لا تعديل للدستور وكلّ طرف «نايم على مرشح» وجلسة الإنتخاب ستكون منقولة على الهواء مباشرة.

0
17

كتبت صحيفة “الجمهورية”

الجلسة الرئاسية على مسافة أحد عشر يوماً، دون أن يلوح في الأفق حتى الآن، أيّ مؤشّر يشجّع على الحسم بأنّها ستشكّل المحطة المنتظرة منذ سنتين وشهرين لولادة رئيس للجمهورية. وفي موازاة ذلك، انقضى الشهر الأول من هدنة الشهرين المحدّدة في اتفاق وقف إطلاق النار، من دون أن يبرز في الأجواء أيّ رادع لتفلّت إسرائيل من هذا الاتفاق وتعاليها على لجنة مراقبة تنفيذه، بالتمادي في الخروقات المتعمّدة على امتداد القرى المتاخمة، بما يبقي الأجواء مشحونة بالاحتمالات الخطيرة، وخصوصاً في ظلّ الترويجات الإسرائيلية حول عدم الانسحاب من الأراضي التي توغّل إليها الجيش الإسرائيلي خلال العدوان وبعد سريان الاتفاق على وقف اطلاق النار.

غموض غير بنّاء!

الثابت الوحيد على الخط الرئاسي هو أنّ عقارب الساعة الانتخابية تتسارع إلى الأمام، دون أن يوازيها الحراك المجدي الذي يُعوّل عليه لبناء المساحة التوافقية التي تجعل من انتخاب رئيس الجمهورية ممكناً في 9 كانون الثاني. وتبعاً لذلك، فإنّ التوصيف الدقيق لما يحوط بالملف الرئاسي يلخّصه مسؤول كبير بقوله لـ»الجمهورية» بـ»جمود سلبي وغموض غير بنّاء، لم تقدّم الأطراف المعنيّة بهذا الملف ما يبدّده حتى الآن، ويؤكّد رغبتها الحقيقية، ليس فقط في انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المحدّدة بعد أيام قليلة، بل رغبتها في إجراء الانتخابات الرئاسية من أساسها واعادة إنعاش الدولة والإنتظام إلى الحياة السياسيّة والدستوريّة في لبنان».

ويجزم المسؤول عينه «أنّ المسار الرئاسي مرهونة وجهته أكان نحو انتخاب الرئيس او عدمه، بإجابة واضحة من قبل بعض الأطراف حول ما إذا كانت تريد بالفعل دولة ورئيساً للجمهورية وحكومة اصلاح وإنقاذ ووضع لبنان على سكة الخروج من أزماته». ويبدي خشية كبرى ممّا يسمّيها «المغامرة برهانات على متغيّرات تفرض وقائع سياسيّة ورئاسية من الخارج، فإن صحّ ذلك، فهذا معناه استمرار الدوران في متاهة الأزمة والاشكالات التي لا تنتهي».

بري على الموعد

رغم هذه الأجواء، فإنّ منسوب التفاؤل في عين التينة أعلى من منسوب التشاؤم، حيث أنّ الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة الانتخابية ما زالت تقارَب في مقر رئاسة البرلمان، كفترة حاسمة، بابها ليس مقفلاً على إمكانية التوافق على مرشح أو مرشحين، ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي ثابت على الموعد، حيث أنّ الجلسة ستُعقد في موعدها المحدّد، والأيام المقبلة سيتمّ البدء في توجيه الدعوات رسمياً إلى البعثات الديبلوماسية لحضورها.

وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ جلسة الإنتخاب ستكون منقولة على الهواء مباشرة، وتوجّه رئيس المجلس – إن لم يحصل الانتخاب من الدورة الأولى – عقد دورات متتالية؛ ثانية وثالثة ورابعة وخامسة وربما سادسة وأكثر، وهكذا دواليك حتى انتخاب رئيس للجمهورية، والجمهور سيتابع مجريات الجلسة عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، وسيتبيّن له بوضوح من سيشارك في الجلسة ويستمر في حضورها في كل دورات الانتخاب، ومن قد يقرّر عدم المشاركة في سائر الدورات والخروج من قاعة الهيئة العامة للمجلس. يعني ستكون جميع الكتل والتوجّهات النيابية امام مسؤولياتهم في جلسة 9 كانون الثاني».

وكرّر بري تأكيده «أنّ الجلسة ستكون مثمرة وانتخاب رئيس الجمهورية سيحصل إن شاء الله، ونحن نعمل بشكل متواصل في هذا الإتجاه».

ورداً على سؤال جدّد بري التأكيد على أولوية التوافق والزاميته كمعبر نحو جلسة مثمرة. رافضاً في الوقت ذاته ما يُقال عن ضغوط قد تُمارس من جهات معينة لتوجيه الاستحقاق الرئاسي في اتجاه معيّن، ونقل عنه قوله ما مفاده: «إذا كان ثمة مَن يحاولون أن يضغطوا علينا في هذا الاستحقاق، فلسوف يعلمون من هو نبيه بري».

زحمة موفدين

إلى ذلك، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، أنّ بداية السنة الجديدة قد تشهد زحمة موفدين للمساعدة في حسم الملف الرئاسي ودفع الأطراف إلى التوافق، وخصوصاً بعدما تبين للجميع انّ احتمالات التوافق من الداخل ضعيفة إن لم تكن منعدمة».

واستوضحت «الجمهورية» مرجعاً معنياً بشكل مباشر بالملف الرئاسي عن جنسيات الموفدين، فقال: «القطريون حاضرون وموجودون ويتابعون اتصالاتهم مع الاطراف، وثمة إشارات جدّية حول زيارات لموفدين عرب وغربيين ربما في الساعات او الأيام المقبلة، ولكن لا مواعيد رسمية حتى الآن. وقد يأتي أيضاً، الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، وإنْ حضر فسترتدي زيارته عنوانين أساسيين؛ الملف الرئاسي، والملف الجنوبي في ظلّ الخروقات الإسرائيلية التي تتدرّج بوتيرة تصاعدية منذ الاعلان عن اتفاق وقف اطلاق النار قبل نحو شهر».

إلى ذلك، علمت «الجمهورية» من مصادر موثوقة، انّ مداولات تجري على مستوى اللجنة الخماسية للقيام بما سمّاه أحد سفراء اللجنة، جهداً مساعداً لدفع القوى السياسية في لبنان إلى الاستفادة من فرصة الانتخاب المتاحة في 9 كانون الثاني. وقد يأخذ هذا الجهد شكل التحرّك المشترك عبر السفراء الخمسة، او التحرّك الإفرادي لبعض السفراء لتحقيق الغاية المرجوة التي دفعت اليها اللجنة منذ بدء تحرّكها».

لعبة أوراق مستورة

وفي انتظار تبلور حركة الجهود سواء عبر «الخماسية» او الموفدين، فإنّ اطراف الملف الرئاسي مستغرقة في ما تبدو انّها في لعبة الأوراق المستورة، حيث أنّ كلّ طرف «نايم على مرشح»، والمداولات التي تجري بصورة غير رسمية، على ما يقول مصدر رفيع لـ»الجمهورية»، أشبه ما تكون بمحرقة أسماء قبل الاتفاق على مبدأ انعقاد الجلسة الانتخابية وتوفير نصابها القانوني (86 نائباً انعقاداً وانتخاباً).

ويجزم المصدر عينه، أن لا جديد على صعيد بورصة الأسماء المدرجة في نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية، حيث لا أسماء زائدة على الأسماء المعروفة والمتداولة في الأوساط السياسية ومنهم قائد الجيش العماد جوزف عون، رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، الوزير السابق زياد بارود، السفير جورج خوري والخبير المصرفي والمالي سمير عساف وغيرهم. والأمر المشترك بين هؤلاء هو أنّ لكل من هذه الأسماء مقبولية لدى أطراف سياسيين، واعتراضاً عليه من قبل اطراف أخرى، إلّا انّ اياً منهم لم يقترب حتى الآن 

من أن يكون جاذباً لأكثرية الأطراف للتوافق عليه وترجيح فوزه برئاسة الجمهورية. وهذا الامر متروك لحسمه في حركة الجهود والاتصالات في الفترة السابقة لجلسة 9 كانون الثاني.

لا تعديل للدستور

على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق، ما جزمه مسؤول كبير لـ»الجمهورية» بأنّ فكرة تعديل للدستور ليست مطروحة على بساط البحث الجدّي، بل انّها لم تكن مطروحة اصلاً، بل تمّ تداولها في الإعلام في ما خصّ ترشيح قائد الجيش لجهة انّه يوجب تعديل المادة 49 من الدستور.

وإذا كانت أوساط سياسية تعتبر أنّ عدم تعديل الدستور يُعدّ بمثابة قطع للطريق الرئاسي امام العماد جوزف عون، فإنّ مصادر اخرى تدرج عدم تعديل الدستور في سياق تسهيل ترشيح قائد الجيش، يتقاطع مع ما يُقال عن مساحة دعم داخلي وخارجي واسعة لوصوله إلى رئاسة الجمهورية. إلّا انّ ما اعتُبر تسهيلاً، يصطدم بدوره بما هو أصعب من عقدة تعديل الدستور التي رُبط بها ترشيح قائد الجيش من البداية، حيث تشير معلومات موثوقة جداً لـ«الجمهورية» إلى أنّ هذا «الصعب» يتجلّى في توجّه مجلسي بإبقاء اسم قائد الجيش مدرجاً في نادي المرشحين، وفوزه برئاسة الجمهورية مشروط بنيله في دورة الإنتخاب الاولى 100 من أصوات النواب. وفي حال لم يحصل على هذه النسبة يُسحب اسمه من بين المرشحين في الدورات الانتخابية التالية للدورة الاولى.

يُشار هنا، إلى أنّ طرحاً مشابهاً قد تمّ تداوله في أوساط سياسيّة مختلفة، ويفيد باستمرار قائد الجيش بين المرشحين لرئاسة الجمهورية، على أن يكون فوزه رهناً بنسبة الأصوات التي يحوزها في دورة الانتخاب الأولى، أي 86 من اصوات النواب (أي الثلثان من أعضاء المجلس النيابي)، ففي هذه الحالة فقط يُعلن فوزه برئاسة الجمهورية، اما في حال لم ينل الثلثين في الدورة الأولى، لا يعود له مكان في السباق الانتخابي في دورات الاقتراع التالية.

ورداً على سؤال لـ«الجمهورية»، قالت مصادر مجلسية: «مثل هذا التوجّه ينبغي الّا يُفسّر على أنّه لمصلحة أحد أو ضدّ مصلحة أحد. فليس هناك موقف ضدّ أحد او مع أحد، هناك دستور وسيتمّ الالتزام بمندرجاته وأحكامه».

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا