قبل أسبوعين من جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقرّرة في التاسع من كانون الثاني المقبل، ومع دخول البلاد في مرحلة العد العكسي وغربلة المواقف المعلنة للكتل النيابية، حضر الاستحقاق الدستوري بقوة في الصرح البطريركي في بكركي. فالرئاسة كانت الطبق الميلادي الأول في عظة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، كما تصريحات النواب والمسؤولين الذين شاركوا في قداس عيد الميلاد، وكان الحضور لافتاً لغالبية المرشحين تقريباً إلى رئاسة الجمهورية، المعلَنين منهم وغير المعلَنين.
وقد جدد الراعي في عظته الدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني المقبلة، وقد جمعه اتصال برئيس مجلس النواب نبيه بري، جرى خلاله التأكيد على ضرورة إنجاز الاستحقاق في الجلسة المقرّرة، كما أفادت المعلومات.
هوكشتاين إلى بيروت مطلع العام
بالتزامن، استمرت الخروقات الإسرائيلية في ظل عجز لجنة الإشراف عن لجمها بعد تخطيها منطقة جنوب الليطاني لتصل الى البقاع، حيث شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على منزل ومستودعات في سهل بلدة طاريا. الامر الذي يُعتَبَر الخرق الاول بقاعاً منذ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي هذه الأثناء، كشفت مصادر مطلعة عبر جريدة الأنباء الالكترونية عن زيارة مرتقبة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت، مطلع السنة الجديدة، لمتابعة اتفاق وقف إطلاق النار باعتباره أحد صنّاعه إلى جانب الرئيس بري. ولفتت المصادر إلى أن الزيارة ستشكل مناسبة للتأكيد على ضرورة معالجة الخروقات قبل استفحالها.
المصادر توقعت أن يبحث هوكشتاين مع بري والمسؤولين الذين سيلتقيهم في التحضيرات لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية. ولم تستبعد المصادر أن يسلّم الموفد الأميركي بري كلمة السرّ للمرشح المقبول من الإدارة الأميركية، والذي يُرجَّح أن يكون اسم قائد الجيش العماد جوزف عون الأوفر حظاً. لأن الإدارتين الأميركية الحالية والمقبلة ترغبان بانتخاب رئيس الجمهورية في جلسة التاسع من كانون.
قائد الجيش إلى السعودية
توازياً، يبدأ قائد الجيش زيارة رسمية الى المملكة العربية السعودية، في مرحلة دقيقة يحتاج الجيش فيها الى الكثير من الدعم والتجهيز ليتمكن من القيام بالمهام المطلوبة منه، لا سيما تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701، وتعزيز انتشاره في جنوب لبنان. ولذلك فإن زيارة عون الى الرياض تكتسب أهمية قصوى نظراً لأهمية الدعم السعودي للجيش وتعزيز إمكانياته.
خطيئة دستورية
ووسط التطورات السياسية والأمنية المتلاحقة، أعرب النائب الياس جرادي في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية عن حاجة لبنان الى رجالات دولة يعملون على اتخاذ قرارات جريئة لانقاذه من أزماته. فالآمال المتاحة برأيه مهمة جداً شرط أن يحتكم الجميع الى الدولة والمؤسسات.
وقال جرادي: “علينا ملاقاة الآخر دائماً والارتماء بحضن الدولة. وأن ننزع من أنفسنا الإدعاء بتحقيق انتصارات وهمية، وكأن هذه الانتصارات تحوّلت إلى واقع”، داعياً إلى “حماية لبنان ليكون ملجأ الجميع. وإننا أحوج ما يكون الى إعادة تشكيل المؤسسات”،متمنياً لو أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية لم تؤجل الى التاسع من الشهر المقبل.
وأضاف جرادي: “لقد كان من المفروض ان ننتخب الرئيس قبل هذا التاريخ لمواجهة ما تعرضنا له من أزمات وما أكثرها”. فالفراغ الرئاسي برأيه شرّع الأبواب على أمور كثيرة قد تفتح الشهية لدى البعض الى المزيد من التعطيل، داعيا القوى السياسية للاستفادة من الخارج لما يخدم بناء البلد. إذ لا يجوز إعطاء هدايا من بلدنا الى بلد اخر، معتبراُ انتخاب الرئيس في جلسة 9 كانون الثاني أمر شبه حتمي، فلا مجال لهروب النواب من مسؤولياتهم وتحميل المسؤولية لغيرنا.
ووصف جرادي الفراغ الرئاسي بأنه خطيئة دستورية، وأن الوضع لم يعد يحتمل أي تأخير، أو تأجيل، معتبراً أن أي فريق سيعطّل يجب ان يتحمل مسؤولية موقفه. فنحن نعيش على صفيح متحرّك على صعيد الإقليم ومن الضروري اعتماد التوازن والتعاطي بحذر شديد من الآن حتى موعد جلسة انتخاب الرئيس واعادة بناء المؤسسات ولبننة كل الخيارات وان نسير خلف مؤسساتنا تداركاً مما قد يحصل.