا النوع وهذا الحجم. فهذا الرجل لم يكن أميناً عاماً فقط، بل كان قائداً لمقاومة في لبنان والمنطقة وكان أباً روحياً لهذا التنظيم وجماهيره الذين لم يصدقوا حتى اليوم استشهاد السيد نصرالله إلا أن يروا ذلك بأم العين، على اعتبار أن السيد كان قد قال في كلمته الأخيرة “الخبر فيما ترون، ليس فيما تسمعون”. فهل سيتمكن الحزب من استيعاب هذه الصدمة وإعادة البناء والصمود في وجه الحرب التي تخوضها إسرائيل اليوم؟