بعد واحد وعشرين يوماً، تنتهي فترة الستين يوماً لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب بموجب الاتفاق المبرم لوقف الحرب. وتلوح ثلاثة سيناريوات في الأفق هي: الأول، التزام إسرائيل الانسحاب استجابة لضغوط أميركية وفرنسية. وهذا السيناريو مستبعد حتى الآن في ظل استمرار “حزب اللّه” بعرقلة الخطوات التي يقوم بها الجيش اللبناني لتفكيك ترسانة “الحزب” العسكرية جنوب الليطاني. وهو لا يتجاوب ويستمرّّ بالمراوغة والتحدّي، علماً أنه كان أول الموقّعين على “اتفاق الذل” كما يسمّيه كثيرون.
السيناريو الثاني، يرتكز على انتخاب رئيس للجمهورية يتبعه تمديد لمهلة الستين يوماً لإفساح المجال أمام قرارات أساسية. حتى أن هناك إشارات أميركية جدية حول وجود نية أميركية وإسرائيلية لتمديد المهلة بمعزل عن انتخاب الرئيس، وذلك لإفساح المجال أمام تطبيق فعلي للاتفاق وإلزام الحكومة اللبنانية “حزب اللّه” تسهيل مهمة الجيش واليونيفيل.
أما السيناريو الثالث، فهو عدم انسحاب إسرائيل وقيام الأخيرة باستكمال تفكيك ترسانة “الحزب” بالقوة، ما معناه عودة التصعيد والعمليات العسكرية. وسيعمل الموفد الأميركي آموس هوكستين على تفاديه خلال زيارته بيروت. كما أنه من المتوقع أيضاً أن تنقل إسرائيل رسالة إلى الولايات المتحدة بأنها لن تسمح لسكان القرى اللبنانية القريبة من الحدود بالعودة إلى منازلهم.
بالانتظار، حصل الأخطر بالنسبة إلى انسحاب إسرائيل ومسألة الحدود، وجاء بتوقيع لبناني مبرم وتحديداً من “حزب اللّه”. فالخريطة المرفقة باتفاق وقف إطلاق النار الذي أقرّه مجلس الوزراء في 27-11-2024، توضح الحدود بين لبنان وإسرائيل وسوريا، بما في ذلك المناطق المتداخلة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية والجولان السوري المحتل. وقد قامت مصادر عسكرية خبيرة بقراءة تحليلية للخريطة بكامل أبعادها، وجاءت القراءة صادمة:
1. الخط الأزرق: يشير إلى الخط الذي حدّدته الأمم المتحدة بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000. ولا يمثل هذا الخط الحدود الدولية، بل هو خط ترسيم أمني.
2. مزارع شبعا: تقع على الحدود بين لبنان وسوريا، ولكنها تحت السيطرة الإسرائيلية منذ حرب 1967. وتظهر الخريطة المزارع ضمن السيطرة الإسرائيلية مع أنها منطقة متنازع عليها بين لبنان وسوريا.
3. الجولان السوري المحتل: يظهر الجولان بوضوح ضمن الأراضي الإسرائيلية وفق الخريطة، وقد ضمّته إسرائيل عام 1981. لكن المجتمع الدولي لم يعترف بقرار الضمّ الإسرائيلي.
4. المسافات من الخط الأزرق: تبرز الخريطة خط 1949 (خط الهدنة) كفاصل بين سوريا وإسرائيل. وتوضح الخريطة نطاق مسافات (5 كم، 10 كم، 15 كم، إلخ) على جانبي الحدود، ما يشير إلى مناطق تعتبر ذات أهمية أمنية.
ملاحظات إضافية
الخط الأحمر: يبدو أنه يمثل تحديثاً مقترحاً أو افتراضياً للحدود، مع مناطق يمكن أن تكون محل نزاع مستقبلي.
السيادة الإسرائيلية: تؤكد الخريطة السيطرة الإسرائيلية على الجولان ومزارع شبعا.
إذاً، تعتبر الخريطة المرفقة باتفاق وقف النار ، جزءاً لا يتجزأ من الاتفاق ومن قرار مجلس الوزراء، وما لم يدرج ضمن الاتفاق صراحة، تم إدراجه في الخريطة، وتكريس مزارع شبعا ضمنياً ضمن السيادة الإسرائيلية مع الجولان.
من هنا، لا داعي لأهل المحور والممانعة مهاجمة النائب السابق وليد جنبلاط عندما قال إن مزارع شبعا سورية والمزايدة عليه. فما ارتكبوه شنيع. ومع انتهاء مهلة الستين يوماً، وما بعد الستين يوماً، سيظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
نخلة عضيمي – نداء الوطن