حكومة العهد الأولى: القرار 1701 والانتخابات

0
8

كبريال مراد – نداء الوطن – كلّ المؤشرات أمس كانت تؤكد أنه اليوم المنتظر ليصبح القائد الرابع عشر للجيش اللبناني جوزاف عون، الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية. وفي الصباح الباكر، ازداد وجود لواء الحرس الجمهوري في محيط مجلس النواب. وأكدت المشهدية أن البرلمان على بعد ساعات من جلسة إنهاء الفراغ الرئاسي المستمرّ منذ سنتين وشهرين.

قضي الأمر، وبقيت التخريجة النهائية لتأمين الأصوات الـ 86 المطلوبة. فتحرّك النائب علي حسن خليل منذ الصباح بين النواب، واجتمع مع السفير السعودي وليد البخاري، وفتح خطاً مع «الوفاء للمقاومة». لكن «الضمانات» التي يطلبها الثنائي الشيعي بقيت بحاجة إلى مزيد من البحث، فترجم الثنائي تصويته في الدورة الأولى من خلال ورقة بيضاء، تحوّلت لاحقاً إلى تسهيل للانتخاب بعد مشاورات «وجهاً لوجه» بين عون والثنائي بين الجلستين، تعلّقت بالمرحلة المقبلة، لا سيّما مسألة الحكومة والتمثيل فيها، وإعادة الإعمار، والتعاون المستقبلي بين الجانبين.

وسرت معطيات في الأيام الماضية على أن حكومة العهد الأولى ستشكّل من تكنوقراط، تكون مهمتها الأساسية تطبيق القرار 1701، والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة. وهو ما دفع «الثنائي» إلى طرح تساؤلات حول حصّته الوزارية، وما إذا كان سيحتفظ بحقيبة المالية. وتشير المعلومات إلى أن «الحل الوسط» تمثّل بأن «الحصص الوزارية» ستكون بحسب التمثيل النيابي من دون إقصاء لأحد. وبالتالي، فمن حق «أمل» و»حزب اللّه» التمثّل بحقيبة سيادية، لكنّ نوعها يترك للاستشارات النيابية. أما إعادة الإعمار، فمن الطبيعي ألا تتأخّر مع الدعم الخليجي الذي سيواكب العهد الجديد.

وردّ النائب قاسم هاشم على سؤال «نداء الوطن» قبيل بدء جلسة بعد الظهر بالقول «مشي الحال». وقد تزامن ذلك مع وصول عائلة «القائد الرئيس» إلى مجلس النواب. فشكّل هذا الحضور إشارة إضافية إلى أن الانتخاب قد نضج، وأن قسماً من أوراق الثنائي البيضاء، سيحمل اسم جوزاف عون، فتضاف هذه الأوراق إلى الأصوات المطلوبة لتجنّب الطعن.

وترافق اكتمال التوافق النيابي مع نشاط السفير السعودي على خط الحلحلة. وشوهد يتنقّل في أروقة المجلس، بينما كان الموفد الفرنسي جان إيف لو دريان يتناول الطعام ويشرب القهوة، في أحد المقاهي القريبة من ساحة النجمة.

«التيار» ضد «الضابط الأفضل»
بقي «التيار الوطني الحر» خارج التوافق، «معترضاً على تجاوز الدستور»، بعدما أسهم عام 2008 في وصول العماد ميشال سليمان إلى الرئاسة، من دون تعديل الدستور. واللافت، أنه وبعدما قال الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، للقريبين منه، يوم تعيين جوزاف عون قائداً للجيش «لقد اخترت أفضل ضابط في المؤسسة العسكرية»، برمت السياسة دورتها، فصوّت نوّاب «التيار» ضدّه بورقة «السيادة والدستور»، بينما كان اللواء جميل السيد يقول قبل الجلسة لسائليه «إننا هنا للتصديق على تعيين خارجي لرئيس الجمهورية اللبنانية».

مع وصول الوفود الدبلوماسية، كان نوّاب يتحدّثون قبل الجلسة عن «حكم القناصل». وعندما سئل النائب ميشال ضاهر عن الأمر قال: «هذا ما جنيناه على أنفسنا». وصوّت ضاهر إلى جانب زملائه في «اللقاء التشاوري النيابي المستقل» لمصلحة عون. وأكد النائب جورج عدوان لسائليه: «سيكون عندنا رئيس اليوم».

على هامش الجلسة، حضرت مسألة أخرى في نقاشات النوّاب، وهي الحاجة المستمرّة إلى تعديل الدستور، أو تخطي التعديل. وهو ما دفع أحدهم إلى القول: «القانون الذي لا قدرة على تطبيقه يصبح شعاراً، فهل سنستمر على هذا المنوال؟».

وفي دردشة، استذكر عدد من النوّاب ما ردّده الوزير السابق كريم بقرادوني الذي عاصر عدة عهود، بقوله «عندما يزداد التوافق الداخلي، يتراجع التأثير الخارجي، وعندما ينخفض التوافق الداخلي، ترتفع قدرة الخارج على التدخّل في الاستحقاق الرئاسي». وهذا ما حصل.

بين الدورتين الأولى والثانية، قرابة الساعتين استغرقهما التشاور الذي لم يشمل كل الكتل، إنما تركّز على خط الثنائي الشيعي وعون، والدبلوماسيين الحاضنين للتوافق الرئاسي.

ومع بدء الاقتراع في الدورة الثانية، مدّت في ساحة النجمة السجادة الحمراء التي يدخل عليها الرئيس المنتخب إلى البرلمان.

وجهّزت المراسم وموسيقى الجيش. بعد دقائق، صفّق الجميع عند وصول الرئيس عون، ليبقى الأمل بالتصفيق للعهد بعد ترجمة وعوده. فهي مرحلة صعبة من تطبيق قرار وقف الأعمال العدائية، وإعادة الإعمار، وتثبيت الاستقرار، ومعالجة مسألة سلاح «حزب اللّه»، وإعادة هيكلة المصارف والقطاع العام، وإيجاد حلّ لمسألة الودائع المصرفية. تحدّيات، تعهد الرئيس بمعالجتها، فهل ستساعده الظروف الخارجية والداخلية على تحقيقها؟

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا